وادعةٌ في أحضان جبال شحب بمحافظة رجال ألمع عسير
 
“فقوة” قرية حافلة بالإرث العمراني العريق الضارب في أعماق التاريخ

صحيفة عسير ( خاص ) – جولة وتصوير: محمد أحمد آل جابر

تزخر منطقة عسير بالعديد من المعالم التاريخية العتيقة والتي تدل على قدم وعراقة هذه المنطقة ولعل ما يميّز منطقة عسير عن غيرها هو ما يجده الزائر من تنوع في تراثها..إن المتنقل بين محافظات وأحياء وقرى منطقة عسير ليرى مالا يراه من منطقة لأخرى ٠

وهناك في الجنوب الغربي لمنطقة عسير وتحديداً في محافظة رجال ألمع توجد العديد من المعالم التاريخية المعمارية التي لا زالت تحتفظ بتفاصيلها ٠وتعتبر قرى شحب غربي محافظة رجال ألمع من أغنى قرى محافظة رجال ألمع بالمعالم التاريخية العمرانية والمعمارية العتيقة، وبمعية الأستاذ جابر بقيش الذي رافق صحيفة عسير إلى قرية فقوة -إحدى قرى شحب التراثية-وكان في استقبال وفد الصحيفة الأستاذ فيصل علي مهدي وأسرته والوالد سعود بن مهدي وكان استقبالاً حافلاً بالمتعة تجسدت في ثناياه التقاليد والأصالة وكرم الضيافة..

ابن مهدي :

جملة من الحصون الأثرية والينابيع الطبيعية..!

وفي لقاء تعريفي بقرى فقوة تحدث الوالد سعود بن مهدي قائلا(قرى فقوة إحدى قرى قبيلة بني عبد شحب وتتبع لمحافظة رجال ألمع إداريا٠ويوجد بها العديد من الحصون الأثرية والقصاب الحربية والبيوت السكنية والعديد العديد من المدرجات الزراعية ويوجد بها مسجد أثري قديم ومسجد حديث ويوجد بها أيضا عدة قبور أثرية قديمة جداً ويوجد بها ينابيع طبيعية كذلك (وبجانب أكثر تفصيلا ذكر) أن من أهم الحصون السكنية والحربية القديمة جداً حصن آل عابس وحصن آل بن أحمد بن زغلول وحصن آل مسفّر وحصن آل رُبّان وحصن آل الباشة وحصن إم شعف لآل مصلح وحصن إم كري وحصن آل مسعود وعدد اخر من الحصون والقلاع ..

(القصيب) أسرار ومسميات..!

وعن القصبات الحربية قال:
يوجد قصبتين حربيّة واحدة منها تسمى قصبة ام سِر نسبة للمكان الذي تقع فيه ، وأما القصبة الأخرى فهي قصبة آل مشلوي وهي تلي قصبة إم سِر في الأهمية فذكر توجد بيوت سكنية عديدة مثل بيوت آل مخاتم وغيرها..

مسجد (فقوة) جامعة للعلم والتنوير منذ قرون..!

وعن المسجد القديم ذكر بأنه توارث مشافهة عن آبائه بأنه يعُد أقدم مسجد في المُحافظة وأنه قد شهد صلاة الجماعة فيه وهو يتسع لقرابة الخمسين وأن من الخطباء والأئمة الذين تولوا الخطبة والإمامة في مسجدي فقوة وهم؛ راعي بن مسوِّد آل مريّع ومانع بن أحمد وعلي جحلان ومحمد بن مسوي آل مخاتم وأحمد الباشة٠وأفاد بأن هذا المسجد قد تم الاستغناء عنه تماماً بمسجد آخر بني بالطريقة الحديثة وهو المسجد الذي بني بمقربة منه ٠وعن الزراعة قال :هناك المزارع التي تسقى بواسطة الأمطار ويطلق عليها (عثّري)ونقوم بحرث هذه البلاد بواسطة الثيران ونقوم بزرع البر،والذره،والشعير،والدخن٠وأشار إلى مزارع تسقى بواسطة الأشخاص مثل البن وغيره٠وعن المقابر الأثرية والقديمة يقول (يطلق عليها آباؤنا اسم مقابر الصِّيغ وتكون مقابر جماعية في الغالب )وعن العيون يقول الوالد سعود هناك عيون تنبع في وادي حياد بفقوة يطلق عليها عيون لحج موجودة٠

الباحث الألمعي..

إبداع في البناء وريادة في الكرم والقيم والتقاليد..
وإرثها العمراني شاخت حصونه وتهدمت وفي طريقها للطمر والاندثار..!!!

وفي حديث خاص للباحث المهندس عبدالرحمن يحيى حسكول الألمعي جاء فيه(فقوة إحدى قرى قبيلة بني عبد شحب ويرتبط اسم آل فقوة مع إخوتهم من عشيرة آل قفيل ارتباطا وثيقا إذا يطلق عليها (المجاذمة)ويعود نسبهم إلى زعبان بن لباخة زويكان بن زرعة بن سبأ الأصغر كما تشير المخطوطة التي بحوزتي ومكوثهم في رجال ألمع قبل ما يقارب ١٢٠٠سنة وآل فقوة أشهر من يصفهم واصف فهم أهل الكرم والجود حتى أن هناك بيتا من الشعر يتغنى به أهالي قرى شحب وهذا البيت فيما يقال أنه منسوب لهاجس من الجن تغنى بكرم أهل فقوة فقال؛(وطلعت ويلى فقوة من حيث هال للجود هقوة والصحن كأنوه ركيّة)ويجد الزائر لقرى فقوة الإبداع الرباني ويشعر المتنقل بين أرجائها بالهدوء والسكينة وفقوَة بفتح الفاء وسكون القاف وتتميز هذه القرى بإطلالتها على وادي ريم ويوجد بها قصبتين والعديد من الحصون ويوجد بها بيوت سكنية قديمة وبها مقابر مبنية أو كما يقال لها مقابر شمسيّة وبها الكثير من المدرجات الزراعية ويوجد بها مسجد أثري قديم ٠وشرح الباحث تلك الحصون قائلا:
إن هذه الحصون والقلاع التاريخية العتيقة بجانب توفيرها للحماية لعبت دورا هاما بالتعريف بتاريخ الأرض والإنسان فحصن آل عابس والمشرف على سِر فقوة بني بدقة هندسيّة دفاعية وسكنية مدهشة فتجد هذا الحصن قابعا في موقع يشرف على المدرجات الزراعية من جهة ومن جهة أخرى تجده يشرف على مآتي البيوت السكنية المجاورة له إلى جانب هذا فهو يعتبر مؤازرا لباقي الحصون المجاورة وهذا الحصن يتكون من عدة طوابق وفي كل طابق يوجد منافذ وتوجد المنافذ في ثلاث واجهات فقط وذلك لأن الواجهة الرابعة والتي تعتبر ظهرا للحصن لا تحتاج إلى تحصين كون الواجهة الرابعة محصنة طبيعيا وهذا الحصن كونه يشرف على جميع ما ذكرنا فقد حظي بأهميّة بالغة لسكان جبل فقوة وعلى غرار هذا الحصن هناك حصن آل بن أحمد بن زغلول وهو لا يقل أهمية عن حصن آل عابس وعلى غرار هذين الحصنين هناك حصن الكري وهو لا يقل أهمية عن سابقيه ويتميز هذا الحصن عن سابقيه أن مدخل هذا الحصن ليس إمتدادا للفجوة التي في المنتصف وإنما يوجد مدخل بعد نصف متر وهي فجوة المنتصف ثم يكون المدخل يمينا من بعد الفجوة نصف متر والدخول يمينا مترا كاملا ويوجد قبل المدخل مخرجين للضرابات بمعنى لن يستطيع أحد هدم هذا الحصن بأي آلة إذ ليس المدخل على مد بصر النظر وإنما تحتاج للدخول نصف متر ثم تنعطف يمينا بمقدار متر،وسبب تحصين هذا الحصن بهذه الطريقة وقوعه في ملتقى الطرق أولا وثانيا أنه في مدخل القرى ٠وعلى غرار ما مضى حصن آل مسعود إلا أنه يمتاز بأنه الأكثر طوابقا من سالفيه ويمتاز أيضا بتحصينه الطبيعي إذ يوجد في خلفه جبل منيع ٠وأما بقية الحصون مثل حصن آل مصلح وحصن آل الباشة وحصن آل مسفر وحصن آل رُبان فهي حصون مؤازرة للحصون سالفة الذكر وتتميز هذه الحصون المؤازرة بجمالها وطريقة بنائها الفريدة التي تضفي عليها نوعا من الروعة عند النظر إليها وأما عن القصبات فقال (قصبة الحلف أو قصبة شحب أو قصبة فقوة حيث يوحي هذا البناء للغير المتربص حقيقة الأمر وحقيقة المواجهة والمآل فيما لا يتسع بعد ذلك للإعتذار وشرح الأسباب وهذه القصبة لا يمكن دخولها الا بواسطة سلم إذ أن المدخل لها يرتفع عن الأرض مسافة المترين والنصف وعلى غرار قصبة الحلف أقيمت قصبة آل مشلوي وهي قصبة دفاعية ولكنها أقرب إلى القلعة من وصفها بقصبة٠وعن المسجد قال: إننا لا نستطيع الجزم بقول أن جامع جبل فقوة هو أقدم جامع في المحافظة وذلك لأنه لا يوجد لدينا غير المشافهة المتواترة وإن الثابت في المراجع التاريخية أن أقدم مسجد بني في رجال ألمع هو مسجد قرية رُجال وكان بناؤه عام ٧٣٢هـ ومع ذلك فإن مسجد قرى فقوة يعتبر أقدم جامع لا زال قائما في المحافظة حتى الآن والعبرة بما زال لا بما كان،وهذا الجامع بني على الطريق التقليدية بالحجر والطين وإن الجامع لا يزال إلى الآن محتفظا بتفاصيله القديمة فيوجد بداخله المحراب القديم وأربعة أعمدة تقوم بحمل خشب السقف من معادل وغيرها ومما أدهشني في ذلك الجامع طريق المواضي وأماكن الطهارة حيث يوجد في بهو المسجد بناء حجري يبلغ إرتفاعه النصف متر يعلو هذا البناء مصوغ من الصين صلب كصلابة الفخار هذا المصوغ به أربعة أحواض منها واحد يقوم بتغذيتها في حين تم سكب الماء فيه ويخرج الماء منه عبر مسار صغير لا يتجاوز عرضة أربعة سنتيمترات ليغذي بقية الأحواض التي يتوضأ منها المصلون ويتدفق الماء ليغذي أماكن الطهارة حيث يوجد مسار للمرحاض الأول من الحوض الأساسي أما المرحاض الثاني فعند إمتلاء باقي الأحواض ينساب الماء ليغذيها ويالها من دقة هندسية بارعة ويوجد بركة أرضية تتغذى على ماء السقف عن طريق مسار طيني مصوغ ويقوم أحد الأشخاص بنزح الماء من البركة في الحوض الرئيسي ليتوضأ من يريد الوضوء ويتطهر من هو بحاجة للطهارة،ومما أدهشني حقا رؤية أروقة قديمة في بهو المسجد وهذه الأروقة وضعت للإجتماعات الطارئة ولمناقشة أي موضوع طارئ بعد الصلاة وهنا يتجلى إحترام المسجد فلا يناقش أي موضوع غير مواضيع العبادة بهذا الجامع وعن العيون الموجودة بوادي حياد فقال :
من الطبيعي أن تكون تلك العيون متدفقة لوقتنا هذا إذ إن هذه القرى لم تتعرض لما تعرضت له باقي القرى من ضرر المعدات الثقيلة وقطع مايسمى بعروق المياة الدقيقة ٠

الشيخ ابن مجم ..

جميعنا نستشعر الفارق بين ماضي المحافظة وحاضرها.. و الدعاء لقيادتنا الرشيدة الذي طالت خدماتها كل أطراف الوطن..

و في الختام التقت صحيفة عسير الإلكترونية بشيخ قبيلة بني عبد شحب ؛الشيخ سلطان بن علي بن سعيد بن مجم والذي قال :
جدير بنا أن نحمد الله سبحانه وتعالى وأن نستشعر الفرق بين حياة أبائنا وأجدادنا وما شهدوه من شظف العيش وما نعيشه الآن في ظل هذه القيادة الحكيمة الراشدة من رفاهيّة ومن نعم لا تعد ولا تحصى وأشاد شيخ القبيلة بجهود محافظ رجال ألمع الأستاذ صالح بن فردان وما يبذله من جهود تجاه القرى و الهجر في المحافظة كما دعا الله سبحانه وتعالى أن يقي هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين من كل شر وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان ٠

وفي حديث خاص للشيخ إبراهيم سلطان -والذي دعا أهالي قرى فقوة للحفاظ على هذه الآثار ومحاولة ترميم ما تهدم منها متمنيا أن تكون هذه الحصون وغيرها موافقة و مواكبة لرؤية 2030 ؛ وفي نهاية التقرير فقد شكر أهالي قرى فقوة صحيفة عسير على هذه الإلتفاتة الجميلة والموفقة بإذن الله٠

>

شاهد أيضاً

إعلان

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com