هيئة مغادرة… وكالة قادمة

علي القاسمي

كتبت في لحظة فائتة أن هيئة توليد الوظائف ستكون محاطة بطموحات الذين تجرعوا مرارة البطالة وعانوا الأمرين في سبيل الحصول على وظيفة، فكانت الهيئة منذ لحظة الولادة محط الأنظار وبمثابة العلاج المنتظر لصداع البطالة وانسحاباتها على أكثر من صعيد. كان الحلم الأكبر أن تكون الهيئة اسماً على مسمى لكنها غادرت بهدوء لتحل محلها أو تزيحها بمعنى أدق وكالة جديدة بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية تحت مسمى «وكالة شؤون توظيف السعوديين في القطاع الخاص» لتحمل الوكالة-في ثوب جديد- العبء والطموح إنما بتنظيم وجهود موحدة تأخذ بيد الطموحات لمنصات مختلفة.

الهاجس الكبير الذي يلاحق مشكلة البطالة منذ زمن طويل يدور حول مفردتي التوطين والتوظيف وهما مفردتان سكب عليهما ما يكفي من الأحبار ولم نتوقف من أجلهما عن عقد ورش العمل والمؤتمرات وتقديم التوصيات التي تبهرنا في مطلعها وإطلالتها لكنها تختفي بعد ذلك لتختطفها المعوقات وتسحبها حبال التأجيل لطريق مسدود، لنكون الآن إزاء الحقيقة الصادمة، والمعادلة معقدّة الحل حتى هذه اللحظة وهي أن أعداد الباحثين عن العمل وصلت إلى مليون ومئتي ألف من الجنسين.

وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في مواجهة لن تكون سهلة على الإطلاق، ومتى ما كانت البداية محاطة بالشفافية وطرح الحكايات والتفاصيل من دون توجس أمكن أن نتفاءل ولو بالحد الأدنى في أن المشاريع الوطنية المستقبلية لخنق البطالة هي مشاريع بنتائج ممكنة القياس وملموسة النتائج وستقلص من أعداد الباحثين عن العمل شيئاً فشيئاً ومن المعلوم أنه لا يمكن تحقيق قفزة عالية إزاء نسبة البطالة في ظرف وجيز، ولكن لعل وزارة العمل مع إطلالة هذه الوكالة تضع مدة زمنية لترتيب الأوراق في هذا الملف الشائك وتنطلق بعدها لتقول ماذا يمكن فعله بالضبط؟ وتجيب بصدق عن أسئلة الجدل والصداع التالية: هل يمكن في زمن محدد قريب أن نتوسع في التوطين الوظيفي المشبع بالأمن في الوظيفة المتاحة؟ وهل كانت جهودها وجهود جهات أخرى في حيز التقصير والتراخي لسنوات فائتة وأخذها الإحباط في التفاعل مع الأرقام المربكة وإحداث الفارق في المساحات الوهمية.

الوكالة الطازجة ستعلق عليها آمال علقت على أكثر من جهة ولكنها باءت بالفشل ولا عيب أن نقول بذلك، بل العيب أن نتحدث عن الفرص ونجاح الخطط وجمل التطمين في مقابل السعودة الوهمية وانعدام الفرص على الواقع وارتفاع نسب البطالة وتشابك معوقات التوطين. على وكالتنا المحملة برصيد من الأهداف وحمل ثقيل من التخصصات أن تنزل للميدان وتقرأ الواقع في شكل دقيق وتسمع أكثر من ما تقول ولو في البدايات والأهم أن تحاول جمع ما توصلت إليه هيئة توليد الوظائف- المغادرة من ساحة الحل- فلعل شيئاً من طموحها يساعد في توفير جهود يمكن أن تعاد بعثرته ونثره.

لم يبق في السطر الأخير إلا الدعاء المتواصل بأن نسمع عن نجاح لافت ومبهر لهذا الملف الوطني الشائك فعلاً ونتحدث بحماسة عن توطين وظيفي لا يربك أو يستفز وعن نسب بطالة نقهرها ولا تقهرنا.

>

شاهد أيضاً

الكتب السماوية

بقلم / سميه محمد الكتب السماوية هي التي أنزلها الله من فوق سبع سموات على …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com