الحلقة الخامسة والأخيرة من آليات تطوير التعليم ..

صحيفة عسير :

أ.د عبد العزيز بن عمر القنصل
رئيس قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة –

جامعة الملك خالد –

18 – وضع الرجل المناسب في المكان المناسب في المنظومة التعليمية: في الأصل أنّ الرجل المناسب يجب أن يكون في المكان المناسب في كل مكان، هذا إذا أردنا التقدم والنمّو، لكنه في المنظومة التعليمية أكثر أهمية، وفي الحديثِ: إذا أُسنِد الأمرُ إلى غير أهله فانتظر الساعة، الناحية التعليمية يجب أن تكون بعيدة كل البعد عن المحسوبيات، والمصالح الشخصية، إنّها الأمانة التي نأت عن حملها الجبال الرّواسي، إنّها أمانةٌ دينية، أمانةٌ علمية، ووطنيّةٍ، وخلقية، والمعلّم هو المؤهِّل لأبنائنا ليكونوا أطباء، ومهندسين، ومفتين، ووطنيين، وغير ذلك، فإذا كان المعلم أو الموجّه غير مؤهّلٍ لمنصبه الذي وُضع فيه فلا تنتظر جودة المخرجات؟ لقد مرّ معنا سابقاً أن المعلم قدوةً للطلاب، فإمّا أن يكون قدوةً حسنةً، أو سيكون قدوةً سيّئةً، والرجل الغير مناسب سيكون همّه جمع المال على حساب الناحية التعليمية، إما بتقاضيه الراتب دون أن يقدم شيئاً يذكر ويشكر، أو بعقد دوراتٍ تعليمية تجاريّة تقدمها مؤسساته الخاصّة، أو مؤسّساتٍ تخصُّ أحد أقاربه، لا يجني منها المتعلم إلاّ ضياع الوقت والمال، والتعرف على بعض المشاركين معه تلك الدورة التي خرج منها كما دخل فيها إلاّ زيادةً في وزنه من المعجنات.
19 – مباني التعليم يجب أن تكون مهيأةً للطلاب: مباني المدارس يجب أن تكون عصرية، متطوّرةٌ، تشجّع الطلاب على الحضور، بأشكال وتصاميم مختلفة عن بعضها البعض، يستحسن ألاّ تكون على شكل واحدٍ، إلاّ الألوان التي ينبغي أن تكون فاتحةً، وفناء المدراس يجب أن يكون مزروعاً بالخَضارِ، إما طبيعية أو صناعية، والبوفيه مرتّبٌ وعصريٌ وكأنّه بوفيه خمس نجوم، يتعلم فيه الطلاب أدب الطعام، والتوفير، ويدفع قيمة ما يشتريه بسعر رمزيٍ، والكراسي ينبغي تغييرها وتلبيسها لأن الكراسي الخشبية غير مريحة تشتت التركيز لدى الطلاب، كما يجب أن يكون هناك صيانة دورية للمدراس، فيدخل عمال الصيانة للمدرسة فور خرج الطلاب منها، فيأتي الطلاب اليوم الثاني والمدرسة بكامل زينتها وجمالها، خاصةً درات المياه أكرمكم الله، وينبغي أن تكثر الجدران الزجاجية بدلاً من الاسمنتية وكأن مدارسنا معتقلات، كما يستحسن أن تكون الفواصل بين الفصول قصيرة لا تصل للسقف، ويجب أن يتعلم الطلاب من المراحل الأولى حتى الثانوية الهدوء التام في تلقي العلم والتجاوب مع المعلم، لأنك قد تصاب بالهلع حينما تمر بجوار مدرسة من المدراس فتسمع صراخ الطلاب في الفصل يسمع من مسيرةِ كذا وكذا وهم يردّدون: زرع وحصدا، خبز وأكل، فكيف بربك يأتي الإبداع وسط هذا الضجيج؟!!.
20 – إبعاد المؤسسات التعليميّة عن أي جدالٍ سياسي أو اقتصادي أو فكري: المدارس الحكومية والأهلية من المراحل الأولى إلى الدراسات العليا يجب أن تُجنّب أي جدالٍ واقع في الساحة، سواء كان جدالاً حقيقياً، أو مفتعلاً، يجب أن يكون التركيز على التحصيل العلمي، والعلمي فقط، ولا يسمح بأي حال من الأحوال بنشوءِ أي جدلٍ بين المعلمين، أو الطلاب سياسياً كان ذلك الجدال، أو فكرياً، أو اجتماعياً، أو غير ذلك، ولا أن يسمح بتناقل أي معلوماتٍ، أو توزيع أوراق أو صور خادشةٍ للأدب، أو العرف، أو المسار التعليمي، يجب على إدارة كل مدرسة الاستمرارية في التنويه والتنبيه طيلة الفصل الدراسي، وتكرار التنويه الفصول الدراسية الأخرى على منع الجدال في غير مواد الدراسة، وتنبيه الطلاب على التركيز على التحصيل العلمي، ولا يسمح بنشر أي شائعة، أو تناقل أية معلومات لا تخص المناهج الدراسية.
وفق الله الجميع لكل خير، وأعان المسؤولين على تحمل الأمانة، ورزقهم البطانة الصالحة، ونفع بهم البلاد والعباد، والحمد لله رب العالمين.
هذا وما جادت به القريحة، وأشار به العقل، وتفضّل به الفكر، فإن أصبت فالحمد لله، إن أخطأتُ فأستغفر الله، وحسبي الاجتهاد، ولكل مجتهدٍ نصيبٌ، وإن لم يكن كل مجتهدٍ مصيب .>

شاهد أيضاً

جمعية الثقافة والفنون ببيشة تحتفي باليوم العالمي للمسرح

صحيفة عسير – هياء آل ظافر : احتفلت جمعية الثقافة والفنون بمحافظة بيشة باليوم العالمي …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com