التطوع الكاذب

 

 

يتفنن عشاق الأضواء في رسم سياسة الهنبكة الإعلامية، وإخراج مسرحية وهمية، سيناريو فصولها يقول أن الواقع شي، وما يُقدم على السطح شيء أخر.

كتبت من قبل عن سيناريوا المسرحيات الاجتماعية التي يزول وقعها بزوال الأثر، وكان أخر مقال كتبته بعنوان ” الكذب في حضرة المسؤول ” عن مهرجانات وكرنفالات مثل احتفالات زراعة الشجر ” سدر ” وغيره وقلت أن كثافة عدد العمال الذين يجددون دهانات الأرصفة قبل وصول المسئول كاف لتحديد مساحة الكذبة التي يشارك فيها الوزير والغفير، لأنهم تجرأوا على الله وبالتالي تجرأوا على المسؤول .

في هذا الأسبوع لوحده تابعت احتفاليات وهمية عن يوم المعاقين الذي يصادف الثالث من ديسمبر سنويا ، وعرفت أن كل المعنيين بالمعاقين لا زالوا في غيهم يعمهون ، وأنهم يتاجرون باسم المعاق ويضعونه مجرد لوحة يستفاد منها للتلميع الشخصي، وللغياب عن العمل كواجب والذهاب لمضيعة الوقت الشكلي، دون تنفيذ اللوائح المعتمدة من الجهات العليا لخدمة هذه الفئة الغالية، ودون منح هذه الفئة حقوقها في حدائقنا ومشاريعنا وجوامعنا ومساجدنا، مما يؤكد أن فكرة الصداقة مع ذوي الاحتياجات الخاصة مجرد فصول مسرحية كسروا فيها الجدار الرابع ليشارك على المسرح كل من هب ودب على حساب المعاق وقيمته كإنسان.

ثالثة الأثافي ما حدث في الدفاع المدني بمنطقة عسير، حيث أقيم “يوم التطوع” ، واستخدموا كل وسائل الإخراج المسرحي لتقديم يوم تطوعي شكلي يوحي بأن كل شيء بمواصفات تنعش الخاطر، وتجبرنا على التصفيق لهم في نهاية المشهد بقلوبنا والأكف ، ولكن الواقع شيء، وما تم تقديمه في المسرحية مناف للأخلاق المهنية الصادقة، فالزمن  والمال الذي تم صرفهما على اخراج المسرحية يكفي لتطوير قدرات الأفراد، بالتدريب اليومي العالي الجودة بما يعود على صحتهم في ابدانهم وخبرتهم بالنفع والفائدة ، والتوفيق في الدارين.

من الممكن القبول بهذه المسرحية الشكلية، لو كان هناك برامج لتخفيف أوزان منسوبي الدفاع المدني ، وبرامج تدريب مكثفة وعلى مدار العام على الإنقاذ، والسباحة، والتسلق ،وكل وسائل العمل الموكل إليهم، ولو علم مدير عام الدفاع المدني بكارثة انقاذ شخص سقط في المناطق الوعرة بمنتزه السودة السياحي، وفقد حياته، وحينها قدموا انفسهم كأبطال رغم أنهم أدوا دور متفرج بمهارة فائقة، ولم يتمكن أحد من النزول، وإنما تطوع مواطن بعملية الإنقاذ ، أقول لو علم مدير عام الدفاع المدني بواقع حياة، وخبرة، وقدرات الافراد لرفض احتفاليات أسابيع الدفاع المدني الوهمية، واحتفاليات يوم التطوع الشكلية، ولطلب منهم التركيز على التدريب المكثف، والدوام الجاد لتحليل رواتبهم، ولو علم أن ناطقهم الإعلامي لا علاقة له بالإعلام، وأن مهمته التلميع بالقلم والطبلة لأعفاه فورا مع نقله لمنطقة تناسب خبراته.

التطوع عمل إنساني نصل إليه إذا قمنا بالعمل الأساسي، وحققنا أعلى درجة من الجودة الأدائية، أما إذا كنا نؤدي عمل مهلهل، ونعطل معاملات وحقوق البلاد والعباد، ونهمل التدريب، والتطوير، ونقفز على الأيام الوهمية، والأسابيع الشكلية، فهذا هو الكذب بعينه، وهذه مشكلة متغلغلة في بعض قطاعاتنا، تحتاج للتشخيص والعلاج بالكي.

 

همسه

 

المؤمن لا يكذب!!!

 >

شاهد أيضاً

الكتب السماوية

بقلم / سميه محمد الكتب السماوية هي التي أنزلها الله من فوق سبع سموات على …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com