بين بلقيس، و جاسيندا أرديرن.

 

عندما تكون المرأة، ملكةً ، كملكة سبأ ( بلقيس ) ، أو رئيسةً لحكومة بلادها كجاسيندا أرديرن، فإنا سنرى أن المرأة، أكثر استشعارا لعواقب الأمور، وأبعد ماتكون عن حب المخاطرة، كما هو الحال عادةً عند الرجل الحاكم.
بلقيس ملكة سبأ، جمعت قومها، وأستشارتهم، ثم اختارت بعد ذلك، الخيار الأفضل، والأسلم في نظرها، وهو عدم المواجهة مع الملك سليمان عليه السلام، وجنوده.
وقد ثبت بعد ذلك، بُعد نظرها، وصحة رأيها، وحنكتها الساسية إذ( قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35).

وقد نجت ومملكتها من تلك النتيجة التي توقعتها، في حال اتخذت موقفا عدائيا وحربياً مع نبي الله الملك سليمان عليه السلام.
والآن وبعد هذه القرون المتطاولة، ظهرت رئيسة وزراء نيوزلندا جاسيندا أرديرن،لتواجه موقفاً لايقل في ورطته، وتحدياته، عما واجهته بلقيس سبأ قبل مئات القرون.

لقد اختارت أن تكون رئيسةً قويةً ، وعادلةً ، وإنسانيةً جداً ، مع أحداث قتل المصلين في مسجدين في بلدها، على يد إرهابي مسيحي متطرف.
والجميل أن مواقفها الحازمة ضد من قتل المصلين المسلمين في المسجدين، تتنامى، وتثبت جديتها، وعدلها، وحسها الإنساني الرائع.
في أول تعليق لها على الحادثة المروعة تلك، ظهرت والدموع تترقرق في عينيها، وأثر الصدمة بادٍ بوضوحٍ تامٍ عليها، وعلقت بأنه لامكان للتطرف والإرهاب في بلدها ، وأن من حق المسلمين ممارسة شعائرهم الدينية بأمان، وأمرت بتوفير حراسات على المساجد، لحماية المصلين ، ثم ارتدت الحجاب الإسلامي، وذهبت لزيارة وتعزية ذوي الضحايا، ثم أفتتح البرلمان جلسته بقراءة القرآن الكريم.
كل هذه الخطوات، امتصت غضب الشارع المسلم، الذي كان من الممكن أن ينفجر، ويخرج منه عدد من الأشخاص حاملين أسلحتهم ويذهبون للكنائس في نيوزلندا ،ويقتلون المصلين فيها، ثم كيف تتخيلون العواقب؟
كانت بلادها ستصبح مسرحاً للقتل المتبادل، والإرهاب الوحشي باسم الأديان.
ولقد وجدت نفسي أسأل هذا السؤال قائلةً :
ترى لو أن هذا حصل في أمريكا، أو فرنسا، أو إيطاليا، كيف سيكون موقف رؤساء تلك الدول؟! وكيف سيتعاملون مع تبعات الحادثة المروعة التي حصلت لمسلمين هناك؟.

الصراحة أن نيوزلندا خرجت من مأزق كبير وكارثة عظمى كانت لتحل بها، لولا لطف الله، ثم حسن سياسة رئيسة الوزاء، التي أبدت تعاطفاً حقيقياً وملموساً مع ذوي ضحايا المسجدين، وأشعرت المسلمين، بصدق تعاطفها، ووقوفها معهم، وتصديها بحزم للتطرف الديني، أياً كان انتماؤه.
كانت جاسيندا أرديرن، رئيسةً رائعةً، كسبت القلوب بصدقها، وذكائها، وحسن تصرفها مع ماحصل للمصلين المسلمين في بلادها.

بقلم / عائشة عسيري .>

شاهد أيضاً

الكتب السماوية

بقلم / سميه محمد الكتب السماوية هي التي أنزلها الله من فوق سبع سموات على …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com