انتهت اللعبة

بقلم الكاتب / أحمد صالح الشهري

كما قالها أحدهم قبل فترة معلقا في حسابه التويتري على أحداث الربيع العربي ومبشرا كما كان يتوهم بزوال أنظمة حكم عربية يريد لها أن تستبدل بأناس يتبعون تياره ..نقول نحن اليوم انتهت اللعبة بالفعل ، لكن لعبتكم التي خدعتهم بها الأمة طوال فترة طويلة مستخدمين في ذلك اسما رنانا وبراقا ” الصحوة” في نشر افكاركم البائسة..نعم انتهت اللعبة!

لا نحتاج اعتذارات من أحد. نحتاج بدلا من ذلك لاعتراف من جميع مشايخ الصحوة الذين يعرفون أنهم قاموا بقيادة المجتمع في طريق خاطئة لعقود عدة .نحتاج إلى كلام واضح يخرجون فيه بخطاب موحد واضح يقول نعم لقد كنا مخطئين ونعدكم بالتخلي عن أفكار تلك الحقبة والاتجاه من جديد إلى طريق الحق والاعتدال..مع أن هذا لن يعيد الأعمار التي سرقت من الأجيال التي سلبت سنينها باجتهادات خاطئة لكنها قد تنقذ الجيل القادم على الأقل..

لقد حرمتهم أشياء ومنتجات عصرية كثيرة ثم استخدمتموها حين حتمت مصالحكم ذلك. وحاربتهم القنوات التلفزيونية ثم ظهرتم بها في تناقض صريح مع كلامكم وخطبكم ثم زدتم طين الباطل بلة من التطرف فأيدتم ثورات وفتن في بلدان عربية انتهت بتدميرها وبازهاق أرواح مئات الآلاف من أهلها ومن الشباب الذين اندفعوا للمشاركة فيها كمقاتلين بناء على فتاواكم.. لكن وياللعجب لم تذهبوا بانفسكم ولم ترسلوا ابناءكم إليها..هل كهذا الخداع خداع؟!

الحمد لله أن قطاعا لا بأس به من المجتمع سلم من هذا مصير اتباعكم وانا احدهم بفضل الله. ولهذا أجد نفسي مدين للحظ الجيد بهذه النجاة..وإن كنت قد دفعت كما دفع معي كثير من الذين انتقدوا مشايخ التيار الصحوي ثمنا باهضا من سمعتنا الشخصية ومصالحنا الأساسية لكننا فزنا والحمد لله في النهاية برضا الضمير والراحة النفسية..لم نكره أحدا ولم تصنف أحدا ولم نفسق أحدا، كنا فئة نجت بحمد الله ولهذا نحن اكثر الناس فرحا في هذا اليوم..

وفي المقابل ، هناك قطاع واسع من المجتمع انجرف وراء المظاهر الخادعة والألسن الفصيحة التي كانت تدس سم الخداع في عسل الدعوة التي كانت بريئة من كل ذلكّ.هؤلاء الآن يتجرعون المراراة ويعضون اصابع الندم ويحاولون استعادة أنفسهم.وجميعنا بالطبع مسؤول عن مساعدتهم..

نحتاج الآن إلى نشر ثقافة الاعتدال بين أوساط الشباب خصوصا الجيل الناشىء ممن لم يتشرب تلك الثقافة القاسية كثيرا. وفي ذات الوقت نحتاج لما يشبه العلاج الفكري لهؤلاء المخدوعين بفلسفة تلك المرحلة.علينا قتل فكرة أن الدين والطريق القويم يبدأ من فتوى شيخ صحوي. علينا الانتصار للذات الحرة المفكرة في مقابل الذات التابعة الخانعة وعلينا تعليم الشباب كيف يستخدمون عقولهم وصولا لمرحلة يتطهر فيها المجتمع من آثار تلك المرحلة التي توقف فيها الفكر كثيرا ..

الموسيقى والشعر والمسرح والفعاليات الثقافية والرياضية والاجتماعية المنفتحة في إطار الدين السمح والثقافة السعودية الخاصة حل فعال لتضميد جراح تلك الفترة والتي تتضح على وجه المجتمع. ومع أيماننا أن لا أحد يستطيع أستعادة سنوات اعمارنا التي سرقت منا بفتوى خاطئة من هذا الشيخ أو ذاك إلا أننا راضون بالقدر وطامحون لاستنشاق هواء الاعتدال والصحوة الثقافية الحقيقة التي بدأت تهب انسامها على قلوبنا التي تستحق الحياة..

وبعيدا عن ثقافة الندم واللوم. علينا أن ندعو لرموز تلك المرحلة بالهداية وأن يعودوا إلى سواء السبيل وإلى نمط الحياة المعتدل وأن يتخلصوا من لوثة التشدد، وعلى الرغم من اننا بالفعل نشعر بالغبن على تلك الأيام التي فقد فيها مجتمعنا ثقافة الفرح والحياة البسيطة الشفافة إلا أن ذلك لا يجب أن يجعلنا ضد ثقافة التسامح مع هؤلاء إن هم اظهروا الندم والرجوع إلى صف المجتمع شيوخا معتدلين معترفين باخطائهم وعازمين على تغيير انفسهم للافضل..

وأخيرا علينا الشعور بالامتنان للقيادة الحكيمة في بلادنا العظيمة ممثلة بملكنا المفدى خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين سمو الأمير القريب من القلوب محمد بن سلمان بن عبدالعزيز لأنهما وعدا فكان الوفاء طريقهما بأن نصبح مجتمعا معتدلا مشاركا في بناء وطنه والعالم ومكافحا للتطرف وللأدلجة المتشددة أيا كان نوعها..فلهما من كل الحب والإخلاص والدعاء بأن يبقيهما الله ذخرا لهذا الوطن العظيم ولهذا الشعب الطيب الكريم..>

شاهد أيضاً

رحل عامر المساجد

بقلم/ عوض عبدالله البسامي مات الهدوء ومات اللين والحلم وغربت التؤدة والأناة مات الشيخ الوقور …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com