خُذْ ” لُغْدِي ” والإنصهار الوطني


تحرير المصطلح: (اللغد) كلمة تعني الخد، أو صفحة الوجه، وقيل هي لحمة متدلية تحت الذقن… والمعنى: سلم على خدي.

وفي بادرة أقل ما يقال عنها رائعة رائعة من الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض، أمير الإنسانية وجابر الخواطر، حين زار أحد المسنين المنومين في المستشفى، وقبل الانصراف ودع الأمير، المسن ودنا منه قائلا: خذ لغدي (على لهجة أهل الجنوب) في موقف لم يطل طويلًا، لكنه سيحفظ في ذمة التاريخ طويلًا.

وبساطة الأمير وقوته الناعمة، جعلت منه الشخص القريب من أطياف المجتمع، فتشرئب الأعناق لمطلعه، وتلحظه الأعين عند مقدمه.

يحب الأمير الناس ويحبه الناس، بل هو في افتتاح مبنى بلدية الخرج يستفسر عن الموظفين غير الموجودين: “أنا شاهدت الحجر ولم أشاهد البشر، أريد أن أعيش بوسطهم”.. “يا أخي أنا أعيش بين الناس” أمير يقدر الوطن ورجالاته، ومقدراته، يغضب على مسرح جامعة شقراء لمن لم يقوموا للسلام الوطني، ويقبل رأس الجندي عواجي بعدما مازح والده المسن (ممازحة من نوع خاص)، سموه يعطي مساحة لمشاهير التواصل ليلتقطوا صورة تزيدهم شهرة، وتزيده تواضعًا.

وهذا الانصهار الوطني حلقة في سلسلة ذهبية متدلية، من مظاهره، اختيار أمراء المناطق رؤساء فخريين للجان أصدقاء المرضى والجمعيات الخيرية، ومن مظاهره: حضور مناسبات الأعيان، ومعايدة العلماء وزيارة مريضهم، ومما حفظته ذاكرتي زيارة الأمير سلطان بن عبدالعزيز المفاجئة لمدير مكتبه الإعلامي الخاص الدكتور علي بن زهير القحطاني في ليلة زفافه… فقد وجّه الأمير سلطان له اللوم على عدم دعوته بطريقة محببة بسيطة “عندكم زواج ولا تعزمني…؟ وهذا أصدق دليل على الانصهار الوطني وهو انصهار لا يقاس عليه.

وفي الضفة الأخرى من النهر، والأمير فيصل بن بندر يقول: خذ لغدي، كان الأمير تركي بن طلال أمير منطقة عسير يزور عجوزًا مسنة ووحيدة في قرية تاه بمركز حسوة (وحسوة تبعد عن أبها 70 كم، ويستغرق الوصول لها نحو 90 دقيقة وتزيد.. لوعورة الطرق) ويتعاطف معها ويصطحبها بنفسه إلى مستشفى عسير ويؤمن لها السكن المناسب والرعاية اللازمة.

وقبلها بيومين يتناول أمير عسير مع وزير العمل، ومجموعة من الشباب السعوديين الشاي، في أحد الكافيهات، وهذا انصهار وطني من نوع فاخر…

ومواقف الأمير تركي في هذا الجانب جلية واضحة لا تغيب…. ألم يلزم بلدية محايل بدفع دية مقيم، تسببت شاحنتها في وفاته، قبل أربع سنوات – مع صدور حكم شرعي ضدها-.

إن الإعلام يتحمل مسؤولية عظمى حين وضع هالة كبرى حول المسؤول، الذي لا يريد وضع حواجز وسواتر بينه وبين الناس، يا إعلاميين، المسؤول إنسان والإنسان بطبعه مدني مدني.

وهنا أؤكد أننا دخلنا مرحلة جديدة وجريئة من الانصهار الوطني الجديد، فالأبواب مشرعة، والآذان مصغية، والقلوب أوعية….. وهذا ما نصت عليه المادة الثالثة والأربعون من النظام الأساسي للحكم: مجلس الملك ومجلس ولي العهد مفتوحان لكل مواطن، ولكل من له شكوى أو مظلمة، ومن حق كل فرد مخاطبة السلطات العامة فيما يعرض له من الشوؤن.

د. علي يحيى السرحاني
جامعة الملك سعود الصحية
google.net2@hotmail.com>

شاهد أيضاً

الكتاب بين الورقي والتكنولوجيا

بقلم / أحلام الشهراني سيدي سيدتي في ظل هذا التطور التقني والانفتاح الثقافي الذي نعيشه …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com