من فساد الإدارة إلى (إدارة الفساد)

عسير-علي-الموسى-220x200والفارق بين (الكلمتين) في العنوان بعاليه لم يكن مجرد تبادل الأدوار بين كلمتين. الفارق أخطر من هذا بكثير. الحديث عن (فساد الإدارة) يعني أن هناك (ورما) في جسد صحيح يمكن علاجه واستئصاله، لكن الحديث عن (إدارة الفساد) يعني أن الفساد قد انتقل من مرحلة جزئية إلى كلية شمولية. وللأسف الشديد لا يمكنني إنزال واقعنا على أي من المرحلتين: هل نحن في حربنا ضد الفساد نحارب فساد الإدارة أم هل نحن في المرحلة اللاحقة من الحرب على إدارة الفساد؟ لكنني في شك كبير أننا اليوم في منزلة ما بين تبادل (الكلمتين) إن لم نكن بالفعل في قلب المرحلة الثانية من العنوان بعاليه. هنا شواهد التشخيص الإكلينيكي لمرحلة (إدارة الفساد): في هذه المرحلة بالتحديد يرفض الجسد المريض لكارتيل إدارة الفساد أي عقار دوائي للتغيير. هنا الأمثلة: تحارب (إدارة الفساد) أي مساس أو جرح أو تعديل في أنظمة المناقصات الحكومية وقوانين ترسية المشاريع وعقود التوريد للأجهزة الحكومية المختلفة، لأن هذا (الثلاثي) يمثل البقرة الحلوب التي تشرب منها كوادر (إدارة الفساد) حليب الصباح على مكاتبها الحكومية العامة. هذا المرض الخبيث من المتلازمة (الثلاثية) ما بين المناقصة والترسية والتوريد هو نفسه بذات القوانين والأنظمة منذ أربعين عاما، وبالمرور ما بين طفرتين والخلاصة في التشخيص هي كلمتان: عثرة التنمية.
في مرحلة (إدارة الفساد) يرفض هذا الكارتيل كل محاولات التغيير في مواقع الكوادر الإدارية. خذ مثلا أننا في العام الأخير استبدلنا مئات المواقع في رأس الهرم بمعظم إداراتنا الحكومية. لكن أحدا لم يلتفت إلى ما أستطيع تسميته بـ(الأصنام الخمسة) تحت كرسي سعادة المدير العام في كل مديرية أو هيئة أو أمانة وهم من يسيطرون على الهيكل العظمي بتماسك مذهل مهما تغير اسم المدير العام. هؤلاء هم فيروس (فساد الإدارة) الذي تحول مع الزمن إلى ورم (إدارة الفساد). نحن في هذه الحرب ضد الفساد نغيّر غطاء القارورة، لكننا أبدا لا (نخض) القارورة تحت الغطاء.

علي الموسى>

شاهد أيضاً

الكتب السماوية

بقلم / سميه محمد الكتب السماوية هي التي أنزلها الله من فوق سبع سموات على …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com