تقاسيم («التشبيك» الذي لسنا أهلاً له!)

 

IMG-20141217-WA0001

تقاسيم («التشبيك» الذي لسنا أهلاً له!)

علي القاسمي.

تأخذنا هذه المفردة الشهيرة «تشبيك» لمستوى هابط من الطرح حين ترافق مشاريع التسكع والبحث عن وليف يجعل للسهر قيمة موقتة، ويثمن الساعات الطوال المنقضية في الممرات والأسواق، وعلى حواف الأرصفة، تأخذنا ذات المفردة لمستوى فاسد من الطرح عندما تقترن بالمساحات البيضاء والأراضي التي يخلق لها مالك ووصي وحاضن في الساعات المتأخرة من الليل، ويصدق القول بأن «المفردة» في هذه الجزئية تدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية من زوايا سرعة التحميل والنقل والتركيب، والتوزيع المتقن على الحواف والزوايا، وتدخل إلى ذات الموسوعة أيضاً في مربعات أطول وأعرض وأجرأ وأعلى وأصعب إزالة.
بين تشبيك التسكع وتشبيك الأراضي يسيل اللعاب، يرخص الغالي، يؤجل الخمول، ويكون الصرف ببذخ حتى يمكن جني ثمرات كل «تشبيك» وإن كانت ثماراً ذات ثمن باهظ في المستقبل متى ما استيقظ الضمير. التشبيكان اللذان يتجولان على مهل يعيشان بفوارق، الهابط منها لملء الفراغ ومعالجة الجوع العاطفي وبتمثيل شعبي عن جل الطبقات، فيما يصب الآخر الفاسد في مصلحة الحسابات المصرفية، والجشع على المال، وبتمثيل منحصر في ذوات «البشوت»، والنفوذ وأصحاب العلاقات «فئة خمسة نجوم»، المشترك الأشهر العريض مشاهدتهما على السطح وأن لكل منهما زبائن وعملاء وموظفين وأهل ضمائر تموت في لحظة.
وبعيداً عن هذا وذاك، فهناك تشبيك مستتر لسنوات طويلة، وكان منشغلاً عنه لظروف خارجة عن الإرادة وربما مفتعلة، وهاهي ضرائب التستر عليه تنمو شيئاً فشيئاً، هذا التشبيك لم ولن يعد مستتراً، بل هو يعيش الآن عصره الذهبي المقروء والمشاهد والملموس، تقرأه في القدرة العجيبة لمصادرة أي رأي لا لشيء صريح واضح، بل لأنه يعري آراء جامدة، ويكشف الرؤوس التي ظننا أنها الرؤوس الوحيدة المفكرة بعمق ووعي وتوسط، وتشاهده في انتشار روائح الإقصاء والعنصرية والتطرف والنفاق الاجتماعي والتطبيل المستمر، لأن العقل في أسرع عقد لإيجار منتهي بالتمليك، وتلمسه في ظهور أفراد لا يعرفون أين يضعون أقدامهم بالضبط؟ فهم مكبلون ومحشوون بالأسئلة التي أشعلها زمنهم المختلف، وبين التكبيل والحشو يدخل أكثرهم أزمة طرق ويمضون في أكثرها احتواء لهم واقتراباً منهم وقدرة على إحضار إجابات حية لأسئلة تزداد تورماً، في الوقت الذي يعتقد فيه مدمنو التشبيك العقلي أنها أسئلة مهيأة للموت إن قوبلت بالصمت.
ناجح حد اللحظة تشبيكنا المحلي في مثالية الشهيرين الواردين في افتتاحية المقالة، وإفشال هذا النجاح المثخن بالجراح والخيبة يسير وسهل متى ما كانت النوايا صادقة وصارمة تنوي الوأد والإفشال، أما العقل فليس قابلاً للتشبيك في زمن «اللا شبك»، ربما كان النجاح حليفاً له لسنوات طويلة مضت، لكن الفشل مصير المخططات الموقتة، وإن اجتهد المتحمسون للمضي الآن في مواصلة مخطط تشبيك العقل إلا أنه جهد منثور وعائد بكثير من الحروب الفكرية والصراعات القادمة التي ليس هذا وقتاً مناسباً للدخول في خنادقها، ولك أن تحيط من شئت بما شئت من «الشبوك» إلا أن تحيط عقلاً، فذاك لغم قابل للانفجار، ولن يحتاج في مشوار انفجاره لهيئة رقابة ولا لمكافحة فساد ولا لقانون تحرش ولا لماراثون المحاكمات هو انفجار حتمي لتشبيك ما لسنا أهلاً لتشبيكه!>

شاهد أيضاً

أسرة ال دليم مدرسة في الحكمة والحنكة

  بقلم أ/ خالد بن حريش ال جربوع في ليلة جمعت بين الحكمة والحنكة وبين …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com