عبدالوهاب محمد آل مجثل
عملت كليتي بكل جد وإخلاص، وبدون كلل أو ملل، وعلى مدى 68 عاما .. ومع ذلك لم يكلف صاحبها نفسه برعايتها والاهتمام بها ومتابعتها على الأقل من باب الاعتراف بالفضل، ولهذا جاءت الإنذارات الصارمة منهما وعلى حين غفلة بأنهما في طريقهما إلى الفشل وعدم القدرة على مواصلة العمل. وهذا يعني وببساطة شديدة أن الحياة بالنسبة لي أصبحت دقائق وثواني، ولعله درس قاس لمن يهمل العناية بالمخلص لجسمه وحياته من أعضاء جسمه. على العموم .. لم يبق لدي من وسيلة رغم تأخر الوقت سوى المسارعة برد ولو جزءا بسيطا من جميلهما، وذلك عن طريق غسيلهما وتخليصهما من السموم التي عانتا منها، وأنهكتهما حتى وصل الحال إلى هذه الدرجة. بدأنا ولله الحمد برنامج الغسيل الدموي بتاريخ 28/07/1433 ه في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض، ثم مركز الكريمات بمستشفى عسير المركزي بعد ذلك، حتى يهيئ الله لنا كلية مناسبة من أحد المتبرعين من قريب أو غريب أو متوفى دماغيا، وهذا ما تم بعد مرور حوالى سنة على بدء برنامج الغسيل الدموي ولله الحمد والشكر، ورحم الله المتبرع، وهو مواطن متوفى دماغيا، وغفر الله له وأسكنه فسيح جناته. أقول إنني كنت أذهب إلى مواعيد الغسيل وأنا في غاية السعادة، ولم أشعر يوما أنني مريض بالفشل الكلوي، ولعل ذلك ما ساعدني ولله الحمد على التعايش مع الغسيل الكلوي، والقناعة بأنه مجرد تنقية للدم من السموم ولا خطر منه إطلاقا. وكم أتمنى أن يتعايش مرضى الفشل الكلوي الذين يخضعون للغسيل بنوعيه، وأن الأمر لا يستحق القلق على الإطلاق، وخصوصا مع الالتزام بمواعيد الغسيل والأدوية وبتعليمات الأطباء .. وأنا أعرف أشخاصا أمضوا أكثر من 20 عاما وهم يعتمدون بعد الله على الغسيل الكلوي، بل ورفضوا الزراعة، رغم أنها كانت متاحة وما زالت. لذلك وبهذه المناسبة فإنني أرجوكم أن تتعهدوا كلياتكم وقلوبكم وأكبادكم وكل أعضائكم بالتحاليل الدورية، وتعتنوا بها قبل أن يصل حال تلك الأعضاء أو بعضها لا سمح الله إلى ما وصلت إليه حالتي، حتى ولو لم تهتم وزارة الصحة بتوعيتكم مما نتج عنه مئات الآلاف من مرضى السكر والضغط والفشل الكلوي وغيرها. وهذه الدولة تدفع وبسخاء على العناية بهؤلاء المرضى وعلاجهم في الداخل والخارج، وكان بالإمكان توفير مبالغ كبيرة لو تم توجيه العناية والاهتمام بالتوعية والتثقيف الصحي من قبل الوزارات المعنية، ومحاربة أنصاف الأطباء الذين يصرفون المهدئات ذات المفعول القوي وبكميات كبيرة على أنها لبعض الأمراض ك “النقرس” ، في حين أن الأعراض هي بدايات الفشل الكلوي وليس “النقرس”، وقد ثبت أن هذه المهدئات من المسببات الرئيسية للفشل الكلوي. واعترافا بالجميل أقول شكرا لمخترع الكلية الصناعية العالم الأميركي الهولندي ويليام كولف، وأقول إنك وبقدرة الله ثم باختراعك أنقذت حياة الملايين من البشر. . مع أننا بخلنا عليك حتى بكلمة (شكرا) إضافة إلى أنك وغيرك من المخترعين والعلماء لم تسلموا من ألسنتنا. شكرا وليام كولف .. ولعل الله ينفعك بدعاء الملايين الذين استفادوا من اختراعك.
>