الرسالة الرابعة من الرسائل الأربع لداعش “حكم الانضمام لداعش” للبروفيسور الدكتور عبدالعزيز الغامدي..!

صورة-الدكتور-عبدالعزيز-الغامدي1

الرسالة الرابعة: حكم الانضمام لداعش .

أربع رسائل لداعش

أ.د /عبدالعزيز بن عمر القنصل الغامدي

أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة

جامعة الملك خالد -أبها-

صحيفة عسير : فايع عسيري

  وبعد أن تتبّعنا مسيرة هذا التنظيم لإرهابي المسمى زوراً وبهتاناً بالدولة الإسلامية في العراق والشام، ومختصره” داعش” وعرفنا أنّه تنظيمٌ مدعومٌ بأموالٍ طائلة لا يعرف مصدرها بالتّحديد مما يثير الشكوك في الجهةِ أو الجهات التي تقف وراء هذا التنظيم الّذي ذبح الجهاد من الوريد للوريد، وقام بأعمال في غاية الخسّة والدّناءة في أغلب الدول الإسلامية، فلم تسلم منه حتى بلاد الحرمين الشريفين، بل لم تسلم نه بيت الله التيّ أمر الله ببنائها لإقامة ذكر الله، توعّد من منع الناس من الصلاة فيها بالإقفال أو بالإرهاب، فقال جل وعلا” وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ([1])”  كما نشر هذا التنّظيم بدعة قتل الأقارب بعد أن أقنع الغفّلين من أتباعه  أن هؤلاء كفّارٌ مرتدّون، يجب التخلّص منهم، وأنّ قتلهم يمحّص الإيمان، فمن الّذي أقنعهم بكفر غيرهم، ومن الّذي أقنعهم أنّ والديهم كفّار والعياذ بالله؟!! وحتّى لو افترضنا جدلاً أنّ هناك أحد أفراد داعش المنظمّ لهذا التّنظيم وأهله كفار، يهودٌ أو نصارى مثلاً، فهل هذا يعطيه الحقّ في قتلهم؟!! هذا مناقض لقول الله عزّ وجل القائل” لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم

________________________________

  • سورة البقرة. آية: 114 .

مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ([1])” وكيف أجازوا لأنفسهم تكفير المسلمين من غيرهم ممن لم ينضم إليهم، ومن ثم استباحة دماهم؟!! وهل ديننا الإسلامي يحرّضنا على القتل؟!! فضلاً عن قتل الأهل، إنّها قطيعة رحم بأبشع أنواع القطيعة، لقد حرم الله تعالى على قاطع رمه الجنة، ولعنه في كتابه الكريم، فقال جلّ وعلا” فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ([2]) فما بالك لو قطع رحمه بقتلهم؟!! ولم تحدث هذه الجريمة الشّنعاء مرةً أو مرّتين، بل تكرّرت مراراً وتكراراً، فمن أقنعهم بهذا؟!! وكيف اقتنعوا به؟!! .

وعرّفنا من خلال البحث السابق أنّ هذا التنظيم يقوده الملثّمون الّذين لا يُعرف لهم اسم، لا رسم، فلا ترى إلاّ احداق العينين من وراء القناع، ولا تسمع إلاّ التهديد والوعيد لأعداء الله المرتدين، ولا ترى إلاّ السكاكين وهي تقطع أوداج المخالفين، فأي قومٍ هؤلاء؟!! .

وإذا أحسنا الظّن بهم ولا يحسن بهم الظّنُّ، فند أن نسأل سؤالاً بريئاً: أين القوى العالمية عنهم قد حرثت أمريكا بطائراتها العملاقة” B52 ” أفغانستان من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، وادت أن  تتساوي جبال” تورا بورا” بحثاً عن أفراد القاعدة، فأين هي تلك الدّول هي تصرّح بين الفينة والأخرى أنّها تحارب داعش، وداعش في مدينة الموصل؟!! لو لم تككن داعش تؤدّي دوراً مرسوماً لها من قبل المخابرات الغربية، والمخابرات الإيرانية، لأحرقت مدينة الموصل بالكيماوي، ولو استدعى الأمر لاستخدمت القنابل الذّرّية ضدهم، بل الّذي نراه أنّ حكومات العراق العميلة لإيران وأمريكا تقوم بدور ساعي البريد لإيصال الأسلحة الثقيلة لهم، ففي الوقت الّي تجهّز القوات العراقية، وتُعد العدة لتحرير بيجي مثلاً، وتتوجّه تجاه المنطقة، وما أن تصل الأسلحة المكوّة من دبابات، وراجمات صواريخ، وصواريخ مضادة للدبابات وغيرها الكثير، نُفاجأُ بهروب الجيش سيراً على الأقدام، تاركاً وراءه أعداداً مهولة من الأسلحة الثقيلة والخفيفة تغنمها هذه العصابة التي لا يتعدى عددهم المئة في مواجهة الآلاف من الجيش العراقي المرّب المسلّح تسليحاً فائقاً، بل إنّ بعض التصريحات

_____________________________________

سورة الممتحنة. آية: 8 .

  • سورة محمد. آية: 22 – 23 .

ظهرت من بعض القادة أنّهم يُفاجؤون بالأوامر بالانسحاب فوراً وترك جميع الأسلحة وراءهم، ومن لم ينسحب فسيكون مصيره القتل بحجة الخيانة العسكرية!! .

والتساؤل الثاني: لماذا العالم العربي والإسلامي من طنجة لجاكرتا صلي بنار داعش، إلاّ إيران المجوسيّة لم نسمع بحادثة واحدة تبنّتها داعش!! علماً أنّ المسلمين في الأهواز غيرها تحت الاحتلال الفارسي الإيراني يعانون أكثر مما يعانيه الفلسطينيين، والسوريين من الأنظمة المستبدّة!! ومع ذلك لم تقم داعش بعملية واحدة، بينما تتباهى بالقتل والتفجير تى في بلاد الحرمين الشريفين، وفي بيوت الله عزّ وجلّ!! هل لهذا التساؤل من جوابٍ؟!! .

وما هذه المذابح الّتي  يرتكبها هذا التنظيم ضد إخوانه من المجاهدين ضد النّظام النصيري في سوريا بحجّة الرّدّة، وما هذه المناطق التي يتسلمها التنظيم من النظام النصيري دون أيّة مقاومة؟!! وما هذه المسيرات التي يسيّرها التنّظيم بسياراته رباعية الدفع، وأعلامه السوداء سواد قلوبهم دون أن يتعرّضوا لأية طلقة من الطائرات التي تجوب الفضاء بحثاً عن دبيب النّملة لقصفها؟!! .

وما هذه الصورة المزرية المقزّزة التي رسمها هذا التنظيم الإرهابي عن الإسلام وسماحته؟!! وتعاليمه الرّبانية، التي جاء بها نبي الرحمة، فلم يظهروا للعالم إلاّ قطع الرؤوسِ، ولم ينشروا إلاّ المفخّخات، والاغتيالات باسم الإسلام!! والإسلام من ذلك براءٌ .

وما هذه الأفكار التي أخذها التنظيم من الفرق المارقة عن الدين، ونسبها لدين خير البرية عليه الصلاة والسلام؟ فقد أخذوا من الروافض مبدأ التقيّة، فلا تأمنهم على دماء ولا أولاد!! فبينما يعلنون التوبة والأوبة، والبراءة من التنظيم وأهله حين اكتشاف أمرهم، وإلقاء القبضِ عليهم، تُفاجأ بهم قد هربوا بأي وسيلة كانت، ثم صبّوا وابل غضبهم على البلد وأهله وساكنيه، وقد كانوا من قبل يحلفون بالله إنّهم منهم وما هم منهم ولكنّهم قومٌ يكذبون .

كما أخذوا من طائفة الحشّاشين الإسماعيلية مبدأ الغدر والاغتيالات، فتراهم يخطّطون لاغتيال المعارضين لهم من العسكريين، والساسة وغيرهم، وبكل أسف لا تصل أيدي الغدر والاغتيالات إلاّ على أهل السنة والجماعة بحجّة أنّهم أعداء الله ورسوله؟!! وكأنّ الفرس المجوس، والنصيريّة، والصهاينة، والصليبيين وغيرهم من أولياء الله الصالحين!!! .

كما أخذوا من القرامطة عدم مراعاة حرمات بيوت الله، ودور العبادة، فالقرامطة تاريخهم أسود على دور العبادة، ويكفيهم خزياً ما فعلوه في المسجد الحرام أيام الحجّ زمن النّحس المسمى بأبي طاهر سليمان بن حسن القرمطي، وهؤلاء لهم تاريخ أسود على بيوت الله تعالى، فلهم تفجيرات على الرّكع السجود يندى لها الجبين .

كما أخذوا الخوارج قضيّتين رئيستين هما: التكفير، واستحلال دماء المخالفين، كما قال صلى الله عليه وسلم” يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان([1])” والخوارج على ما ورد فيهم من نصوص، وأنّهم كلاب النّار، والأمر بقتلهم، وأنّهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرميّة، إلاّ أنّهم أشرف من هؤلاء وأحسن حالاً، فالخوارج لا يكذبون، وهؤلاء لا يكادون يصدقون، كما أنّ الخوارج عبادٌ، صوّامٌ قُوّامٌ، قرّاء للقرآن الكريم، كما أخبر عنهم صلى الله عليه سلم، وهؤلاء أصحاب أناشيد، وشِعارات، يا عاصب الرأس، وصليل السيوف .

كما نلاحظ أن جميع المنظّرين للفكر المترف على الساحة اليوم تبرأوا منهم، وعلى رأسهم زعيم تنظيم القاعدة: أيمن الظواهري!! كما تبرّأ منهم غيره من المنظّرين .

وأخيراً وليس آخراً: شهادات المنشقين عنهم شهادات مرعبة، مروّعة، عن القتل والتجاوزات الشرعية، وهي شهادات تضع علامات استفهام كثيرة على التنظيم وقادته لأنّها شهادات خارجة من الداخل، والتنظيم لا يسمح لأحدٍ أن ينشق عنه، ، فالداخل في التنظيم مفقود، والخارج منه مولود، لأنّه يعلم أنّ المنشق سيبوح بالمكنون، ويبصق البحصة من تحت لسانه .

كما تضافرت أقال العلماء والمفكرين في تجريم الانضمام لهذا التنظيم لأنّه تنظيم مرتبط سياسياً وأيديولوجياً ومالياً بالمخابرات الغربية، والإيرانية، أن الدعم اللاّمحدود ينهال عليهم، لأن هذا التنظيم يؤدّي دوراً مرسوماً له، ولكن بكل أسف بأيدي مغفّلين، يساقون إلى الموت وهم ينظرون .

ومن ينتمي لهذا التنظيم فهو بلا شكٍ عاصي لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، لأنّه منضمٌ إلى تنيم متعطّشٌ لدماء المسلمين أكثر من غيرها، ومتعطّشٌ لسلب الأموال، وهتك الأعراض، والله تعالى يقول” وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ

_____________________________________________

  • البخاري( 3: 1219 ح: 3166 ) ومسلم( 2: 741 ح: 1064 ) .

اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً([1])” وقال صلى الله عليه وسلم” إنّ دماءكم وأموالكم حرامٌ عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا([2])” وقد سئل صلى الله عليه وسلم عن أكبر الكبائر فقال” الإشراك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وقول الزّور([3])” ولكي يبرر هؤلاء القتلة أعمالهم برروها باسم الدين، والجهاد في سبيل الله رب العالمين، ودفع العدو المحتل لأراضي المسلمين، وهذه دعاوى يكذبها الواقع المشاهد، فقتلاهم في أهل السنة والجماعة لا يكاد يحصر، ولا يفرّقن في قتلهم بين صغير ولا كبير، ولا ذكر ولا أنثى، ولا محارب ولا معتزل، ولا مكرهٍ على المواجهةِ ولا المختار، كما أنّهم يظهرون الفرح بالقتل والحرق للأحياء، والتفجير، وهذا والعياذ بالله من سوء الخاتمة، قال صلى الله عليه وسلّم” من قتل مؤمناً فاغتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً([4])” يعني فرح بقتله إيّاه، وقال صلى الله عليه وسلم” ممن خرج على أمّتي يضرب بَرَّها وفاجرها، ولا يتحاشَ من مؤمنها، ولا يفي لذي عهدٍ عهده، فليس منّي ولست منه([5])” كما أنّ من انضم لهذا التنظيم فهو ممن ينطبق عليه قوله صلى الله عليه وسلّم” من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتةً جاهليّة، ومن قاتل تحت رايةٍ عِمِّيَّةٍ يغضب لِعصبةٍ، أو يدعو إلى عُصبةٍ، أو ينصرُ عصبةً فقُتل فقِتْلةٌ جاهليّة([6])” وتنظيم داعش ما هو إلاّ عصابةٌ مجهلة الهويّة، لا يعرف من أسّسها، لا من يديرها، ولا من أين تأتي المعوناتِ التي تخصّها، ولا من يشتري منها مسروقاتها البتروليّة، ولا حتى تُعرف أهدافها وسياساتُها، فهل تنطبق الأوصاف العميّة عليها أم لا؟!! .

والحذر كلّ الحذر من الشعارات الزّائفة التي يطلقها هذا التنظيم الإرهابي عبر وسائل الإعلام المخصّصة له، والتي أبدع في استعمالها أيما إبداع، فاق فيها الكثير من المحترفين المتخصّصين، في التصوير والعرضِ والإخراج، مما يدل أنّ التنظيم وراءه شبكةٌ عالمية تديره بطواقم محترفة في

__________________________________

  • سورة النّساء. آية: 93 .
  • مسلم( 2: 886 ح: 1218 ) .
  • البخاري( 6: 2519 ح: 6477 ) ومسلم( 1: 91 ح: 88 ) .
  • أبو داود في السنن ( 2: 505 ح: 4270 ) والبيهقي في الكبرى ( 8: 21 ح: 15639 ) والطبراني في مسند الشاميين( 2: 266 ح: 1311 ) وصحّحه الألباني في الجامع الصغير وزياداته. ص: 1140 ح: 11400، وصحيح الترغيب له أيضاً( 2: 317 ح: 2450 ) .
  • مسلم( 3: 1476 ح: 1848 ) .
  • مسلم( 3: 1476 ح: 1848 ) .

السياسة، والإعلام، والمال، والتخطيط!! ومع ذلك فلا للإسلام نصروا، ولا للأعداء كسرا، بل أضحوا شوكة في حلقوم المدافعين عن ديارهم وأموالهم، والواقفين ضدّ المد الصفوي والصليبي في المنطقة .

نسأل الله تعالى أن يرينا جميعاً الحق حقاً ويرقنا اتّباعه، ويرينا جميعاً الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، إنّه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أنن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه أجمعين، وعلى آله وصحبه الطّيبين الطاهرين .

 

>

شاهد أيضاً

مهرجان الجبل الثقافي يعلن عن موعده الجديد في 26 أبريل

صحيفة عسير – يحيى مشافي أعلنت اللجنة العليا المنظمة لمهرجان الجبل الثقافي، في اجتماعها أمس …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com