أسافر كثيرا بواسطة خطوط جوية دولية، خصوصا بعد أن ضاق “عالم خطوطنا العزيزة”، وتدنى وتراجع اعتزازهم بخدمتنا، في حين اتسع عالم معظم الخطوط الجوية الأخرى، وتنامى اعتزازهم بخدمة عملائهم في الأرض والسماء، ولكني أضطر أحيانا عندما أكون في بعض البلدان إلى العودة في رحلة مباشرة إلى المملكة، وهذا يعني أن خياري الوحيد هنا سيكون “الخطوط السعودية”. قبل فترة وصلت إلى مانيلا، قادما من إحدى الدول المجاورة، وفي اليوم التالي واصلت السفر إلى الرياض على متن إحدى طائرات “الخطوط السعودية”. تم الانتهاء من إجراءات السفر المعتادة في مطار نينوي اكينو الدولي بمانيلا، ووصلت إلى مدخل الجسر المؤدي إلى الطائرة، وفي منتصف الجسر فوجئت ببعض المضيفين “السعوديين” والمضيفات الأجنبيات، وهم يفحصون ما يحمله الراكب في يده وفي جيوبه، إضافة إلى التفتيش الذاتي للرجال والنساء والأطفال، وبطرق استفزازية غير لائقة. فماذا يبحث عنه في حقيبة يدي التي لم يطلب مني أحد فتحها في أكثر من عشرة مطارات؟ بل وهذا المدهش أنه حتى في ثلاثة مطارات دولية سعودية لم يتم التفتيش وفتح حقيبة يدي بمثل هذه الأساليب التي أقل ما يقال عنها إنها ارتجالية؟ ثم ماذا يبحث عنه في حافظة بطاقاتي الشخصية؟ مع أنني مررت وما أحمله في يدي وفي جيوبي بفحص دقيق لافت بواسطة أجهزة دقيقة خلال ثوان معدودة من رجال أمن المطار قبل السماح لي بالمواصلة إلى بوابات المغادرة، وكان أسلوبهم، والحق يقال، مهنيا ومهذبا، ولم يطالبني أحد من رجال أمن المطارات بفتح حقيبة اليد، لأن أجهزة الفحص قامت باللازم. حاولت أن أفهم مبرر التفتيش الذي يقوم به المضيفون، ولكن الفهم استعصى علي، وعندما تذمرت وديا من هذا الإجراء، أفهموني فيما بعد أنهم رجال أمن الطائرة، وهم يقومون بهذا الإجراء من سنين طويلة في هذا المطار، حفاظا كما قالوا على أمن الطائرة والمسافرين، فأجبتهم مازحا: “وهل مثل هذه المسؤوليات الأمنية تمتد إلى “المضيفات الأجنبيات؟”، واكتفى بعضهم بالابتسام الساخر. هل هذه الإجراءات الاستثنائية من رجال أمن الطائرات السعودية تشمل مطارات العالم “أي التفتيش الذاتي للركاب قبل دخولهم إلى طائرة الخطوط السعودية”، رغم مرورهم بجميع أجهزة أمن المطار، أم إنها تقتصر على بعض المطارات في بعض البلدان فقط؟ فإن كانت تشمل جميع مطارات العالم، فهو إجراء فيه هدر للوقت والجهد، وتضييق غير مبرر على المسافرين، وإذا كان يقتصر على بعض المطارات فما المعايير التي تم أخذها في الاعتبار لتنفيذ مثل هذه الإجراءات الأمنية؟ وهل تخضع مثلا حقائب الركاب للفحص من رجال أمن الطائرة قبل دخولها إلى مستودع الطائرة؟ وكذلك حافظات التموين وكل ما يدخل إلى الطائرة؟ والجواب الطبيعي النفي، لأن في ذلك، ومن وجهة نظري، تعديا وانتقاصا من قدرة الأجهزة الأمنية بالمطارات على القيام بدورها الأمني حيال الطائرات السعودية على وجه الخصوص. أما إذا كان هذا الإجراء اجتهادا روتينيا قديما، دون أن يفطن إليه أحد، فهذا من الأمور التي تدعو إلى الاستغراب والتعجب!. المواطن أثبت دائما أنه أهل لهذه الثقة، وجدير بحمل مثل مسؤوليات كهذه، وحتى لا يكون مثل “الأطرش في الزفة”، فإنه يجب أن يفهم كي يُعين ويُعاون.
عبدالوهاب بن محمد آل مجثل
>