اشتهر مصطلح “العولمة” شهرةً واسعةً في الأوساط الإعلامية والأكاديمية؛ واستخدم للتعبير عن ظاهرة جدلية معقدة نشأت حول مجموعة من الأفكار، والأيدلوجيات، والاتجاهات المختلفة.
وأحد هذه الاتجاهات بل أكثرها تأثيراً هي العولمة الاقتصادية؛ (economic globalization) التي تدور حول فكرة دعم أنظمة جديدة لتحرير الأسواق، الإنتاج، الأموال، الاستهلاك ، والاندماج الاقتصادي في جميع أنحاء العالم.
من ناحية أخرى؛ يرتكز اتجاه العولمة الثقافية
(cultural globalization) على محاولة نشر أنماط جديدة من الأفكار، والممارسات، وأنماط الحياة؛ من أجل تشكيل ثقافة عالمية جديدة (new global culture).
ومن الاتجاهات الأخرى في ظاهرة العولمة، ما يسمى بالعولمة المؤسساتية (institutional globalization)؛ حيث يدعو مناصري هذا الاتجاه إلى إنشاء هياكل تنظيمية جديدة، وخلق أشكال جديدة من السلطة الدولية؛ تنظم علاقات الدول المتبادلة، وسياساتهاالاقتصادية والاجتماعية من خلال اتفاقيات دولية تحكم علاقات الدول والمجتمعات.
ومن الاتجاهات التي اهتمت بدراسة وتحليل ظاهرة العولمة ذلك الاتجاه الذي يناقش تأثيرات العولمة الاقتصادية على الأقليات المهمشة؛ ودورها في خلق أشكال جديدة من الطبقات الاجتماعية والاقتصادية؛ وتقليل فرص المساواة بين الأفراد والمجتمعات.
وعلى الرغم من هذه الاتجاهات المختلفة في تحليل ظاهرة العولمة وتأثيراتها على الواقع الاجتماعي والاقتصادي؛ إلا أن هناك اتفاق واسع يؤكد على أن العولمة وسعت، وكثفت، وسرعت الحركة ؛ والعلاقات المتبادلة بين الدول والمجتمعات؛ وألغت حواجز الزمان والمكان؛ وفتَّتتْ سلطة الدول والأفراد داخل حدودها الجغرافية. وهذه التأثيرات دعمتها الثورة التقنية ، وانتشار شبكات المعلومات والاتصالات التي حررت حركة الأفكار؛ وسهلت تناقل المعلومات، وتدفق المعرفة.
إن هذه الاتجاهات المختلفة في فهم العولمة المدعومة بالثورة التقنية جلبت معها العديد من التحديات التي ينبغي علينا الإعداد لمواجهتها، ومنها:
* إعداد المواطنين بشكل عام؛ والشباب بشكل خاص للمشاركة الإيجابية، واستثمار الفرص، والمنافسة العالمية؛ وتمكينهم لزيادة فعاليتهم وتأثيرهم؛ وتحسين إنتاجهم.
* بناء قدرات الجيل القادم، وتعزيز مهاراته العلمية والعملية؛ خصوصاً في مجال الرياضيات، والعلوم، والتقنية، واللغات.
* إكساب الشباب مجموعة من الكفاءات ( الإبداع – الاتصال الفعّال – المواطنة الصالحة – التفكير الناقد – والعمل الجماعي ) التي تمكنهم من التفاعل الإيجابي، والتميز في عالم اليوم المعقد؛ مع المحافظة على ثوابتهم، والاعتزاز بهويتهم.
كتبه : د. عبدالعزيز الشهري
باحث وأكاديمي مهتم بنظريات التغيير والتطوير المؤسسي
Twitter: @1416_Abdulaziz
LinkedIn: Abdulaziz Alshehri
>