سَبْعٌ عِجاف !..

 

إعلاميه

ناصر آل عثمان

أغلقت الستار بقليلِ من الرضى على سبع سنوات من الغربه عن بيت والدي ووالدتي, سبع سنوات عن روتين الحياة الطفولي الذي لم يكبر داخلي أبداً .. سبع سنوات تبتعد بسرعه عن مشاكسات الطفولة مع إخواني التي طالما كانت تنتهي بعقابٍ بريء من والدي يعقبه نومٌ هانئ , سبع سنوات من الغُربه في مدينة يسمونها بالعاصمة , وأسميها بالمنفى.
في ثنايا هذه السبع العجاف وجدت نفسي في بعض الأحيان وحيداً بين أناس ، وفقيراً بين أغنياء وجائعاً بين شِباع , وأظن هذه السبع جعلتني عزيز نفس ومكتفياً راضياً صابراً بما يضعه القَدَر على كاهلي.
وحيداً حين تغيب رعاية والدتي في كل مساء .. حينما لا أجد صوتها يغلق ذكريات اليوم في محيطي , ووحيداً حينما افتقد لطف والدي في قسوته, إذ كان ولا يزال يضع المستقبل بين أقواس الصلاة والذهاب إلى الله في كل شؤون الحياة .
إنها سبع سنوات من البحث عن نهاية الطريق, وفي كل مره أجد الطريق لم يبدأ حتى ينتهي , وقد ظننت أنني قد بلغت ربعه عند انتهاء دراستي أو نصفه بتخرجي ووظيفتي وما أظنني كنت راشداً بتفكيري هذا.
إنها سبعٌ عجاف .. كان يخيب ظني فيها كثيراً عندما اتطلع إلى وقفة أحدهم ثم لا أجدني اصلاً في مخيلته عابراً فضلاً عن أن يذكرني .
سبعٌ كانت هي البداية وما كنت لأفرح بشيءٍ من ذكرياتها او فصولها أو أحداثها بعد أن قضيتها .. وليس لأحدٍ منكم أيها القُرَّاء أن تطيب له ذكرياتٌ مُثقله بالخيبة والألم.
سبعٌ عجاف علمتني أن أتألم بلا شكوى وأن ابكي بلا دموع وأن ابتسم بلا سعادة وأن اتعفف بلا كفاف وأن أعطي وليس معي شيء وأن أتغابى وأنا أعلم وأن اتجاهلُ وكُلي إدراك.
سبعٌ لازِلْت احتفظ منها بأناس وخسرت فيها أناس ولعنت فيها آخرين .. سبعٌ خرجت منها بالأمل فحسب وبالهدف الذي كنت أرسم أحرفه على كراريس دراستي, وهذا قليل في سبع سنوات كنت أرجو منها أكثر من هذا العطاء.
سبعٌ أودعها لأستقبل أخرى .. بقلبٍ عمره دون الثلاثين وعقلٍ راشد أحسبه كالموازين وبإيمانٍ أقوى من ذي قبل بقضاء الرب الذي ما غاب لطفه عني في كل حين.

 

>

شاهد أيضاً

رحيل البدر مكتملا .. ساحة الوطن العربي تودع قيمة أدبية أبدعت في إستنهاض إيقونة الشعر

صحيفة عسير _ رصد ومتابعة : أحمد السلمي ليلة السبت الخامس والعشرين من شهر شوال …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com