صحيفة عسير : فايع عسيري
من سنة 1170هـ الموافق 1755م
إلى سنة 1338هـ الموافق 1923م
الحمدُ للهِ ربِ العالمين
والصلاةُ والسلامُ على
رسولِ اللهِ الأمين ,
محمد ابن عبد الله ,
وعلى آلهِ وصحابتهِ ومن اهتدى بِهُداه ,
إلى يوم الدين .. وبعد
أن التاريخ سِجِلاً للمناسبات والذكريات , ومستودعٌ للوقائعِ والأزمات , رافعٌ وخافِضٌ
للأعلامِ والرايات , وذلك على مدى العصورِ والأزمنة , وعلى مختلف البلدان والأمكنة
ولذلك فتاريخ بلادنا لا تُمَلْ قراءتهِ ولا البحث في جوانبه , لكنه يجبُ كتابة تاريخ
بلادنا وتدوينهِ من لدن أبناء هذه البلاد بدلاً من أن يُملى علينا من لدن بعض
المستشرقين أو من لدن الأراشيف الأجنبية , هذا وبالله التوفيق ,,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير محمد بن أحمد اليزيدي ” مدهمر ” – 1 –
” 1 ”
الأمير محمد بن أحمد اليزيدي
المغيدي الملقب ” مدهمر” أمير بلاد عسير
من سنة 1170- 1215هـ الموافق 1755- 1800م
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير محمد بن أحمد اليزيدي ” مدهمر ” – 2 –
……………………. تُشيرُ بعض المصادر التاريخية إلى أن آل يزيد بطنٍ من بطون
قبيلة بني مغيد , مع أن هُناك أقاويلٌ أخرى تفيد بأموية عشيرةِ آل يزيد نسبةً إلى
أحد أحفاد يزيد بن معاوية بن أبي سفيان الذي يُقالُ أنه قد انتقلَ إلى بلاد عسير سنة
132هـ 717م عَقِبَ سقوط الخلافة الأموية في الشام ( 1 ) ولكن بحثي هذا لا يعني
إثبات رأيٍ أو لنفي الرأي الأخر ولكنني أرجّحُ الرأي الأول الذي مفادهُ أن آل يزيد
عامةً هم بطنٍ من بطون قبيلة بني مغيد وذلك لِعدةِ أسبابٍ ومنها :
أن مُعظم كُتّاب الرأي الأول هم من بلاد عسير وممن يعلمون الأصل والنسب أكثر
من سواهم ( 2 ) وكذلك يعلمون بداية بزوغ فكرة النسب اليزيدي الأموي , وأيضاً
يعلمون مدى تطور تلك الفكرة الوردة في مجموعة إمتاع السامر .. ومن الأسباب
أيضاً أن مواطن اليزيديين في وادي السقا الواقع بين أطوار تهامة غرباً وبين قرى
آل عزيزة والمقضّى شرقاً , وكل هذه المواضع تقع إلى الغرب من مدينة أبها بحوالي
10 كيلو تقريباً , فوادي السقا المذكور تسكنه أُسر الأمراء اليزيديون وغيرهم من آل
يزيد – وآل مسلم وهم – آل فلاح – وآل الحاج نسبةً إلى فلاح بن مدحان – وآل
تماّم – وفي طور آل يزيد – آل مقبل – وآل حاضر وجميعهم من اليزيديين المغيديين ,
ويتداخل معهم من جيرانهم من قبائل علكم في الشمال الشرقي , والغربي عن
مواضع آل يزيد شمال وشرق الصعيد ( 3 ) ومن الأسباب أن بلاد آل يزيد هي
من أفضل البلاد وهذا دليلٌ على وجودهم منذُ القدم ( 4 ) إذ كانت مواضع الحرث
من أهم ما يجعل الإنسان راسخاً في مواطنهِ ومزارعه التي لن يتنازل أو يتحوّل
عنها بالسهولة ولن يحل محله إنسانٌ قادمٌ من بلدٍ أخر, ومن الأسباب وجود أماكن
مُختارة لليزيديون في القعوة بوادي السقا وفي ريدة وفي الحرملة غرب السقا ,
ومن أماكن آل يزيد في طور آل يزيد جنوب أبها وشمال الفرعاء والمحارث ,,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير محمد بن أحمد اليزيدي ” مدهمر ” – 3 –
كل تلك المواضع ربما أنها تدُلُ على وجود آل يزيد في تلك الأماكن من قبل
الإسلام , وبحسب بعض الروايات الشفهية أثناء المسح والاستطلاع , هذا ولطول
إمارة محمد بن أحمد اليزيدي من سنة 1170هـ إلى سنة 1215هـ واتساع سُلطته
حتى دانت لهُ مقاطعات عسير ( 5 ) المترامية الأطراف والتي سيأتي من ذكرها
في سياق الحديث لاحقاً إن شاء الله , هذا ولكوني لن أطيل الحديث عن الأمير محمد
بن أحمد اليزيدي ولا عن المجريات التي كانت في زمنه , وفي نفس الوقت لن
أتجاهلهُ أو أتناسه في هذه الرسالة في حين أنها قد انتهت إمارته بنهاية مقتله
على يدي قوات الدولة السعودية الأولى بقيادة ربيّع بن زيد الدوسري المتحالفة
مع أمراء آل أبي نقطة وبعض القبائل سنة 1215هـ 1800 م وربما كان هناك من
الأحداث والمؤثرات ( 6 ) ما لم نجده ضمن المصادر الممكنة والمتاحة بين يدي , ولا
أرى أن هناك داعي للبحث في بعض الجوانب ما دام إنني سأختصر الحديث عن
الأمير محمد بن أحمد اليزيدي لكون إمارته سبقت وقت انتشار الدعوة السلفية إلى
ربوع عسير وكذلك سبقت بسط نفوذ الدولة السعودية الأولى على عسير, إلاّ أنها
ستظل السياقات ومعظم الوقائع التاريخية مُترابطةً بعضها ببعض مما يجعل أسماء
الأعلام تتردد بين الحين والآخر, وكذلك الأمر في بعض السنين التي وقعت فيها
بعض الحوادث ( 7 ) أو في المسميات التي ترد أكثر من مرة أو مرتين خلال هذا
البحث , ولهذا فسيضل أسم هذا العلم يتكرر معنا حتى نهاية هذه الرسالة عن أُمراء
مقاطعات عسير وأدوارهم وحدود نفوذهم في إمارة مقاطعات عسير , ومن المعروف
أن لعسير من مسماها نصيبٌ ونصيرٌ ,,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير محمد بن أحمد اليزيدي ” مدهمر ” – 4 –
في عِصاميةِ رجالها ( 8 ) وعصائبهم وشدتهم وشكيمتهم المكتسبة من واقع أماكنهم
الحصينة وجبالهم الركينة , إذ أن واقع الأمم وطبيعة الإنسان لها علاقة مستمدةً
من النسيج الإجتماعي , وذلك في أيُّ عصرٍ من عصور التاريخ , كما مر بنا في
الرسالة السابقة وكما سيأتي في باقي الرسائل الأخرى إن شاء الله , هذا وما
توفيقي إلاّ بالله تعالى ,,
( 1 )
الأُمراء اليزيديون هم وطن القعوة بوادي السقا انظر كتاب الأمراء اليزيديون من صفحة 45 إلى صفحة 167, وفي صفحة 51 يُعدّ علي بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان هو الجد الأعلى لعشيرة آل يزيد بالمعتقد الخاطئ وبحسب ما جاء في اعتبارات المعتقدين بأموية عشائر آل يزيد بالخطأ ومنهم محمود شاكر وعبد الله بن علي مسفر , إما ما عداهما فهم يتفقون على أن آل يزيد بطنٍ من بطون قبيلة بني مغيد , ( 2 )
تهيب بعض المصادر بأخطاء إمتاع السامر , ومنها عسير والتاريخ وانحراف المسار لمنصور بن أحمد منصور الذي يفيد أن بدايات فكرة النسب اليزيدي الأموي قد أتت بالمفاخرة أنظر من صفحة 56 إلى صفحة 70 وصفحة 289, ( 3 )
عِدةِ مقابلات ومرافقة مع بعض كبار الأهالي ومنهم الأستاذ / عبد الوهاب بن عبد الله البطاط , ويلاحظ أن بني مازن من قبائل علكم متداخلون مع قبائل بني مغيد جنوب العزيزة والملصة إلى مشارف ضلع وشرق رهمة ,
( 4 )
عِدة زيارات ميدانية لوادي السقا وقرية القعوة مقر الأمراء اليزيديون ,و لبلدتي ريدة وحرمة وكذلك لشعف آل يزيد وغيرها من المواضع سنة 1430 هـ
( 5 )
دور آل المتحمي للدكتور أحمد بن يحيى آل فائع من الصفحة 39 إلى صفحة 50 , وللمزيد انظر عسير والتاريخ وانحراف المسار لمنصور بن أحمد منصور العسيري ,
( 6 )
الأمراء اليزيديين من صفحة 118 إلى صفحة 170 , وللمزيد انظر دور آل المتحمي من صفحة 29 إلى صفحة 51 ثم من صفحة 52 إلى صفحة 95 , + العلاقة بين أمراء أبي عريش وأمراء عسير في القرن الثالث عشر الهجري صفحة 214 , مصادر سابقة ,
( 7 )
مما لا شك فيه أن اسماء الأعلام والمواضع وسنين الحوادث تترابط وتردد ضمن السياقات التاريخية في معظم المراجع … ,
8 )
العصاميون هم الذين يقومون بشؤونهم في الحياة دون إتكالية على الغير … , والعصائب تُطلقُ على العشرة وما ز اد عن ذلك العدد من عُصبة الرجال , فيقال العصابة من الرجال , والطير , والخيلُ كما جاء عن الخليل بن أحمد الفراهيدي :
هم الرجالُ عشرة لا يقال لما دونهم عصبة , وإنما سُمّيت عُصبة لأنها قد عُصِبَتْ كأنها قد رُبِطَتْ بعضها ببعض , وكما جاء عن النابغة الذبياني في قولهِ :
( عصائبُ طيرٍ تهتدي بعصائبِ )
هذا ونلفت عناية القُرّاءَ الكرام إلى أنه سيرد بعد هذه الشخصية :
محمد بن عامر أبو نقطة ثم
عبد الوهاب بن عامر أبو نقطة ثم
طامي بن شعيب المتحمي ثم
محمد بن أحمد المتحمي الملقب ” الجزار ”
ثم سعيد بن مسلّط المغيدي ثم
علي بن مجثّل ثم عايض بن مرعي ثم
محمد بن عايض …>