رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية ” الأمير سعيد بن مسلّط اليزيدي المغيدي ” – 64-

رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية ” الأمير سعيد بن مسلّط اليزيدي المغيدي ” – 64-

” 8 “
الأمير سعيد بن مسلّط اليزيدي المغيدي أمير
مقاطعات عسير
من سنة 1238هـ إلى سنة 1242هـ الموافق 1823 – 1827م

رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية ” الأمير سعيد بن مسلّط اليزيدي المغيدي
” – 65-

قامت إمارة سعيد بن مسلّط عَقِبَ سقوط إمارة آل المتحمي في مطلع سنة 1233هـ

1818م ( 1 ) بغض النظر عن تواجد بعض أمراء المخلاف السليماني أو قادة جيوش

محمد علي باشا في المنطقة , إذ كان الأمر يتطلّب قيام إمارة من أعيان البلد مهما

كانت الظروف والمحن في ذلك الزمن , ومهما تكالبت القوى السياسية على بلدان

عسير وغيرها من بلدان الجزيرة العربية , تباعاً لأطماع محمد علي باشا والسلاطين

العثمانيين في تلك الحقبة الزمنية , وذلك مما يفرض مزيداً من القيود على النمو

الاقتصادي والفكري في المنطقة ويزيد من فجوات التصدع في معظم مناحي الحياة

في حين أنها قد أصبحت الدرعية محتلّةً من قبل القائد إبراهيم باشا ولم يعد هناك

تنظيماً إدارياً موحداً تسير على منهجيته المقاطعات , وقد أشار الأستاذ الدكتور/ عبد

الفتاح بن حسن أبو علية وغيره إلى أن معظم الأفكار الإستراتيجيات في جزيرة

العرب لم تكن متطورة إبان القرن الثاني عشر الهجري رغم كثرة الحروب وتنوّعها

في عقود ذلك القرن,كما أشار إلى نوعيتين من الوثائق التاريخيةّ , أولاهما وثائق غير

منشورة وهي التي تبقى معلوماتها محفوظة في الملفات الخاصة بالوثائق , وربما لو

ظهرت تلك الوثائق لرفعت الستار عن الكثير من قضايا التاريخ ( 2 ) ولكنني أتفق مع من يقول :
أن النظام القبلي في مقاطعات عسير كان نظاماً مثالياً متوارثاً منذُ القدم وهو
قائمٌ بحسب الظروف وحاجة المجتمع لمثل ذلك التنظيم القبلي الذي يُعَدَّ

لمقاومة الحروب والهجمات الخارجية ( 3 ) بحيث يقوم على رأس كل

تشكيل قبلي أمير القبيلة العام أو شيخ الشمل الذي ينضوي تحتإدارته عددٍ

من القبائل والعشائر والمشايخ …
هذا رغم إننا نتحدّث في فترة سقوط إمارة آل المتحمي وظهور إمارة آل

يزيد من جديد كما جاء في كتاب عبد المنعم الدسوقي ( دراسة في ضؤ

الوثائق والنصوص ) التاريخية من صفحة 5 إلى صفحة 115, إلاّ أن وقت

إمارة سعيد بن مسلّط لم يأتي خلال سنة 1233هـ إذ تخلل السنين من

1233إلى1237هـ عدة حكام على عسير منهم الشريف حمود أبو مسمار حكم عسير حوالي ستة أشهر , ثم الحسن بن ,,

( 1 ) فرسان من عسير صفحة 26
( 2 ) دراسة في تاريخ الجزيرة العربية الحديث والمعاصر – مصادر تاريخ البلاد السعودية صفحة 15 للدكتور عبد الفتاح حسن أبو علية ط1 سنة 1399هـ نشر دار المريخ الرياض ( 3 ) دور آل المتحمي صفحتي 386 – 387 ,

رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية ” الأمير سعيد بن مسلّط اليزيدي المغيدي ” – 66-

خالد الحازمي فترة من سنة 1234هـ ثم أتى دور سنان آغا فتصرّفَ في عسير

حوالي سنة ونصف , وإبراهيم باشا تصرّفَ في عسير ما يُقارب من أربع سنوات

ثم الشريف محمد بن عون ( 1 ) حكم في عسير ما يقارب سنتين وبالعودة إلى

مسار الأمير سعيد بن مسلّط التاريخي الذي يعطي معظم المصادر صوراً توضح

الاستعدادات التي قام بها بعض أمراء آل يزيد في عسير إلى جانب الوزير الحسن

بن خالد الحازمي , في حين تشير بعض المصادر إلى أن الأمير سعيد بن مسلّط

والوزير الحسن بن خالد الحازمي قد اتحدا وتمركزا في المنطقة الواقعة بين أحد

رفيدة وخميس مشيط للتصدي لحملتي محمد بن عون وسليمان سنجق , وقيل خليل

آغا , وتحالفت قوات عسير وقوات الحسن بن خالد الحازمي والتقت مع القوات

الغازية قرب جبل شكر بأحد رفيدة وقتل الحسن بن خالد في تلك المعركة

بتاريخ 23 /8 / سنة 1234هـ ( 2 ) وبعد نجاح قوات الأتراك في غزوها

على عسير عُيّن محمد بن عون أميراً لبلاد عسير وقد اتخذا من طبب مقراً
( 3 ) لإمارته وفي سنة 1235هـ

تمكن الأمير سعيد بن مسلّط من قيادة قوة مكونة من معظم قبائل المنطقة وفرض

حصاراً على الحامية العثمانية في بلدة طبب حتى أجبرها على الاستسلام والمغادرة

من بلاد عسير ( 4 ) إلى الحجاز , وقد أشار الدكتور عبد الفتاح أبو عليّة إلى عدة

وثائق من ضمن مفادها مواقف قبائل عسير ضد قوات محمد علي باشا , وكيفية أن

تلك القبائل كانت تؤيّد الجانب السعودي , فيما ترينا تلك الوثائق كيف أنها قد حاربت

قوات محمد علي باشا كل القبائل المؤيّدة للدولة السعودية الأولى ( 5 ) في مقاطعات

عسير, وبحلول سنة 1236هـ كان قد فرض سعيد بن مسلّط سلطته على معظم

مقاطعات عسير , ولكن كانت ردّة الفعل من محمد علي باشا بإرسال حملة كان ,,

———————————————————————————————————————
( 1 ) فرسان من عسير صفحة 26 , + شبه جزيرة العرب نجد لمحمود شاكر صفحتي 235 – 236 ,
( 2 ) دور آل المتحمي الصفحات 312 – 313 – 314 – 315 , + الأمراء اليزيديون الصفحات 269 – 270 – 271 – 272 , ويلاحظ اعتبار أن جبل شكر يقع في أحد رفيدة بينما جبل شكر يقع غرب جبل ضمك وهو جبل مخابئ المدخرات اليوم , انظر محمد بن أحمد معبّر قصة البحث عن جرش ,
(3) الأمراء اليزيديون صفحة 274 , (4) المصدر السابق صفحتي 274 – 275
(5) دراسة في مصادر تاريخ الجزيرة العربية الحديث والمعاصر , مصادر تاريخ البلاد السعودية صفحة 61 , ويرمز أبو عليّة ببحر برا للمحفظة رقم ( 3 ) في الوثائق ذات الأرقام المتتالية : 114 – 115 – 116

رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية ” الأمير سعيد بن مسلّط اليزيدي المغيدي ” – 67-

يقودها أحمد باشا يكن والتي قد وصلت إلى عسير في 17 جمادى الآخرة 1236هـ

1821م والتقت قوات أحمد باشا بقوات عسير في اليوم المسمى بذي مسنون ( 1 )

بقيادة الأمير سعيد بن مسلّط , وقد أرغمت قوات سعيد بن مسلّط قوات أحمد باشا

يكن على الهرب والعودة إلى الحجاز, ولكن بمجرّد عودة أحمد باشا للحجاز قام

بتجهيز حملة يقودها الشريف محمد بن عون واتخذت تلك الحملة من السروات

مسلكاً لها بقصد القضاء على قوة الأمير سعيد بن مسلّط وبالفعل تمكنت تلك القوات

الغازية من تراجع سعيد بن مسلّط إلى الجهات الغربية في بلدتي ريدة والحرملة (2)

وبذلك سيطرت قوات الغزاة على طبب من جديد , وبعدها جنح الأمير سعيد بن

مسلّط إلى طلب التفاوض والمصالحة مع القوات التركية , ومن ثم تمّت المفاوضة

بين الأمير سعيد بن مسلّط والقائد محمد بن عون بواسطة الشيخ إبراهيم بن عبد

المتعالي , وبعد ذلك تمّت المصاهرة بين بعض الأشراف والأمير سعيد بن مسلّط ( 3 )

في أواخر عام 1236هـ 1822م , ومن الواضح جداً أن قيام إمارة آل يزيد الثانية

كانت في وقتٍ تحتدم فيه المخاطر والصعاب ولكن الأمير سعيد بن مسلّط كان حكيماً

ومُقداماً ومُقتدراً على التعامل مع تلك المخاطر التي تغلّبَ عليها برويتهِ التي يرى

من خلالها إنهُ ليس للعثمانيين أي حقٍ شرعيٍ في بلاد عسير ويرى أن مصالحة

الغزاة أمراً لا يجب العملُ به ( 4 ) بل يجب العمل على اتساع المقاومة حتى تتحرر

عسير من الهيمنة العثمانية , وبذلك أصبح من الواضح من خلال البحث والدراسة أن

الأمير سعيد بن مسلّط كان يضطلع بالهم والمهمة معاً حتى وإن كانت مرحلته

من أهم المراحل ( 5 ) وأصعبها في تاريخ المنطقة إلاّ إنّهُ كان دور ذلك ,,
————————————————————————————————————–
( 1 ) الأمراء اليزيديون صفحة 275 , عطفاً على ما جاء في مخطوط الحفظي في تاريخ الملك العسيري الورقة رقم 1 ( 2 ) أحاول في تصوير بعض الحصون والقلاع التابعة لأمراء آل يزيد في ريدة وأجعل منها في آخر هذه الرسالة إن شاء الله , أو بحث مستقل , ( 3 ) المصدر السابق 276 , الشيخ إبراهيم بن عبد المتعالي هو من مشايخ شمل رجال ألمع من قبائل قيس بن مسعود له دور كبير في قيادة قبائل رجال ألمع وفي المفاوضات ومن المعروف أن زعامة رجال ألمع كانت لدى أسرة آل عبد المتعالي , كما تفيد بعض المصادر الشفهية إلى أن الشيخ مشاري بن حسن شيخ بني جونة آنذاك كان له من الأدوار في المفاوضين ويقال إنه كان من المشايخ البارزين في المنطقة , إما المصاهرة فقد تزوج الشريف هزاع بن عون بحليمة بنت مسلط أخت الأمير سعيد
( 4 ) الأمراء اليزيديون صفحتي 280 – 281 , ( 5 ) رأيت أن الأمير سعيد بن مسلط كان له الدور الفعال في التآلف والتحالف ضد القوات الغازية , كذلك كان إلى جانب أخر أمراء آل المتحمي في أخراج الغزاة من عسير , وأيضاً كان سعيد بن مسلط وأمراء آل يزيد إلى جانب أمراء المخلاف السليماني المتواجدين في عسير لغرض محاربة الغزاة وإخراجهم من المنطقة , ولتلك الأعمال قد عظمت تلك الشخصية نظير سيرتها المتميّزة , مع أن كل المتضامنون أعدهم كلهم مناضلون عن بلادهم وأعد لهم البطولة والسير التي تُسجل على مدى التاريخ ,

رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية ” الأمير سعيد بن مسلّط اليزيدي المغيدي ” – 68-

الأمير بارزاً في بلاد عسير من قبل إمارته , إذ كان صاحب صولاتٍ وجولاتٍ في

الثورات على قوات الأتراك حتى أستقل الأمير سعيد بن مسلّط بإمارة مقاطعات عسير

من سنة 1228 إلى سنة 1242هـ ( 1 ) فكان سعيد بن مسلّط وقومه يجاهدون الجند

العثماني النظامي ( 2 ) وقادته الذين قد استهدفوا قبائل عسير وأمرائها بعدة حملات

متتالية لضرورة إخماد تحركات الأمير سعيد بن مسلّط التي كانت تتسع مع الوجود

العثماني في المنطقة , فما كان من محمد علي باشا إلاّ أن أوكل محافظ الحجاز وهو

أبن أخته أحمد باشا يكن الذي قد سبق الحديث عنه , وقد أوكل إليه محمد علي باشا

تأديب من يعبر عنهم بأشقياء عسير ( 3 ) سنة 1239هـ وعلى أثر ذلك تم تجهيز

الفرق العسكرية إلى عسير, ومنها قوة لواء المشاة الثاني بقيادة الاي محمد بك

الديدار ويضم ذلك اللواء حوالي خمس فرق عسكرية ( 4 ) في كل فرقة حوالي

ثمانمائة جندي , ومنها فرقة عسكرية بقيادة البكباشي إبراهيم آغا وتتكوّن تلك الفرقة

من حوالي ثمانمائة جندي,إضافة إلى أعداد كبيرة من الخيّالة والبلطجيّة ( 5 ) وكذلك

عددٍ من جنود المدفعية , وعددٍ من الأطباء والجغرافيين مثل أمين أفندي ورضوان

أفندي الذين قاما برسم خارطة الطريق ( 6 ) للحملة من الحجاز إلى عسير, وقد

تجوّلتْ تلك الحملة ببطء ما بين الطائف وتربة وكلاخ وبسل لغرض تأمين أكبر عددٍ

ممكنٍ من الجمال لنقل أثقال تلك الحملة , ثم واصلت الحملة مسيرها جنوباً حتى

وصلت بلدة العقيق ببلاد غامد ( 7 ) ثم أخذت الحملة طريقها إلى بيشة وعسكرت

بها في حين أنه قد أخلاها الأمير سعيد بن مسلّط وتمركز في المناطق الجنوبية

الغربية من بيشة , حيث وجود جبال ملح المرتفعة نسبياً عن السهول الشرقية ,,
—————————————————————————————————
( 1 ) محمود شاكر , شبه جزيرة العرب نجد صفحتي 235 236 , + الأمراء اليزيديون صفحة 277 , + أرتباط عسير بالدعوة الإصلاحية صفحة 6 + دور آل المتحمي انظر ما بعد نهاية أمراء آل المتحمي + فرسان من عسير ولكنه يؤخر بدء إمارة سعيد بن مسلط عن هؤلاء بسنة واحدة فجعل إمارته تبدأ من سنة 1229 – 1242 هـ , بينما الأربعة السابقين قد اتفقوا على بداية إمارة سعيد بن مسلط من سنة 1228 – 1242هـ
( 2 ) الأمراء اليزيديون صفحة 310 , + شبه جزيرة العرب نجد لمحمود شاكر المصدر السابق
( 3 ) الأمراء اليزيديون صفحتي 310 – 311 ,
( 4 ) المصدر السابق صفحة 311 ,
( 5 ) المصدر السابق ص 311 , ( 6 ) المصدر السابق ( 7 ) المصدر السابق ص 312
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية ” الأمير سعيد بن مسلّط اليزيدي المغيدي ” – 69-
ومن هناك ناجز الأمير سعيد بن مسلّط وقادته الذين باغتوا الغزاة وحُلفائهم من

المصريين والمغاربة وبعض أعراب الحجاز في حين أنهُ قد برزَ الكثير من القادة

والقبائل في تلك المعارك والهجمات المنقضة على قوات الغزاة الأتراك من حول

جبال ملح السالفة الذكر , وبئر دنن أو بئر دن ( 1 ) الواقع بوادي هرجاب جنوب

بيشة , وبحسب المصادر عطفاً على ما ورد عن قائد تلك الحملة أحمد باشا يكن في

قوله : وبالجمال قمنا من بيشة بالذخائر التي استحضرت من بالقرن حيث غرنا على

العربان الموجودين بالبوغاز المسمى ( مضيق ) والكائن بالقرب من بئر دنن فَقُتِلَ من

العربان خمسة ونُهِبَ الكثير من الخراف ( 2 ) قال : ولما كان المكان الذي

لجأ إليه علي بن مجثّل صعب المرتقى فقد تُرِكَ على يميننا , قال :
ولما كانت الحملة العثمانية قد تجاوزت المخطط العسكري الذي قد رسمته قيادة قوات

عسير للإيقاع بها , وقد فضّل الأمير سعيد بن مسلّط الانسحاب ( 3 ) إلى وادي بيشة ,

فبادرت الحملة العثمانية بإجراء تمشيط واسعة في قرى بني واهب شهران , ثم

يواصل أحمد باشا يكن قوله : وعلمنا من جواسيسنا أن علي بن مجثّل ( 4 ) قد

انسحب إلى وادي شهران , فقمنا من هناك وقطعنا المنازل حتى وصلنا قرى بني

واهب فأحرقناها من أولها إلى آخرها ! ( 5 ) ويمضي أحمد باشا قائلاً أنه في 28

جمادى الأولى سنة 1239 هـ 30 يناير 1824م قد تمركزت حملته في منطقة

السليل ( 6 ) ثم بعث بسرية استطلاع لوادي شهران الذي قد تمركزت فيه قبائل عسير , قال أحمد باشا :
فوجدت سرية الاستطلاع أن قوات سعيد بن مسلّط قد انقسمت إلى قسمين ربما رغبة في عدم مواجهة قوات الأتراك ( 7 ) ذات العدة ,, ————————————————————————————————————–
( 1 ) الأمراء اليزيديون من صفحة 312 إلى صفحة 315 ، إذ برز من القادة علي بن مجثّل وبن مشيط ومن القبائل المذكورتن في تلك المعارك باللحمر , وباللسمر , ورفيدة , وعبيدة , وشهران , وبني واهب , وجميع عسير , أقول أن في السياق السابق نواقص وتناقض , فبني واهب هم من عداد شهران , وجميع عسير قد يعني جميع قبائل المنطقة , ولذلك فلا يعوّل على مراسلات العثمانيين …
( 2 ) المصدر السابق صفحة 314 , ويبدو أن الحملة العثمانية المرتزقة قد حققت نجاحا باهراً في نهب الخراف , بحسب مراسلاتهم لقياداتهم القومية … ( 3 ) المصدر السابق ص 314 , طبعا ليس أمام سعيد بن مسلط وعلي بن مجثّل سوى الانسحاب إلى جهة تساعدهما على التحصن والمقاومة بحسب أسلحتهم التقليدية…
( 4 ) المصدر السابق ص 315 , ولا أدري كيف يصف أحمد باشا ترك علي بن مجثّل عن يمينه حين رأى أنه في مكان صعب , ولا يصف تحركات المقاومة بنفس المنظار !
( 5 ) هذه نماذج من مراسلات قادة الغزاة الأتراك , ومنهم أحمد باشا يكن الذي يراسل المعية السنية بحسب توجيهه ص 315 المصدر السابق , وهذه من منشورات عبد الرحيم بن عبد الرحمن التي قد أشرنا إلى بعضها في الرسالة الثالثة ,
( 6 ) المصدر السابق ص 315 , أقول أن السليل وادٍ يقع شمال شرق وادي بن هشبل من بلاد شهران وذلك الوادي يسكنه قبائل بني بجاد من قبائل شهران العريضة , ( 7 ) المصدر السابق ص 315 , أن قيادة سعيد بن مسلط كانت ناجحة رغم المصاعب المصاحبة لفترة إمارته الانتقالية , وتزايد الحملات العثمانية على المنطقة , والشتات والتصدع الذين قد ألما ببلاد الجزيرة العربية عامةً وببلاد عسير خاصة إلاّ أن سعيد بن مسلط قد وقف وقفة القائد الجسور والأسد الهصور أمام تلك الملمات الصعاب ,

رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية ” الأمير سعيد بن مسلّط اليزيدي المغيدي ” – 70-

والعتاد المتنوّع , وذات الكثرة في تعداد الجند , وربما محاولة من قوات عسير ذات

القلة في كل متطلّبات الحرب في فتح أكثر من ثغرة أمام أولئك الغزاة بقصد تبديد

قوات الأتراك , مما أدى إلى تصادم بعض قوات عسير مع الغزاة في موقع زبران

بالسليل , وفي تلك الأثناء تغلّبت القوات الغازية بمدافعها على مقاوة عسير التي قٌتِلَ

منها ما يقارب المائتين مقاتل ( 1 ) ومن ثم تراجع سعيد بن مسلّط وقومه إلى الجبال

الغربية وباتت الطريق أمنةً من السليل إلى خميس مشيط أمام الحملة التركية فما

كان من أحمد باشا إلاّ أن تقدّمَ إلى بلدة خميس مشط واحتلها وتمركز فيها وأتتهُ

بعض الوفود تعلن استسلامها , وتطلب ( 2 ) الأمان وعقب ذلك أحتل حجلا ثم استمر

أحمد باشا يكن وقواته نحو أبها واحتلّوها دون مقاومة ( 3 ) ثم اتجه إلى قرى بني

مالك شمال أبها وإلى بلدة ملاحة الكائنة جوار جبال شنؤة ( 4 ) وعقبة شعار شمال

غرب أبها وكان الأمير سعيد بن مسلّط وقومه قد اخلوا حجلا وأبها وكل المواضع

السابقة لعلمهم بتفوق الغزاة في الأراضي المكشوفة , فعمدوا للتحصين بامتداد جبال

الطور الغربية من رأس عقبة شعار شمالاً إلى ذي مسنون أو ذي” أمسنون” ( 5 )

جنوباً , وقيل في الروايات أن قبائل عسير في تلك الأثناء قد لزمت الأطوار الغربية

من شعار شمالاً إلى طور آل يزيد جنوباً , وتم وضع الأقوياء من الرجال في الجهات

الشمالية أكثر من الجهات الجنوبية ( 6 ) وقد تم الاستعداد لتلك الخطط منذُ أن

قدمت حملة أحمد باشا السليل كما أشار أحد قادة الحملة إلى تلك الترتيبات التي

أدهشت الغزاة ( 7 ) فوصفوا الأمير علي بن مجثّل أنه رئيس فتنة الفساد ومعه أربعة

ألاف من الأشقياء قد سدوا العقبة وبنوا ( 8 ) فيها متاريس , ومع أخيه سعيد ,,
—– ————————————————————————————————-
( 1 ) الأمراء اليزيديون صفحتي 315 – 316 ,
( 2 ) المصدر السابق صفحتي 316 – 317 ,
( 4 ) قبائل إقليم عسير في الجاهلية والإسلام للعمروي , ج1 مواطن الأزد ومنهم ازد شنؤة من صفحة 105 إلى صفحة 107 , + المصدر السابق صفحة 316 , ( 5 ) الأمراء اليزيديون صفحة 317 , ذي أمسنون وصفها علي عوض قطب أنها قرية صغيرة تقع في صدر وادي الملاحة أي في فرعه الجنوبي الغربي بين الملاحة وطبب , ( 6 ) مقابلة مع عدة شخصيات من المنطقة في نادي أبها الأدبي منهم الأستاذ أحمد بن إبراهيم مطاعن , والأستاذ محمد بن علي آل عبد المتعالي أحد مشايخ المنطقة وآخرين كثر أثناء الحديث عن موقف سعيد بن مسلط وقومه من حملة أحمد باشا يكن …
( 7 ) الأمراء اليزيديون صفحة 317 , والقائد الذي أشار لترتيبات العسيريون هو محمد بك الديدار قائد لواء المشاة الثاني المشارك في تلك الحملة , ( 8 ) المصدر السابق صفحة 317 , والعقبة هي عقبة شعار , والمتاريس هي المحاجي أو الخنادق المحفورة في الأرض ومنها ما يُبنى بالحجارة فوق الأرض ,

رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية ” الأمير سعيد بن مسلّط اليزيدي المغيدي ” – 71-

بن مسلّط أربعة ألاف آخرين من الملاعين ينوي الهجوم بهم على الجيش عندما ينشب القتال مع أخيه ( 1 ) ثم قال :

وإزاء تلك المآزق فقد تقرر عقد مجلس

عسكري بين قواد الحملة العثمانية برئاسة أحمد باشا يكن نتج عنه تقسيم الحملة إلى قسمين :

القسم الأول مهمته أن يهاجم الأميرعلي بن مجثّل وقواته في الجهة الشمالية للمكان

والقسم الثاني ومهمته التصدّى للهجوم الجنوبي المتوقع من سعيد بن مسلّط وقومه

وفي 17 من جمادى الآخرة سنة 1239هـ 18 فبراير 1824م كان هجوم الغزاة على

علي بن مجثل وقومه ( 2 ) وعلى أثر ذلك قام بن مسلّط بالهجوم على الغزاة من

الخلف لتحدث وقعة ذي مسنون السالفة الذكر , ويعتبر النصر في تلك المعارك كان

حليفاً للغزاة , ولكن لا فضل لهم إذ هم يمتلكون كل وسائل الحرب ومعداته حين

ذاك بينما القبائل وقادتهم لا يملكون سوى أسلحة تقليدية لا تساوي 5 % مما لدي

الغزاة من الأسلحة ومعدات الحرب , كذلك كانت أعداد المقاتلين تتفاوت بين القوات

الغازية والمدافعين , فلا تناسب بين الفريقين , ولكن الأتراك لم يتلذذوا بمحاسن

الجزيرة العربية التي كانت ولا زالت تسقي غُزاتها المرار والعلقم ( 3 ) إذ كانت

بلدان جزيرة العرب مسرحاً للصراعات البينية والهجمات الخارجية , ولذلك أرى

أنها لا تقل عن ذات المليون شهيد ( 4 ) ولكن ربما لم يتم إحصاء القتلى في

بلدان جزيرة العرب منذُ قيام إمارة الدرعية سنة 858 هـ وما جرى بشأنها من

الصراعات إلى قيام الدولة السعودية الأولى سنة 1157هـ وإلى نهايتها سنة

1233هـ ( 5 ) بشكل دقيق يتيح للباحثين في تاريخ الجزيرة العربية ,,
————————————————————————-
( 1 ) الأمراء اليزيديون صفحتي 317 – 318 , ونلاحظ أن الغزاة وقادتهم لا يترددون في إطلاق الكلام البذيء على القبائل والأمراء في أي زمانٍ أو مكان كما جاء في السياق السابق من وصف الأميرين علي بن مجثّل وسعيد بن مسلط ورجالهم الأوفياء بالملاعين أو بالأشقياء أو بأصحاب الفتن … في مراسلات ومخاطبات الأتراك ,
( 2 ) المصدر السابق ص 318 , ( 3 ) المُر بضم الميم ضد الحلو وهو صمغٍ معروفٍ يظهر من شجر القفل أو القتاد في جبال تُهامة , وكذلك يوجد نباتات المرار التي تستشري على سطح الأرض وقد أكل منها بعض سكان الجزيرة العربية ومنهم آكل المرار التغلبي , وكذلك الحنظل نبات مُر وحامض الطعم , يضرب بالمر والحنظل المثل في عدم الانصياع والطاعة للهيمنة الغير واقعية .. ( 4 ) ذات المليون أو المليون ونضف شهيد هي أرض الجزائر وهي ثورة قام بها القليل من الجزائريين ضد الاستعمار الفرنسي الذي قد هيمن على أرض الجزائر حوالي 130 سنة متواصلة , قامت الثورة الجزائرية في يوم الاثنين 5 / 3 / 1374هـ الموافق 1 نوفمبر سنة 1954م وانتهت بتحرير أراضي الجزائر من براثن الاحتلال خلال ثمان سنوات من قيام الثورة , إذ قامت الثورة سنة 1954 م و تم آخر خروج للمستعمرين الفرنسيين سنة 1962 م = 1962 – 1954 = 8 سنوات , ( 5 ) انظر الرسالة الأولى ومصادرها من هذا البحث ( أمراء وأئمة الدرعية ) تأسيس الإمارة سنة 858 هـ وتحوّل الإمارة إلى إمامة سنة 1157هـ ,

رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية ” الأمير سعيد بن مسلّط اليزيدي المغيدي ” – 72-

الكثير من المعلومات التي يُنقل منها إلى الدراسات والبحوث الجديدة , ما يضفي

ويثري جوانبها التاريخية , أو يزيدُ في مساراها إلى الأفضل , هذا ويأتي في ذكر

معارك سعيد بن مسلّط وعلي بن مجثّل مع قوات أحمد باشا أن هناك خسائر

في جانب الغزاة ومن بينهم قياديين قتلى وجرحى ( 1 ) بينما الأميران سعيد بن

مسلّط وعلي بن مجثّل قد تراجعا إلى الأطوار الغربية من وادي السقا وبلدتي ريدة

والحرملة حين أدركا أن تلك المرحلة كانت حرجة ( 2 ) ولعلهما يريدان من بعدها

أن يستعيدان من قواهما أو يعملان مع قومهما تخطيطاً جديداً لحرب العصابات أو

أي طريقةٍ حربيةٍ ضد القوات الغازية المتمركزة في أبها وبلدة طبب( 3 )
وضواحيهما

فيما كان أحمد باشا يجمع الأهالي ويحاول في سحب أسلحتهم ولكن أهالي عسير

قد امتنعوا عن تسليم الأسلحة ( 4 ) لأحمد باشا يكن وجنوده , وربما كان ذلك الرفض

سبباً في عودة أحمد باشا إلى الحجاز , مع بقاء حاميتين عسكريتين إحداهما في أبها

بقيادة مصطفى آغا , والثانية في بلدة طبب بقيادة الشريف ( 5 ) محمد بن عون , ولم

يلبث الأمير سعيد بن مسلط طويلاً إلاً وحاصر طبب لمدة 23يوماً بدأت من 3 / 8

/ 1229هـ إلى 26 / 8 / 1229هـ فاستسلمت حامية طبب وقائدها ولا زال للغزاة

بقيةً في أبها على ما يمليه الأمير سعيد بن مسلط من شروط ومنها :
أولاً – انسحاب قوات الأتراك من بلدان عسير …

ثانياً – التوقيع على استقلال إقليم عسير وعدم مطالبة الأتراك وقادتهم بها …

ثالثاً – الاعتراف بحدود إمارة عسير آنذاك من بارق شمالاً إلى صبيا جنوباً ( 6 )

هذا وقد وصفت بعض المصادر والحوليات اليمنية معظم المجريات في عسير ,,
—————————————————————————————————–
( 1 ) من القياديين الجرحى حسن آغا بيكباشي جريح , والصاغقون أغاسي جريح , والصول قول أغاسي شهيد , وجنود كثيرون , الأمراء اليزيديون صفحتي 318 – 319 ,
( 2 ) المصدر السابق صفحتي 319 – 320 ( 3 ) المصدر السابق صفحة 320 , ( 4 ) المصدر السابق صفحة 321,
( 5 ) المصدر السابق صفحة 321 ,

( 6 ) المصدر السابق ص 322 , ويلاحظ أن إمارة مقاطعات عسير كانت بين المد والجزر في تلك الحُقب التاريخيّة سواءً فيما سبقها أو فيما عقبها , إذ نجد إمارة عسير تمتد إلى داخل الأراضي اليمنية جنوباً وإلى الحجاز أحياناً , كذلك نجد إمارة عسير تملك إلى حدود وادي الدواسر وبيشة ورنية والخرمة شرقاً وإلى شواطئ البحر الأحمر غرباً وهكذا ,

رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية ” الأمير سعيد بن مسلّط اليزيدي المغيدي ” – 73-

حينها , إذ جاء عن المراجع اليمنية أن الأخبار أتت بخروج عصابات الأتراك من

بلاد عسير بعد الحروب والخسائر والصراعات الدامية التي دامت في تلك المرحلة

حوالي خمسة أشهر ( 1 ) وبعدما حاق بالقوات العثمانية من العجز عن البقاء في

عسير بدأت إمارة سعيد بن مسلط تتوسّع يمنه ويسرة حتى بلغت حدود الدواسر

شرقاً وبلاد بارق غارباً ( 2 ) بحسب ما جاء في بعض التقارير , وإشارات معظم

المصادر إلى أن الأمير سعيد بن مسلط والأمير علي بن مجثّل كانا حريصين على

توسيع إمارة عسير في تلك الفترة , وكذلك لهما نفس الحرص على المصالحة مع

حكام الحجاز آنذاك ( 3 ) لضمان الأمن في المنطقة وطمعاً في الحفاظ على الاستقلال

الذي قد تم من ذي قبل مع الشريف محمد بن عون وأحمد باشا يكن , ولكن أمراء

الحجاز لم يكونوا ملتزمين بالوفاء بالصلح والبقاء على المعاهدة السابقة , بل بادروا

بمحاولة فرض شروط جديدة , ومنها طلب حضور أمراء ومشايخ عسير إلى الحجاز

ربما بغيةً للغدر بهم أو أخذ رهائنَ منهم حتى يتقبّلوا كلما تمليه حكومة الحجاز

على عسير من شروط وفرضيات , ولكن الأمير سعيد بن مسلط رفض تلك المطالب

وفضّل هو والغالب من أهالي عسير الاستعداد والتأهب والتصدي للمحملات العثمانية

التي سيشنها العثمانيين على عسير مجدداً , في حين وجود اليسير من التأييد للقوات

الحجازية من بعض المشايخ والأعيان في بلاد عسير ( 4 ) كما جاء في مرسلات

أحمد باشا وغيره سنة 1240هـ وتحركات الفرق العسكرية من الحجاز إلى عسير

بعد منتصف تلك السنة بقيادة أحمد باشا , وسليم آغا والشريف محمد بن عون

وحسين بك ( 5 ) وغيرهم , إذ توافدت الفرق العثمانية من الحجاز عن طريق القنفذة

إلى عسير من عدة طرق مختارة بحسب ما يتناسب مع مواقف بعض ,,
—————————————————————————————————-

( 1 ) الأمراء اليزيديون صفحتي 322 – 323 ,
( 2 ) المصدر السابق صفحتي 323 – 324
( 3 ) المصدر السابق صفحتي 324 – 335 , يتبيّن من خلال استطلاع المصدر مراسلة الشريفين محمد بن عون وأحمد باشا , من الأميرين سعيد بن مسلط وعلي بن مجثّل
( 4 ) المصدر السابق صفحتي 328 – 329 ,
( 5 ) المصدر السابق صفحتي 329 – 330 ,

رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية ” الأمير سعيد بن مسلّط اليزيدي المغيدي ” – 74

المشايخ وأتباعهم من القبائل ( 1 ) وذلك مما لا شك فيه أن من تلك المواقف

المؤيدة للغزاة الأتراك والتي ستزيد من أطماعهم السياسية والعسكرية في المنطقة .

ومما يُقلّـل من تضامن القبائل وجهودهم في التصدي للغزاة , وبعد أن أحكمت قوات

الأتراك السيطرة على مدينة أبها وقامت بتأمين الطرق منها وإليها , صَعَدَتْ قوات

أحمد باشا يكن من بلدة الشقيق على شاطئ البحر الأحمر إلى سراة عسير وتمركزت

في أبها من تاريخ 27 شوال سنة 1240هـ وعَقب ذلك التمركز أتى الكثير من وفود

الأهالي للمطالبة بالأمان , وتشير بعض المصادر عطفاً على بعض الوثائق العثمانية

إلى أن الأميرين سعيد بن مسلّط , وعلي بن مجثّل قد عرضا طلباً للمصالحة مع

أحمد باشا يكن , إلاّ أن أحمد باشا رفض عرض الأميرين , وشرع ( 2 ) في عمل

مخطط عسكري ليطيح بالأميرين في معقليهما الحصينين ببلدتي ريدة والحرملة وفي

الأطوار الغربية عن أبها , فقام أحمد باشا ببعث حلملتين عسكريتين وكان هو قائد

إحدى الحملتين بنفسه ومعه القائد الاي محمد بك ليقوم بالاستيلاء على وادي السقا

وما حوله ثم محاصرة ريدة , بينما يقود الحملة الثانية القائد سليم آغا وكان معه

ثلاث فرق عسكرية إضافة إلى شوكات القبائل والمشايخ المؤيدين للأتراك بقيادة

مانع أبو نقطة ( 3 ) وكان من خطط تلك الحملة النفوذ من عقبة الصماء للاستيلاء

علىقبائل رجال ألمع ومن ثم الالتفاف على معاقل ريدة وحرملة من الجهة الغربية

حتى تصبح مواقع ريدة والحرملة بين فكي القوتين , القادمة من الشرق بقيادة أحمد

باشا والقادمة من الغرب بقيادة سليم آغا , ومن ثم تتحرر سُبل جيوش أحمد باشا

من أبها إلى موانئ البحر الأحمر ( 4 ) والحجاز, ولكن عند وصول قوات سليم آغا

إلى مشارف عقبة الصماء تقرر إنزال قوات مانع أبو نقطة وبقاء قوات ,, ———————————————————————————————————————– ( 1 ) الأمراء اليزيديون الصفحات 328 – 329 – 330 – 331 , بتلك الصفحات معظم التفاصيل عن الأسماء والرسائل بين الغزاة والمؤيّدين , و اختيار طُرق سير الحملات للامان في الوصول إلى الهدف الرئيسي وهكذا
( 2 ) المصدر السابق صفحتي 331 – 332 ,

( 3 ) المصدر السابق صفحة 332 , وقد يكون مانع هذا أخاً شقيقاً للأميرين محمد بن عامر وعبد الوهاب بن عامر , حيث أطلعت أثناء بحثي أن لقب أبو نقطة كان لأبيهما وهما من بعده ولا يشمل بقية أُمراء المتاحمة ,
( 4 ) المصدر السابق صفحة 334 ,

رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية ” الأمير” سعيد بن مسلّط اليزيدي المغيدي
– 75-
——————————————————————————————————–

سليم آغا , ربما بهدف ضرب أهالي عسير بعضهم ببعض وسلامة الغزاة الأتراك,

وفي تلك الأثناء تصادمت قوات سعيد بن مسلّط مع قوات مانع أبو نقطة فظفر بن

مسلّط بكسب المعركة وتم أسر مانع , ثم امتدّت المناوشة بين بن مسلّط وبين سليم

فطلب آغا النجدة من قوات أحمد باشا في السقا , وفي اثناء تحرّكات النجدة من السقا

بقياد الاي محمد بك , إلاّ وقد فوجئت بقايا قوات أحمد باشا بهجوم مباغت في وادي

السقا ( 1 ) وما حوله من قوات الأمير علي بن مجثّل , مما جبر أحمد باشا على إخلاء

بلدة السقا وما حولها والانسحاب منها إلى حيث قواته المتمركزة في مشارف عقبة

الصماء , فيما استغل الأمير علي بن مجثّل وقواته فرصة الانسحاب من السقا فقاموا

بمطاردة الأتراك إذ دخل الهلع والخوف في صفوف الغزاة ( 2 ) ولحق قوم علي

بن مجثّل بفلول الأتراك وقادتهم أثناء ذلك الانهيار والذعر, وغنموا سقوط الأمطار

فمضوا في ساقة الفلول التركية حتى صوّرَ القائد التركي أحمد باشا هروب قومه

في مراسلته لمحمد علي باشا بقوله :

( وقد وقع الرعب فيهم فلم يعبئوا بترتيب الحرب ورئيس العساكر , وجعلوا

يسرعون للوصول إلى الأمام , حيث الجيش بقصد وقاية أنفسهم , ( 3 )

وأني كنت قد ألححت عليهم بالرجوع , ومقابلة العدو وأجبرتهم على السير بالتأنّي إلاّ أنه لم يفد شيئاً (4)

وقد أضحت الخسائر فادحة في صفوف قوات أحمد باشا من جراء هجوم الأمير

علي بن مجثّل وقومه وملاحقتهم لقوات أحمد باشا كما وصفها عثمان بن بشر

في عنوان المجد , ومما جاء من ردود محمد علي باشا على رسائل أحمد باشا قوله :
( وإذا نظرنا إلى كتابة ذلك الخطاب , ومجرى الأحوال علمنا بالبداهة أن الجيش

هُزِمَ واضمحل ) – ( 5 ) ومن جانبٍ آخر فقد يُعد انتصار قوات سعيد بن ,,
——————————————————————————————————–

( 1 ) الأمراء اليزيديون صفحة 334 , وفي بعض الروايات أن قوات قوم أحمد باشا كانوا مرابطين ببارك السقا – والصعيد – ومقعي وما حولهما من جبلي القرن والتلاع شرقاً حتى عقبة الخجاج التي تشرف على آل النجيمي غرباً ,
( 2 ) المصدر السابق صفحتي 334 – 335 , كانت المطاردة وتعقُّبِ الأتراك من المواضع السابقة بإتجاه الشمال الشمال الغربي ,
( 3 ) المصدر السابق صفحة 335 , أتى في المصدر يقصد , بينما هي بقصد أن قومه يبحثون عن وقاية أنفسهم
( 4 ) المصدر السابق 335 , أشار المؤلف إلى رسالة أحمد باشا المنشورة لدى عبد الرحيم بن عبد الرحمن , من وثائق شبه الجزيرة العربية صفحتي 362 -363 , من كتاب عبد الرحيم عبد الرحمن , ( 5 ) المصدر السابق الصفحات 335 – 336 – 337 , وللمزيد طالع ج2 عنوان المجد في تاريخ نجد صفحتي 40 – 41 ,

رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية ” الأمير سعيد بن مسلّط اليزيدي المغيدي ” – 76-
————————————————————————————–

مسلّط على قوات محمد علي باشا من أكبر الانتصارات ومن ثم تعتبر القوات

العثمانية قد فقدت سيطرتها ونفوذها على عسير عام 1240هـ 1825م , فيما قام

الأمير سعيد بن مسلط يهتم بتثبيت قواعد إمارته ويعمل على شؤونه الداخلية إلى

جانب العمل على سياسته الخارجية خصوصاً مع المخلاف السليماني في ترسيخ

الوشائج بين بلاد عسير والمخلاف , إضافة إلى توطيد العلاقات مع قيام الدولة

السعودية الثانية ( 1 ) بقيادة الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود الذي

يعتبر هو مؤسس الدولة السعودية الثانية سنة 1240هـ 1825م , بعدما جرى من

الحروب والتصدع والفراغ السياسي الذي حدثَ في نجد منذُ غزو إبراهيم باشا

للدرعية في غرة جمادى الثانية سنة 1233هـ إلى سقوط الدرعية في أخر تلك

السنة ( 2 ) بعد تسليم الإمام عبد الله بن سعود نفسه فداءً عن الأهالي , وبموجب

الشروط المبيّنة في حقل الإمام عبد الله بن سعود ضمن الرسالة الأولى , إلاّ أنه

جرى خلال ذلك الفراغ السياسي محاولة من الأمير محمد بن مشاري بن معمّر

محاولة في إقامة إمارة في نجد وربما تكن تلك الإمارة موالية للأتراك , ولكن عند

عودة الأمير مشاري بن سعود الذي استطاع التخلّص من الأسر والفرار من العثمانيين

في ضواحي ينبع , وعند عودته إلى نجد أعلن محمد بن مشاري بن معمّر تنازله

عن الإمارة للأمير مشاري بن سعود , ثم خرج بن معمّر إلى سدوس وجمع من

أنصاره مثل فيصل الدويش أحد كبار مشايخ قبيلة مطير ودخل بهم إلى الدرعية

وألقى القبض على مشاري بن سعود ومن ثم سلّمه للقوات ( 3 ) العثمانية المتبقية

في عُنيزة بقيادة آبوش آغا , وكان الأمام تركي بن عبد الله قد أيّد قيام إمارة محمد

بن مشاري بن معمر , كونه يرى أن الإمارة في نجد يجب أن تكون بأيدي أهلها لا

بأيدي الخوارج وعند عودة مشاري بن سعود وتنازل محمد بن معمر بالإمارة له ,,
( 1 ) الأمراء اليزيديون صفحتي 338 – 339 , وللمزيد انظر تواريخ الدولة السعودية الثانية ,

( 2 ) الخبر والعيان في تاريخ نجد من صفحة 303 – 310 , + ج1 عنوان المجد من صفحة 355 – 387 + الأمراء اليزيديون صفحتي 338 – 339 ,
( 3 ) الأمراء اىليزيديون صفحتي 240 241 , وللمزيد انظر تاريخ المملكة العربية السعودية لعبد الله العثيمين ج1 من صفحة 215 إلى صفحة 218 , وج2 من صفحة 15 إلى صفحة 18 , مصادر سابقة ,

رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية ” الأمير سعيد بن مسلّط اليزيدي المغيدي ” – 77-
———————————————————————————————————

قام الإمام تركي بالمباركة والتأييد لمشاري بن سعود أيضاً , ولكن عند ألقاء القبض

على مشاري بن سعود , من لدن بن معمّر, قام الإمام تركي من الحائر مصمماً على

إعادة الحق إلى نصابه ( 1 ) ودعا في أهالي الحائر وضرماء وسار بهم إلى الدرعية

وقبض على بن معمّر ثم فتح الرياض وقبض على أميرها مشاري بن محمد بن

معمّر أبن محمد بن مشاري بن معمّر , وبعد ذلك تم فتح معظم بلدان نجد والأحساء

وقد استمرت الحروب في نجد وعسير من معظم الأهالي ضد الوجود العثماني وكانت

تلك الحروب شبه متلازمة ومهمة لكلٍ من أهالي نجد وأهالي عسير سواءً في حالات

الانتصارات أو حال الهزيمة , وذلك كما كان يصف صاحب عنوان المجد بعض الأوضاع

في عسير آنذاك , وكما كان يشيد بانتصاراتهم , حتى ولو أهملت معظم مصادرنا

المحلية هذا الجانب , إلاّ أن بعض الباحثين قد أشار إلى وجود علاقات وتنسيق بين

الإمام تركي وبين أمراء عسير ومنها ما جاء في بعض التقارير العثمانية من أنه قد

بعث الإمام تركي بن عبد الله بأحد رجاله إلى عسير برسائل وكتب من مضمونها

إنك من عندك وأنا من عندي ( 2 ) ورد له بن مجثّل بالموافقة على مقاومة الأتراك

وعلى ألا يكون في تداخل نفوذهما حول وادي الدواسر أي مثار للخلاف إذ دانت

معظم بلدان وادي الدواسر لأمير عسير عدا الأمير بن قويد وقومه ويشير التقرير

بالقول أن : الأمير سعيد بن مسلط كان مشغول بإنشاء القلاع على التعاقب وعلى

تقوية أطراف إمارته , هذا من أهم ما دونته تواريخ نجد عن مقاومة الأمير سعيد

بن مسلط في غضون قيام الدولة السعودية الثانية ( 3 ) كذلك الأمر في مقاومة

خلفه الأمير علي بن مجثّل خلال السنين من 1242إلى 1249هـ ولكن بعض
الباحثين يعتبرون أن أمراء عسير ,,

( 1 ) ج 1 تاريخ المملكة العربية السعودية لعبد الله بن صالح العثيمين من صفحة 219 إلى صفحة 224 ,
( 2 ) الأمراء اليزيديون صفحتي 342 – 343 , والمبعوث من لدن الإمام تركي بن عبد الله هو تركي بن محمد بن عبد العزيز والذي استقبله في عسير هو الأمير علي بن مجثّل ( 3 ) المصدر السابق من صفحة 344 – 347 , مصدرين سابقين ,

رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية ” الأمير سعيد بن مسلّط اليزيدي المغيدي ” – 78

كانوا في تلك الفترة مستقلين بحكم عسير إلا أن المهام والأهداف بين أئمة

وأمراء وأهالي نجد , وبين أمراء وأهالي عسير أصبحت شبه مشتركة في المحاربة

ضد خصومهم الأتراك , وكذلك التصميم على أخراج الأتراك من المنطقة , إذ كانت

الأهداف متقاربة حتى ولو تباعدت الأقطار فالمقاصد والنوايا كانت تسير في مسار

موحد , وذلك مما جعل المقاومة والصراعات تستمر ضد الغزاة حتى تم خروج الأتراك

من الجزيرة العربية في أوائل القرن الرابع عشر الهجري , وربما نستعرض من

كيفية خروج الأتراك من بلدان جزيرة العرب في الرسائل القادمة , هذا وقد استمر

الأمير سعيد بن مسلّط في إمارته إلى أواخر سنة 1242هـ وكانت علاقاته مع

المجاورين علاقات جيدة ومبنيّة على مبادئ حسن الجوار ( 1 ) مع التركيز على

التنظيمات الداخلية والتصدي للحملات العثمانية المتتالية على عسير, وقد تمكن الأمير

سعيد بن مسلط من جعل بلاد بارق تحت سيطرته ( 2 ) كحد أدنى لحدود عسير في

عهده مع العلم أن تلك الحدود كانت تمتد إلى ضواحي الحجاز في عهد أمراء آل

المتحمي وبعض سابقيهم من أمراء آل يزيد , وأتخذ الأمير سعيد بن مسلط من وادي

السقا مقراً لإمارته وعاصمةً إداريةً لمقاطعاتِ عسير ( 3 ) بدلاً من بلدة طبب إبان

حكم أمراء آل المتحمي لعسير من سنة 1215هـ إلى سنة 1230هـ ( 4 ) لكون

القبيلة تُعد حصناً حصيناً ودرعاً متيناً للحاكم في عسير وسواها آنذاك ومن المعلوم

أن سعيد بن مسلط يزيدي العشيرة مغيدي القبيلة , وذلك مما يحدى بهِ إلى جعل مقر

إمارته في مسقط رأسه بلدة السقا وبالقرب من ممتلكات أمراء آل يزيد بطوري

ريدة والحرملة الحصينتين حيث بقيت حصون وقلاع أمراء آل يزيد بين وادي السقا

وريدة والحرملة إلى يومنا هذا , هكذا أرسى الأمير سعيد بن مسلط قواعد إمارته

ونظّمَ إدارته حتى توفي رحمه الله سنة 1242هـ ,,

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) الأمراء اليزيديون من صفحة 348 إلى صفحة 350 ,
( 2 ) المصدر السابق صفحة 357 , ( 3 ) المصدر السابق صفحة 364
( 4 ) عسير خلال قرنين دراسة في ضؤ الوثائق والنوصوص التاريخية العسيرية المصرية من صفحة 5 إلى صفحة 91 ,>

شاهد أيضاً

وثيقة “الاستدامة الثقافية” منجز لافت لمهرجان الجبل في نسخته الثالثة

صحيفة عسير _ يحيى مشافي أفضى الوعي الثقافي والأنشطة الإبداعية في ميادين الثقافة المختلفة والزخم …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com