ونحن نحاول اكتناه كنه كلٍ من الكائن والممكن في الفكر الإخواني بكليته ، يتحتم علينا التساؤل بدءًا : ماهي الحدود التي تؤطر فكر الإخوان ؟ أو بمعنى آخر : مالمساحة التي يتحرك فيها الفكر الإخواني بحرية تامة وفق ايديلوجياته المعلنة والمضمرة في آن واحد ؟ ونحن أيضًا إزاء الإجابة على هذا السؤال ؛ سننطلق من ثنائيتي الكائن والممكن مغفلين بذلك ظروف نشأة هذا الفكر باعتبار أن ذلك شأن تاريخي بحت له ظروفه وملابساته التي لاتهمنا ، إنما نحن معنيون في مقالنا هذا بديالكتيكية الكائن والممكن ، فالفكر الإخواني باعتبار أصوله وأسسه ( المعلنة ) والتي تصوغ رؤيته وتوجهه ، فكر جمعي يتخذ من وعي المجموع أساسًا بائنًا ، وعليه أطلق لفظة ( الإخوان )كمسمى للدلالة على ذلك ، كذلك لو نظرنا للآلية التي يتم في إطارها اختيار المرشد العام للتنظيم لوجدنا أن ذلك يتم وفق عرف المبايعة والتي تخول لعضو الجماعة الترشح لمنصب الإرشاد وفق شروط محددة سلفاً
– هذه الشروط هلامية لاحدود لها كما سنرى – وهذا يحيلنا إلى السؤال المحدد أعلاه حول الحدود المؤطرة لفكر الجماعة ،فمنصب المرشدالعام هو مركز سلطوي باعتباره يقع في قمة الهرم التراتبي للتنظيم ، فإن كانت شروط الترشح له هلامية لاحدودية تنظيمية له { يمكن الإطلاع على هذه الشروط بموقع الجماعة } فهل هناك حدودًا لايمكن للتنظيم تجاوزها على مستوى الواقع – على الأقل – ؟ إن العودة لتاريخ الجماعة يخبرنا أن لاحدود كائنة لمشروع التنظيم ، وإنماهو مشروع فكري كوني له تصوراته اللامتناهية ، فهو مشروع متجاوز للتاريخ متعالٍ على الواقع التأريخي ، إذ أنه يحاول مأسسة البعد اليوتيوبي من خلال الوصول للسلطة وإقامة دولة الخلافة ، رافضًا الإنتماء الدولي – أي انضواءه لدولة معينة محددة – وهذا مايفسره لنا انتشار التنظيم بدول عدة ورفضه للحزبية السياسية في الدول التي يوجد بها ، هذا من جهة أما من ناحية التصور الكوني للمشروع ، وأعني به كوننة فكر التنظيم ، فيجب الإشارة هنا إلى أن الكون في معناه الميتافيزيقي – أي الغيبي – : هو ذلك الكون الرمزي البرزخي الخيالي الذي نلوذ به كلما فرض علينا وضعنا السسيوأنطولوجي في إطار الآخرين ذلك . وهذا يقودنا إلى القول بأن خطاب هذا الفكر إما أن يفردن الفرد أو يُسَلطنه على المجموع ، وإما أن يُقَطْعِن – من القطيع – باقي أفراد الجماعة التي ينتمي إليها الفرد . وبالنظر إلى أدبيات التنظيم يتبين لنا أن مشروع الفكر الإخواني مشروع ميت ، لا ايديولوجية محددة تدمغ نسقه الظاهر ولاآليات واضحة تمكنه من البروز والقيام بفاعلية تجاه محيطه ، إنما هو نظام براغماتي آليًا ، سلطوي قطعي يؤسس لقطعنة الأفراد تحت ذرائع مضمرة يوتيوبية تستحيل التحقق آنيًا .
ماجد أحمد ال مشافي/ ابها>