تأملات في رحيل صالح

عائشة عسيري”ألمعية”
مخيف هو الموت وبحق، يأتي على حين غفلة، وبصور مختلفة ، ونهايات مفاجئة، فهو لايقف عند صغير ولا كبير، ولا رئيس ولا مرؤوس، ولا قائد ولا تابع.

سيمر بالجميع ليأخذهم في رحلة أخيرة نحو نهاية مجهولة، فإما على خير وإلى خير، وإما على شر وإلى شر .
والسؤال هنا :
ترى هل كان الرئيس اليمني السابق/ علي عبدالله صالح ، يتوقع هذه النهاية المأساوية وبتلك الصورة البشعة، وعلى يد حلفاء الأمس ؟!

الله وحده أعلم بذلك، ولكن الدهشة والمفاجئة الحقيقية تكمن في خاتمته ، والتعاطف الذي فاز به بعد موته من قبل الكثييرن خاصة من شعبه، وذلك بسبب العمل الذي عمله قبل موته بثلاثة أيام حين انقلب على الحوثي، وتحالف مع قوات الشرعية اليمنية.
وبعيدا عن السياسة وتخرصاتها، والولوج في دهاليزها المظلمة والعفنة ، فإني أقف وقفة تأمل طويلة وعميقة في ماسبق مقتل هذا الرجل.
لقد كان قبل أيام قلائل رئيسا مخلوعا، ومارقا من عروبته، حليفا لذنب إيران ( عبد الملك الحوثي) ، ومعاد لكثير من القبائل اليمنية التي لم تقبل بتحالفه مع الحوثيين أتباع طهران في اليمن.
ولكن وفي نهاية دراماتيكية وبشكل يذهل العقل وقبيل موته بأيام، يستعيد حسه العروبي ويقرر التحالف مع قوات التحالف العربي والشرعية اليمنية ، و بغض النظر عن الدوافع _ فإن العبرة تكمن في التغير المفاجئ للرجل_ .
لقد بات شهيدا أقلها في اليمن، وحصد تعاطفا ملحوظا حتى من خصوم الأمس، وأمسى وكثير من أبناء شعبه يترحمون عليه ، بعدما كانوا يلعنونه طيلة ثلاثين عاما.
كيف حصل على هذه الخاتمة العجيبة ؟!
كان من الممكن أن يموت بذات الطريقة وعلى يد نفس الأشخاص ( الحوثيين) ، دون الحصول على هذا التعاطف ، والفوز بلقب شهيد لدى شعبه_ لو أنه لم ينقلب فجأة على الحوثي_ ويقود معركة تحرير صنعاء العربية الأبية العريقة والضاربة بجذورها في عمق التأريخ.
نهاية لو أنفق علي عبدالله صالح، كنوز الأرض كلها لدفعها ، ليفوز بمثل هذا التمجيد بعد موته.
ذات الأمر الذي سبق وحصل مع الرئيس العراقي السابق/ صدام حسين .
لقد عادى جيرانه الخليجين، وعندما حان أجله، شاء له المولى أن يموت بثبات ورباطة جأش شهد له بها خصومه قبل مواليه والمتعاطفين معه، وجاءت خاتمته أروع حين قدر الله له نطق الشهادة قبل شنقه.
وفي نهاية علي عبدالله صالح عبرة أخرى تثير دهشتي، إذ خاض ستة حروب داخلية مع الحوثي وقتل أفرادا من عائلة الحوثي، فكيف يأمن عدوه، فضلا عن أن يتحالف معه؟!!
كذلك هناك عبرة أخرى ، هي أن ( رب ضارة نافعة ) ؛ فلعل هذه الفاجعة التي حلت باليمنيين، توقظهم من سبات غفلتهم، ليتوحدوا على عدو واحد، هو الحوثي( ذنب إيران في اليمن) ؛ وأن يفطنوا لغدر أتباع إيران حتى بحلفاء الأمس ، فلايعودوا يأمنون مكرهم وغدرهم.
قلت ماقلت وفي النفس شيء كثير على هذا الرجل ( علي عبدالله صالح) ، ولكن للموت هيبة تستوقفني دوما لأتأمل في حال وخاتمة من مات .
ولست في موقف الدفاع عن علي عبدالله صالح مطلقا، وليس هو الآن بحاجة لذلك، فقد أفضى إلى ماقدم، وقدم على ربه الذي يرحم من يشاء ويعذب من يشاء.
ولكن استوقفتني نهايته، لأخذ العظة والعبرة، ولنسأل الله حسن الخاتمة، وأن يستعملنا قبل موتنا، ويرزقنا حسن الرحيل عن هذه الدنيا، وطيب الأثر بعد موتنا.

>

شاهد أيضاً

الكاتبة ” سرَّاء آل رويجح ” في حوار خاص لـ” عسير ” : الجمر أيقونة ألم … والرقص أيقونة نجاح

صحيفة عسير – لقاء خاص : تمتلك الكاتبة سرَّاء عبدالوهاب فايز آل رويجح ، قدرات …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com