الحوار الوطني .. هل المشوار طويل ؟

e87ff9287bf7459b97606599ef8a744bقناعتي أن الحوار الوطني لا يزال يحبو حتى وإن غلّف بشيء من الجمل المطمئنة وحضر من يقنعنا بأن سرعة انطلاقه تتجاوز السرعات المتوقعة، وكان ينتظر المتفائلون من الحوار الوطني أن يكون فاعلاً في المشهد المحلي، وذا أثر بالغ خارج عن إطار وضيق التوصيات التي لا تكاد تخرج من حيز الحبر لأن الشق أكبر من الرقعة إن صحّ وجاز التعبير.

يقول أمين مركز الحوار الوطني إن اللقاءات ستضع الجميع أمام مسؤولياتهم، ولي أن أسمع منه عن عدد اللقاءات التي تم الانتهاء منها والإشراف عليها وهل كانت ذات بعد فعلي أم متوقفة عند حواف التنظير ونخاف حينها من بطء حلم الاتكاء على مستقبل مطمئن لحوار وطني.

الحوار الوطني يرغب في تحريك الجليد، ورسم أفق واسع لمجتمع لم يكن يستوعب معنى الحوار، يرغب في تحريك وتفريق المكعبات الصلبة والملتصقة كالتطرف والإقصاء والكراهية والاحتقان وما جاورها من المصطلحات، التي تولد في غمضة عين وتشعل فينا الحرائق وتعبث بالعقول ثم نكتفي بأسطر الرفض والاعتراف بها كواقع صادم.

ماذا فعل مركزنا المتحمس ورقياً نحو إيجاد مساحة خصبة هادئة لحوار موضوعي بين أبناء المجتمع ومن مختلف الأطياف، قد تكون بعض الجمل عصية على التطبيق أو في انتظار سنوات طويلة من العمل والصبر والتوقع والتحمل، لكن عرض حجار الطريق والزمن اللازم لإزاحتها والعمل على تفكيكها بحماسة وشجاعة أهون وألطف من أن نجري في مكاننا ونوهم المتابع المنتظر لبشائر الحوار الوطني بأن المحصلة الحالية لهذا الرصيد الهائل من اللقاءات والمحاور وورش العمل محصلة بالغة الأثر والتأثير والدهشة.

ما نحتاجه بعد هذا الزخم من اللقاءات أن نعترف بأن التغيير طفيف حتى اللحظة، ولا عيب أن نعترف بأن الحوار الوطني يجتهد في الأسطر والأحبار وناتجها في اليوم الأخير، لكن من دون أن يسأل نفسه بهدوء ماذا بعد قراءة الأفكار والرؤى التي تهم الصالح العام، هل سنستمر في مزيد من القراءات وندخل والمستقبل في لعبة حظ أو تحضير وقتي لما يسفر عنه؟

الخروج ببنك من الثراء المعرفي جراء هذه اللقاءات لا يعني أن الحوار الوطني على ما يرام، إلا إذا كنت أفهم أن الحوار الوطني خاص بالكبار ولا يهبط للطبقات الأقل، فقط أود أن يتبنى مركزنا أسئلة الخوف: لماذا يتوافر عندنا مناخ جاذب وحاضن للتطرف والتشدد طارد للوسطية والاعتدال؟ من يصمت أصحاب الدعوات المشبوهة ورواد السجالات الفكرية ذات الأهداف المسمومة الراغبة في تفتيت الوطن وضرب نسيجه في مقتل؟ ماذا عن التوصيات التي خرجت بها لقاءات الحوار الوطني طوال السنوات الفائتة؟ ومن الذي تقاعس عن أداء الدور الموجّه له في المجمل من ناتج ساعات العمل وتبادل الأفكار وسماع الرؤى؟ سأشكر مركز الحوار الوطني على أنه يحاول – بخجل – الإسهام في التلميح للمسارات المؤدية للأنفاق المظلمة، لكن التلميح لا يكفي في زمن لم يعد ثمة بديل شجاع على طاولة الحوار سوى التصريح والتعرية، فالوقت مناسب، والمواطنة في حاجة لزيادة الرصيد.

علي القاسمي>

شاهد أيضاً

الكتاب بين الورقي والتكنولوجيا

بقلم / أحلام الشهراني سيدي سيدتي في ظل هذا التطور التقني والانفتاح الثقافي الذي نعيشه …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com