صحيفة عسير ــ أبها
أقامت لجنة إبداع التابعة لنادي أبها الأدبي مساء أمس الثلاثاء 11 / 6 / 1438هـ، جلسة حوارية حول تجربة “شعر الهايكو” مع الشاعر عبد الله الأسمري، المهتم بكتابة شعر الهايكو..
قدم للجلسة وأدارها رئيس اللجنة الأستاذ يحيى العلكمي، والذي بدوره رحب بالحضور، ثم قرأ تعريفا موجزاً عن “شعر الهايكو” ومدى انتشاره والاهتمام به، وقدم لضيف الجلسة..
بداية تحدث الأسمري حول تجربته في كتابة “شعر الهايكو” واهتمامه به حيث قال: يُعد شعر الهايكو واحداً من أهم أشكال الشعر الياباني، وهو عبارة عن قصيدة قصيرة تمثل لحظة التنوير التي تسمى ساتوري لدى اليابانين، تحاول التعبير عن البهاء الكامن الموجود في الحياة، ويحضر فيها جلال الطبيعة والمظهر العابر للإنسان ومشاهداته الحسية والبصرية المشهدية، حسب تماهي الشاعر مع الطبيعة والذوبان فيها والقبض على اللحظة، وتتكون من مقاطع صوتية، السطر الأول خمسة مقاطع، والثاني سبعة مقاطع صوتية، والثالث خمسة مقاطع، يغذي كل واحد منها الآخر، وهي تعتمد على التكثيف والاختزال اللفظي، مبتعدة عن المحسنات البديعية والمجاز بمعنى التحرر من إثقال البيان، لصالح زوايا جمالية جديدة..
وأضاف أن الشاعر العربي يجنح للمجاز أحياناً، ويجد صعوبة في الالتزام بالمقاطع، نظراً إلى الفرق بين اللغتين العربية واليابنية، وعرف الهايكو من منظور الشاعر الياباني “باشو” بأنه التعبير عن التأمل والتناغم مع العالم الكبير، موضحاً أن “باشو” قد تجاوز ملكة المحاكاة للطبيعة إلى ملكة التفكير، حيث امتزج مع أزيز الهايكو في صومعته حيناً من الدهر..
وأشار الأسمري إلى سعى الشعراء العرب لتأصيل هذا الجنس الأدبي القادم في لغتهم، لتأخذ طابع الخصوصية والبصمة المتفردة، فرابطة “الهايكو العربي” ورابطة “الهايكو الحر” من أكبر ملتقيات شعر الهايكو، وكذلك المشاركة العربية في مؤتمر ندوة الهايكو العلمية في إيطاليا، حيث مثل العرب الشاعر المغربي سامح درويش والشاعر العراقي عبد الكريم قاصد، وقال: إن المغرب سوف تستضيف المؤتمر الثاني عشر، وهذا دليل على حضور الهايكو العربي على المسرح العالمي..
ثم قرأ الشاعر عبد الله الأسمري نماذجاً من قصيدة الهايكو:
*أيها العنكبوت الصغير هل سيمتد بك العمر أكثر مني؟
*جندب الحقل يحرس البيدر ليل بارد..
*النسر يحلق فوق المراعي الخضراء جناحاه أفق..
*بركة صافية العصافير تحلق في الأعماق..
في نهاية الجلسة شارك الضيف الحضور الحوار حول تجربته، والإجابة على مداخلاتهم واستفساراتهم حول هذا النوع من الشعر..
إلى جانب آخر قال رئيس نادي أبها الأدبي الدكتور أحمد آل مريع إن شعر الهايكو غير برئ من الخلفية العقدية في اليابان، وهي عقيدة الزان وهي شكل من أشكال العقيدة البوذية، وهذا النوع يعتقد بوجود روح ناظمة لكل ذرات الكون، وتجلي هذه الروح يكون من خلال تأمل هذا الكون والاتحاد معه، مشيراً إلى أن التجربة اليابانية تخلو من التجلي الفني والصورة الفنية لهذا التأمل الروحاني أو الذهني للياباني وفق عقيدة الزان، فظهورهذا النوع من الشعر كان استجابة للحاجة إلى وجود تجلي فني لهذه العقيدة، وأضاف أن الجانب الأيدلوجي والفكري حاضر وبقوة في هذا النموذج، وأن لم يظهر في هيئة وصايا أو أفكار مباشرة ولكنه جاء في هيئة استغراق في مفردات الكون المختلفة واللحظات الزمنية، لاسيما الفصول الأربعة التي تحيل إلى دلالات في عقيدة الزان، وعزى اهتمام الشعراء الغربيين بهذا الشعر ونقله إلى تبديد التجربة المغرقة في الرمزية والحياة المادية، وأما بالنسبة للتجربة العربية فهي موجودة حالياً ولازلت، وقال أن هناك بون كبير جداً بين تجربة الهايكو في تجليها العربي، والتجلي الغربي أو التجلي الأصلي لها في اليابان، مشيراً إلى اتضاح ذلك من خلال ديوان الشاعر، حيث تفقد القفلة الارتباط الذهني ويصبح هناك ارتباط مجازي قوي، وهو فقدان للارتباط المنطقي، وتصبح فقط ارتباطاً للصورة والمجاز، وهذا محظور في تجربة الهايكو لأنه يقوم على المباشرة والعادية.
>