العقل الراجح مكسبٌ عظيم ، ودرجةٌ رفيعةٌ تَقودُ للحكمة والبيان ، وفي نفس المقام مطلب كبير ينشُدهُ كلُّ أحدٍ في هذه الحياة من أجل أن يُحقق المُراد ، والإِنسان الذي يتميز بهذه المنقبة الأصيلة ، والصفة الجميلة ، تجده ناجحًا مُسدداً في كُلِّ شؤونه ، قد تسلَّحَ بأدوات النجاح الحقيقية ، فأصبح مشروعاً جميلاً ، وشخصيةً فَاعِلةً ومُنتجةً فِيَّ هَذهِ الحَياة ، والإِنسان الذي اعتنى بنفسه في فترةٍ من فترات عمره وخصوصاً في البدايات منها بالعلم والعمل والحكمة وخدمة دينه ووطنه سيكون له مركزٌ ومقامٌ بين أوساطه وتميزٌ بين أفراد مُجتمعه ، راسماً لنفسه مكانةً رفيعة ، ومنزلةً محمودة ، لأنه جعل نَصبَ عينيه التخطيط والتطوير ، هدفه مرسوم ، وقوته مُعتدلة ، مستمداً ذلك العطاء من رصيده المتين ، وخزينته العظيمة ، مستثمراً طاقته الكامنة ، ونجاحه الحقيقي في خدمة دينه ووطنه ومجتمعه ، قاعدته في هذا النجَاح وأصلَهُ وأَولَهُ وآخِرَهُ إخلاص النية لله أولاً ، ثم السيرُ على طريق ومنهاج الأولين الصادقين ، ومن هنا نُدرك أن النجاح الحقيقي منزلته رفيعة لا تتحقق إِلا بالإعدادِ الجيدِ والمُخططِ له حتى يُصبحَ ذلك النجاحُ والتميزُ صفتينِ متلازمتينِ ودائمتين لِكُلِّ ساعٍ وباذلٍ وطالبٍ طريقَ النجاح ، وهنا أُشيرُ إلى أن الاستمرار في طريق النجاح ولو بالقليل خيرٌ من الكثير المُنقطع ، وهذا أمرٌ مهمٌ في مُواصلة النجاح والتميزِ حتى يُصبحَ ذلِكَ النَّجاحُ ثماره نافعة ، وفوائده عائدةٌ ومُحققةٌ بإذن الله.
ولذا وردَ في الحديثِ الذِي رواهُ البخاري في صحيحه مِن حديث عائشةَ رضي الله عنها ، قالت : قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : “إنَّ أحب الأَعمال عند الله أدوَمُها وإِنْ قل ، وكانت عائشةُ رضي الله عنها إِذا عملت عملاً داومت عليه”.
وهنا أُبيِّن أيها الكرام بأن النَّجاح الحقيقي هو في الابتعاد عن كُلِّ مُسبباتِ الفشل سواءً كانت حسيةً أو معنوية ، بَل إن النجاح الحقيقي هو في انطلاقتك مرةً أُخرى في حال تعرضك للفشل بِكُلِّ قوةٍ واقتدارٍ وعزيمةٍ.
والوصية الحقيقية أيها السادة هي في الابتعاد عَن كُلِّ عادةٍ سَلبيةٍ كانت في يُومٍ من الأيام حَاجزاً دُونَ تحقيق النجاحِ المقصود ، والهدف المنشود ، ومن ثَمَّ السيرُ على طريقٍ علميٍّ ومنضبطٍ لنصل إلى أعظمِ غذاءٍ لهوية وشخصية المسلم المتميز والمواطن الصالح وهو الرقي والنماء والعطاء ونفع الآخرين ، وهنا ندركُ أيها المُباركون أن قيمةَ الإِنسان هي فيما يُضيفهُ الى حيَّاتهِ بين ميِلادِهِ وحتى موتِهِ ، منهجه في ذلك الحكمة والوسطية والاعتدال ، مبنيةٌ علَى أُسسٍ وقَواعدَ علميةٍ ومنهجِيةٍ واضحة.
وهنا نُشير في حديثنا عن رؤية بلادي المملكة العربية السعودية حفظها الله ورعاها ، رؤية ٢٠٣٠ رؤية الخير والنماء ، والقمة والعطاء ، التي نستشرف آفاقها ، ونرى نجاحُها ، فبداية قصص النجاح رؤيةٌ نتطلع فيها بإذن الله إلى مزيدٍ من التطور والنهضة وبناء الإنسان ومقارعة العالم الأول في جميع شؤون الحياة ومجالاتها ، إذاً نحن في هذا الوطن العظيم شركاء جميعاً في العمل يداً واحدةً في سبيل تحقيق هذا المنال المقصود ، ونثق ونعرف أن الله حبانا وطناً مباركاً هو أثمنُ من كُلِّ ثروات الدنيا ، ففيه الحرمان الشريفان ، أطهر البقاع ، وقِبلةٌ لأكثر من مليار مسلم ، وكذلك العمق التاريخي لبلادنا المُباركة ، فضلاً عن القدرات الاستثمارية الضخمة ، والموقع الجغرافي الإستراتيجي العظيم ، فبلادنا بوابة العالم حيث أنها تربط بين قارات الأرض الثلاث العملاقة ، فَكُلُّ هذا وغيره من عوامل النجاح الحقيقي في بلادنا زادها الله رزقاً وأمناً وإيمانا.
بقلم / رائد آل مالح القحطاني>