(الأسرة والأبناء)
الأُسرةُ هي الركيزةُ الأساسيةُ في المجتمع ، والقاعدةُ التي ينطلقُ من خلالها الأبناء لصناعة ورسم مستقبلهم ، ومن هنا فإن أُولى الخطوات التي ينبغي أن تتنبه لها الأُسر في تنشئة أبنائها هي الرعاية والتوجيه والمتابعة الحكيمة والعناية بالبذر حتى يتحقق الحصاد النافع والمثمر بإذن الله ، وتجدرُ الإشارة إلى أن الدراسات تُثْبِتُ أن نسبة تأثير الأسرة يفوق تأثير جهات المجتمع الأُخرى بأكملها.
ولعل من أعظم مهام الأسرة الناجحة ترسيخ العقيدة الإسلامية ، وحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وتعزيز الآداب الإسلامية ، والقيم الوطنية لدى الأبناء ، والصدق ، والتقدير ، وذلك بالرفق والأسلوب الحسن الحكيم ، وكذلك زرع المحبة والعطف ، فالأبناء يحتاجون إلى أن يكونوا محل محبة الآخرين وعطفهم وزرع الثقة فيهم.
ولا ننسى أن نُشير إلى أن الاهتمام بجوانب التميز والإبداع لدى الأبناء ورعايته وتعزيزه وتنميته يحتاج إلى كثيرٍ من العمل مع أهمية أن يكون الأبناء في أمنٍ واستقرارٍ مستمرين حتى يشعروا بالثقة والأمان ، ويُغطي هذا جوانب الضعف لديهم إن كان هناك جوانب ضعف ، ومن المهم أن نُدركَ أن المراهق قد لا يستطيع أن يُميز الحب بمعناه الجميل قبل سن بلوغه بالطريقة الإيجابية التي ينشدها الإنسان المعتدل ، فربما يقع في أثرِ الحب السلبي الذي يُوَرِّثُ الأسف والندامة كالإعجاب والرومانسية الخداعة وحياة المسلسلات ، فيقع المراهق في مشاكل أكبر يصعبُ حلُّها ، ويكون في منأى وبُعدٍ عن الوالدين.
والأبناء أيها السادة يحتاجون إلى التهيئة المستمرة وعدم إبداء مظاهر الخوف والقلق لديهم ، ودعمهم نفسياً ومعنوياً وزرع الثقة في أنفسهم وتلمس حاجياتهم ، حتى لو كان الابن مقصراً أو غير مُحسنٍ ، فالأُولى عدم مطالبته بما هو فوق قدرته وطاقته ، وعدم تكليفهم بأعباءٍ وأعمالٍ فوق وخارج استطاعتهم ، وهناك ملحوظة مهمة وهي في عدم مقارنتهم بغيرهم من الإخوان والأصدقاء حتى لا يقعوا في دائرة الحقد والكره لأقرانهم والانتقام منهم ، وكذلك من المهم عدم فرض طموحك أيها الأب أو أيتها الأم على الأبناء الذي ربما لم تحققاه أو قصرتما فيه.
ومع ذلك لابد أن يكونَ الوالدان على قدرٍ كبيرٍ من الديانة والخُلُق ، فالقدوة الحسنة لها الأثر الكبير والعظيم في شق الأبناء الطريق ، فالوالدان يُحددان شخصية الأبناء ، فهم يسيرون على طريقتهما ، أما إذا كان الوالدان عكس ذلك ، فقد يحصل المكروه ويندفع المجتمع في طريق الفساد والانحراف ، ويصبح المجتمع بلا خُلُقٍ وديانة ، وبالتالي تحصل الرذيلة والبلاء ، فالدين يحتاج منا أن نكون على قدرٍ كبيرٍ من الاعتدال والاقتداء ، والسير على طريق الأنبياء والصالحين وأهل الفضل والصلاح ، والالتزام بالأعراف والعادات الجميلة ، والمحافظة على الممتلكات العامة ، والقيم الدينية والوطنية النبيلة.
ومن المعلوم أن من أفضل وأحسن المراحل لتنمية الأبناء والأخذ بأيديهم إلى طريق الحق والصواب هي سنوات العمر الأُولى ، فهي من أفضل وأجمل مراحل الغرس والبناء الأمثل ، وهي القاعدة الأُولى لانطلاق زراعة وتنمية القيم في حياة النشء ، فكلما كان الطفل أكثر تعلقاً بالله وذلك عن طريق الوالدين كانت القيم أكثر بناءً ووضوحاً في شخصية وحياة الأبناء.
وهناك مسألة مهمة هي في المداومة على القيم وزرعها وتعزيزها لدى الأبناء وتكرارها والعمل على زيادتها وتنميتها بالشكر والدعاء والتحفيز للأبناء والصبر والتحمل من أجلهم ، ولا نَمَلُّ من ذلك ، فهذه هي وظيفتنا الكريمة في هذه الحياة لكي يخرجَ جيلٌ كريمٌ بانٍ لِكُلِّ فضيلةٍ ومعروف ، ساعٍ في سبيل رفعة وطنه ومجتمعه ، مع التأكيد على أن النية الحسنة والخالصة لوجه الله هي الشعار الحقيقي لنجاح أي عمل ، إلى جانب ذلك لابد من تطهير القلب من الرياء والحسد وسوء الظن بالله أو بالناس.
بقلم أ/ رائد آل مالح
مشرف تربوي – محكم معتمد>