صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل :
نوّه المشاركون في الملتقى الذي نظمه مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني عبر شبكة الإنترنت تحت عنوان: “حوارات المملكة عن بُعد.. قدرات وطنية تقود الأزمات”، وذلك خلال الفترة من 28-29 شعبان 1441هـ الموافق 21-22 أبريل 2020م، بالنجاح الذي حققته المملكة في التعامل مع جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، وما اتخذته أجهزة الدولة بكافة قطاعاتها من قرارات وإجراءات احترازية للحد من آثار هذا الوباء وتداعياته على المجتمع، بشكل يعكس قدرتها الفعالة على حسن إدارة الأزمات في شتى المجالات، سواء الإعلامية أو الصحية أو الاجتماعية أو الاقتصادية.
وانطلق الملتقى بجلسة افتتاحية استهلها معالي الشيخ الدكتور/ سعد بن ناصر الشثري عضو هيئة كبار العلماء بالحديث عن الجوانب الشرعية في مواجهة فيروس كورونا، من خلال استشعار الجميع للمسؤولية في الالتزام بالتباعد الاجتماعي وعدم التنقل من مكان إلى آخر، مبينا أن الإسلام وضع أساس الحجر الصحي في مكافحة الأوبئة القاتلة بما يتوافق مع حقائق الطب، لافتا إلى حاجتنا إلى التعامل مع الكارثة من منظور شرعي دون إهمال الجانب الطبي الذي انحصر نظر أكثر الناس فيه، كما تطرق إلى سبل تأهيل النفوس للتعامل مع تلك الجائحة من المنظور الشرعي.
فيما أكد سعادة الدكتور/ راشد بن محمد بن عساكر الباحث والمؤرخ الأكاديمي على أهمية توثيق المرحلة التاريخية للجهود الفاعلة للمملكة في مواجهة جائحة كورونا، لافتا إلى أن جهود المملكة ومسؤوليتها في التعامل مع هذه الجائحة لم تقف عند حدودها، بل تخطت حدودها كما هي عادتها دائما استشعارا منها لمسؤوليتها الدولية والعالمية، فمدت يد الرعاية والعون لمنظمات دولية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية.
أما سعادة الدكتور/ عبد العزيز السبيل رئيس مجلس أمناء مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، فوصف تكاتف جهود الجهات المختصة والتزام المجتمع بالتعليمات بالتلاحم الوطني، مؤكداً أن كل المواطنين والمقيمين على ثرى هذا الوطن يشعرون بالاطمئنان والثقة التامة بكل الإجراءات التي اتخذتها المملكة، والتي تضمن لهم استمرار حياتهم اليومية في أجواء من التعاضد والتلاحم، وهي مظاهر وطنية مألوفة في وقت الأزمات التي مرت بها المملكة عبر التاريخ، معربا عن أمله بأن يكون ذلك دافعا وحافزا لنا جميعا لمواصلة العمل الجاد والتكاتف والتلاحم بروح الإيجابية لتجاوز هذه الأزمة.
وفي محور (التغيرات الاجتماعية في ظل الأزمات)، أكد الدكتور/ عبد الله الفوزان الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني أن المملكة أثبت للعالم أجمع حجم استشعارها الكبير ومسؤوليتها لمنع انتشار فيروس كورونا من خلال اهتمامها بصحة جميع القاطنين على أراضيها من مواطنين ومقيمين، موضحا أن مواجهة المملكة لهذه الجائحة تؤكد أن سلامة وصحة الإنسان تأتي ضمن أولويات الحكومة الرشيدة، باعتبارها أساس تمتعه بالحياة، وركيزة بناء مجتمع قوي قادر على النهوض والتقدم.
أما الدكتور/ إبراهيم الجوير أستاذ العلوم الاجتماعية، فتحدث عن النموذج السعودي الذي برز خلال جائحة كورونا، مبينا أن الإجراءات الاحترازية والجهود المضنية التي تبذلها المملكة للحد من انتشار فيروس كورونا تؤكد حكمة القيادة ونظرتها العميقة تجاه الوباء بالمستوى المناسب ووضع الترتيبات الكفيلة بالتصدي له في التوقيت الأنسب، لافتا إلى الاستفادة من التعليم، وظهور قيادات أثبتت فاعليتها في مواجهة الأزمات.
من جهتها، استعرضت الدكتورة/ هلا التويجري الأمين العام لمجلس شؤون الأسرة الأبعاد الاجتماعي المنعكسة على الأسرة والمجتمع، خلال الجائحة ، مبينة أن المملكة نجحت في إدارة الازمة، لأنها تصرفت بسرعة واستباقية وطبقت سياسات مبتكرة، لافتة إلى أن المملكة عملت على تعزيز تدابير الحماية الاجتماعية لمواطنيها من خلال العديد من مصادر الدعم، إضافة لضمان استمرار الخدمات الأساسية الجيدة، مشددة على أن الدور الآن في مواجهة هذا الوباء يقع على الأسرة من خلال توعية أفرادها وخاصة الأطفال واحتوائهم وتطمينهم وتثقيفهم حول المرض كذلك الاهتمام برعاية كبار السن والأفراد الأكثر عرضة للخطر .
أما محور (التداعيات الاقتصادية في ظل جائحة كورونا)، فأشار خلاله الدكتور/ محمد الجديد أستاذ الاقتصاد إلى أسبقية المملكة في دعم القطاع الخاص لتجنيبه ضرر المرحلة الحالية جراء جائحة كورونا، مؤكدا أن نتائج ذلك ستتضح في المستقبل القريب، منوها بالأثر الإيجابي للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها المملكة للسيطرة على جائحة كورونا وانعكاسها إيجابا على الاقتصاد السعودي.
أما الدكتور/ إحسان بو حليقة عضو مجلس أمناء مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، فقال إن تجربة المملكة في استعدادها الاستباقي لمواجهة جائحة كورونا، وانعكاس ذلك على سرعة تصرفها الاقتصادي وجاهزيتها للتعامل مع الأزمة عبر العديد من الإجراءات والخطوات المهمة التي سعت لحماية أرواح المواطنين والمقيمين بغض النظر عن التكلفة الاقتصادية لهذه الإجراءات نموذج يحتذى جعلها في مقدمة الدول المكافحة لهذا الفيروس كما بين الاثار الاقتصادية المترتبه عن ذلك.
بدورها، تطرقت الدكتورة/ نورة اليوسف عضو مجلس الشورى للحديث عن مستقبل النفط والمؤثرات الإيجابية التي ستنعكس مستقبلا على أسعار النفط جراء جائحة كورونا، مُتوقعة تحسن أسعار النفط خلال الأشهر المقبلة بسبب سياسة أوبك للمحافظة على سوق النفط، لافتة إلى نجاح تجربة أرامكو اقتصاديا بتنويع مجالات استفادتها التجارية من مصادر الطاقة.
وفي محور (دور الجهات الحكومية في إدارة جائحة كورونا)، تحدث الدكتور/ محمد العبد العالي مساعد وزير الصحة عن مسؤوليتهم في توفير المعلومات والتقارير الصحية، في الوقت الذي أشاد فيه بشراكة القطاع الخاص في هذه الأزمة، كما تطرق للحديث عن الخطوات الواعدة مستقبلا لتعزيز ورفع مستوى القدرة للتخصصات الصحية، داعيا إلى الحرص على التباعد الاجتماعي لضمان سلامة المجتمع والحد من انتشار الفيروس ، إلى جانب مواصلتهم المسح النشط للوصول إلى كل من المتوقع إصابتهم، مؤكدا أهمية الدور العالمي صحيا في التكاتف لمواجهة جائحة كورونا، في الوقت الذي قامت المملكة بدور ريادي في ذلك.
فيما سلّط الأستاذ/ عبد الرحمن الحسين المتحدث الرسمي لوزارة التجارة، الضوء على أهمية تحقيق الأمن الغذائي وتعزيزه في المملكة، في الوقت الذي رصدت وزارة التجارة مبادرات القطاع الخاص تجاه المجتمع، مستعرضا الجهود الرقابية والمتابعة التي تقوم بها وزارة التجارة للسوق بالتكامل مع بقية الجهات الحكومية، مؤكدا أن الفرق الرقابية بالوزارة مستمرة حتى في فترات منع التجول، وهي حاضرة في منافذ البيع في جميع قطاعات التغذية والمستودعات للتأكد من وفرة المخزون الغذائي.
بدوره، تحدث الأستاذ/ تيسير المفرج المدير التنفيذي للتواصل والتوعية في الهيئة العامة للغذاء والدواء عن دور الهيئة في سلامة الغذاء والدواء خلال جائحة كورونا، مبينا أن الهيئة سعت منذ اليوم الأول لتفشي كورونا إلى اتخاذ جميع التدابير الوقائية والإجراءات الاحترازية مع الشركاء في القطاع الصحي والقطاعات الحكومية وذلك للحد من انتشار الفيروس، حيث كان لقطاع الأجهزة والمنتجات الطبية دور حيوي وفعال، مؤكدا تكاتفهم مع جميع الجهات في تحقيق التوجيهات السامية لتسهيل كافة الإمكانيات لخدمة المجتمع.
في حين أوضح الأستاذ/ إبراهيم الرؤساء المتحدث الرسمي للهيئة العامة للطيران المدني، أن الهيئة اتخذت قرارات وإجراءات وقائية للحد من فايروس كورونا في المنافذ الجوية للمملكة، وتضمنت تلك الإجراءات تخصيص فريق طبي في منافذ الوصول بمطارات المملكة لفحص كافة الركاب القادمين (عبر الرحلات المباشرة وغير المباشرة) من مناطق والدول المنتشر بها فيروس كورونا، إضافة إلى الاحترازات الصحية مع الحالات المشتبه بإصابتها والتعقيم والتطهير المتواصل لجميع المرافق والأدوات وكذلك الطائرات، إضافة إلى التوعية الصحية للمسافرين.
وفي محور (الخطاب الإعلامي في الأزمات)، أشار الدكتور عبد الرحمن العناد عضو مجلس الشورى السابق وأستاذ الإعلام إلى أن وسائل الإعلام الوطنية واكبت بشكل كبير الجهود التي قامت بها الأجهزة الحكومية وقدمت للمتلقي التغطيات المهمة والمعلومات التي خلقت له نوعا من التطمين، مبينا أن كشف الإعلام للحقائق والمعلومات بشل يومي وسرعة الحصول عليها ساهم إلى حد كبير في تخفيف حالة الهلع والخوف لدى الناس، مؤكدا أن تعامل وسائل الإعلام مع الأزمة كان ناجحا.
فيما قال الدكتور إبراهيم البعيز أستاذ الإعلام، إن الناس في أوقات الأزمات تبحث عن المعلومة الصحيحة بعيد عن الإشاعات وبيئة المعلومات المضللة، من أجل الاطمئنان ومعرفة كيف تتعامل مع الأزمة، مؤكدا أن الحل الوحيد هو في سرعة إعطاء المعلومة من مصدرها والشفافية في إعطائها، لافتا إلى أن إعلامنا ومن تجربتنا في هذه الأزمة استطاع أن يحقق السرعة والشفافية، وهذا ما يجعلنا نقف احتراما لكل الجهات التي تعاملت مع هذه الأزمة، داعيا إلى التخطيط لإعلام الأزمات، مع عمل خطط عمل مستقبلية للازمات.
من جهته، أوضح الدكتور فايز الشهري عضو مجلس الشورى، أن أزمة كورونا أعادت تموضع المؤسسات الإعلامية، وجعلتها المصدر الأول في البحث عن المعلومات الصحيحة، مبينا أننا اليوم أمام وضع استثنائي غير مسبوق، مؤكدا أن الخطاب الإعلامي لم يعد كما هو في السابق حيث أعادت هذه الجائحة مكانة الخطاب الإعلامي الرسمي، فأصحبنا نستقي المعلومات الرئيسية لجائحة كورونا من المصادر الموثوقة للمؤسسات الإعلامية والتي تقدمها بطريقة رسمية ومحدثة بعيدا عن الشائعات.
>