جهاز »هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر« هو خير مثالٍ على ترهل »البيروقراطية«، ترهلاً يستدعي التدخل الجراحي العاجل، بالتغيير وليس التطوير!
وقد كتبنا وقلنا مراراتٍ عديدة، آخرها مقالة بعنوان: (إلغاء الجهاز إبقاءً للشعيرة) نشرت (فيذا) بتاريخ 6/11/2014م: إن تسمية الجهاز (البشري) بالشعيرة المقدسة في القرآن هو أساس كل الأخطاء والتجاوزات، المعلَّقة دائماً على شماعة »الاجتهادات الفردية«! وهو سبب كراهية الناس لجهازٍ يرون أنه يمارس الوصاية عليهم، ويترك الأمر، ويقسو في النهي!!
وهو ما يحرج الدولة خارجياً مع منظماتٍ وقعت المملكة اتفاقياتها الدولية، خصوصاً إذا كانت الضحية من جنسية غير سعودية!!
إن تسمية الجهاز بالشعيرة، التي لا يماري أحد في أهميتها واحترامها، أضفى قدسيةً على »أفراده«، تدفع كثيراً من المتحمسين إلى إساءة الظن بالناس، والتجسس، والتحسس، و»التفضيح«!
وأقلنا معرفةً يعي أن هذه التجاوزات الفردية (التي أصبحت ظاهرة) لا تمت إلى الشرع بصلة! والقرآن العظيم يصون الأعراض من مجرد »الظن«، ويأمر المؤمن الذي يطلعه الله على معصية أخيه، دون تجسس أو تحسس، أن يستره؛ ليستره العليم الستار يوم القيامة!
ولكن الجهاز الرسمي، (يفترض) أنه يعمل وفق نظامٍ (بشري) صادرٍ منذ (1400هـ)، يمنحه صلاحيات واسعة، تجيز له أن يحارب المنكر والفساد والرذيلة، بشتى الوسائل المخولة له من قبل الدولة!
فلمحاربة ظاهرة »الابتزاز« ـ مثلاً ـ لا بد أن يتحرى، ويجمع المعلومات، ويسجل المكالمات، وينصب الكمائن، ويداهم مواقع الاشتباه، بعد حصوله على الإذن الرسمي! وكل ذلك مخالفٌ لظاهر الآية (12) من سورة »الحجرات«!
ومن ناحيةٍ أخرى، ولأن أفراد الجهاز يعملون باسم الشعيرة، فإن أخطاءهم تبدو للناس والإعلام، الداخلي والخارجي، أضخم من أخطاء زملاء لهم في »الجمارك« و»مكافحة المخدرات« مثلاً!! وللشعور بالقداسة يكاد ينعدم تعاطي منسوبي »الهيئة« مع وسائل الإعلام المختلفة، ويستغربون عدم تلبية الناس للقاءات المفتوحة مع بعضهم!
أما لو غيرنا الاسم فقط إلى »حرس الفضيلة« ـ مثلاً ـ لضربنا عصفورين بحجر واحد: تنزيه الشعيرة العظيمة عن تجاوزات لا تليق بها وليست منها! ونزع عباءة القداسة عن »أفراد« هم بشر ككل موظفي الدولة، ومن يخطئ يحاسبه »النظام« دون »تهويلٍ« أو »تهوين«!!
محمد السحيمي>