بقلم/دولة بنت محمد الكناني
قيل إن القيادة هي التأثير!
وسمعت أن أروع الصفقات النفسية قوة التأثير!
ومتأكدة أن أمهر الشخصيات في قوة التأثير هي شخصية النبي صلى الله عليه وسلم؛ ففي التاريخ كله لن تجد مؤثراً مثل الرحمة المهداة محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذا مادفع “مايكل هارت” إلى دراسة حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وإلى أن يجعله على رأس مائة شخصية هي الأكثر تأثيرًا في التاريخ.
ثم تعال نتأمل بعمق وننظر باهتمام في موقف واحد من مواقفه عليه الصلاة والسلام العظيمة وهو موقفه حين أُسر ثمامة بن أثال الحنفي سيد بني حنيفة، والصحابة لا يعرفونه، فقدموا به المدينة وربطوه بسارية من سواري المسجد، فلما خرج إليه الرسول قال: “أَتَدْرُونَ مَنْ أَخَذْتُمْ ؟ هَذَا ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ الْحَنَفِيّ، أُحْسِنُوا إسَارَهُ “، ورجع الرسول إلى أهله، فقال لهم: “اجْمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَكُمْ مِنْ طَعَامٍ فَابْعَثُوا بِهِ إلَيْهِ “.. وقد أمر النبي بِلِقْحَتِهِ – أي ناقته – أَنْ يشرب ثمامة من حليبها. ولازال الرسول يتودد إليه ويتردد عليه، ويدعوه إلى الإسلام، ثم أمر أصحابه بفك أسر ثمامة. فذهب ثمامة من تلقاء نفسه إلى نخل قريب من المسجد النبوي – ولم يذهب إلى أهله – ومن تلقاء نفسه – أيضًا -، اغتسل غُسل المسلمين، ثم قدم إلى المسجد فنطق بالشهادتين.
خرج ثمامة من المدينة بغير القلب الذي أسر به!
ما الذي أدخل ثمامة الإسلام؟
فلقد تغير دينه!
وتغيرت مشاعره!
وتغيرت وجهته!
و تغير موقفه، رأيه، تغير كل شيء فيه!
كل هذا التغير بسبب من؟
أليس بسبب قوة تأثير النبي صلى الله عليه وسلم.
تأثيره الذي تمثل في خلقه السمح، وكلماته الطيبة، وتعامله الحسن؛ لم يستخدم أي قوة جسدية أو مادية ليقنع ثمامة بالإسلام بل اقتنع بلين الجانب والقول والرفق في شخص النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم بلا تدخل من أحد!!
دخل ثمامة المدينة باغضًا كافرًا يريد قتل النبي صلى الله عليه وسلم وخرج منها محبًا مسلمًا مدافعًا مناصرًا للنبي صلى الله عليه وسلم.
ياإلهي..! أي تأثير هز قلب ثمامة رضي الله عنه!!
أي تأثير
فقط في ثلاثة أيام تغير كليًا!!
قوة التأثير لاتحتاج لشهادات، ولا دورات، ولا دراسة، ولا خطب ولا مقالات طوال ولا صوت عال ولا قوة مادية…
بل تحتاج لذكاء عاطفي يقرأ ويحتوي الآخرين، وتعامل سامي وقلب عظيم.
ولكي تكون مؤثر وتؤثر تحدث مع الآخرين بصدق ولطف، أنصت لهم جيدًا ، شاركهم الفكرة، تقبل رأيهم كن كأنك في صفهم وأنت في ذاتك تخالفهم- الخلاف لايجعلك تخطئ أفكار الآخرين – (المخالفة هنا مخالفة أفكار وليست قناعات ومبادئ) كن مرن العقل يتسع قلبك لمن يتحاورن معك، وتتقبلهم كأنهم يسردون أفكارك عليك، تكيّف وتفاعل معهم دعهم يتحدثون معك بلا كلفة، حتى وإن أخطأ أحدهم لا تترصد له وتعيبه وتتسلط على نقاط ضعفه، بل تعرف على مكامن القوة لديه وأرفع من شأنه ليزداد على حسنه حسنا، أقبل على من يحادثك بكلك فلغة الجسد تقرب وتنفر!
والمهم والأهم أن تكون أنت أنت..كأن ظاهرك ماهو إلا مرآة لداخلك ولتتسم بالحلم والأناة قدر المستطاع، واخفض من صوتك فالصوت المرتفع في الحوارات يدل على ضعف الشخصية ولا تكن من (خذوهم بالصوت لا يغلبوكم!) ولتتجمل ردات أفعالك بالهدوء ولتعامل المخطئين عليك بالعفو العزيز… لا أدعوك للمثالية والكمال فنحن في النهاية بشر!
لكن كن إنسانًا يريد أن يتغير و يغير يؤثر ويتأثر يسعى للوسطية والاعتدال مهذبًا لبقًا ويترك أثرًا جميلًا في حياة الآخرين.
كن مؤثرًا واترك أثرًا
▪️ختامًا :
لعل مقالي عقد صفقة نفسية رائعة مع أحدهم!