بقلم : فايع آل مشيرة عسيري
منذ البدء وهو يرسم ملامحه الهادئة على تفاصيل العمر بخلود روائعه الباذخة التي سكنت تفاصيل الأيام والذكريات والكثير من رسائل المحبين الذين كتبوا قصائدهم خلوداً وتقصَياً خطوات خالد عبد الرحمن الفنيَة فهو الوحيد الذي نجد أنفسنا في نقاط التقاء ملامحه السمراء وصوته العذب الممتد من القلب للروح شجناً وحنيناً بطول تلك الصحاري القاسية صيفاً وشتاءً والتي طبعت خالد بمعاناتها ورسمت تضاريسها على سحنته قبل أن تهديه عوداً يعزف عليه كلما لاح وجه حبيبته في “ آه من ليل التجافي ما أطوله “ ؟ يناجي تلك الأزمنة الراحلة “ في غربتي “ ؛ لتبوح تلك الغربة الروحية بأسرار شاعرها البدوي “ عشق بدوي “ هذا الأصيل الذي كان يحمل قصائده وألحانه وبندقيته ويتوارى خجلاً خلف لقب “ مخاوي الليل“ والسؤال الحائر على ملامح العاشقين “ تقوى الهجر” ؟ قبل أن يوقد عيدان الحطب ويحتسي قهوته ويصدح في وجه الدنيا بأنطلاقته الأولى “ صارحيني “ هي التذكار الحالم في موشَحة “ اذكريني “ هو “ بقايا الجروح “ في قلب المحاكمة غير العادلة “حاكمني“ هو النداء المتشبث بأرواح
المغرمين “يا هاجري” والرجاء الطاهر “ خذ ما تبي “ والتوسل المذنب “ ما اطلبك لي تردين “ .. هو “ فرحة اللقاء “ والانتظار الحلم ساعة الوداع المُـر “ قف وناظر دمعتي “ .. تلك اللحظات المليئة بـالأهات “ و” الحزن الأكيد “ في موعد الغياب “ الله أقوى “ هو الشوق الحائر في “ القلب الكبير” والاعتراف التائب قال النوى “ هي تلك القداسة المستفهمة “ وشلون مغليك “ ؟
خالد الانسكاب النفسي الموغل في التجربة العاطفية الصادقة التي دامت لأكثر من عقدين ومازال أبو نايف سيد الخالديات والسامريات والسماعيات هو صفحة الماضي والصفحة الجديدة ..هو تلك الدفقة الدافئة التي تطرق حوار العيون “ يا غريب عن عيوني من تكون“؟ هو اجتراح ذاك الليل ثانيةً وثالثة وعاشرة.. فهو مخاوي الليل ودلالة اللَقب تنبئنا بـ” عوَد الليل أوقد سراجك “هو “ رفيق الليل في الشباك ناطر “ والبكاء على أطلال الرحيل باتجاه طريق الجنوب “ شدوا ويمَتهم جنوباً عن الديرة “ هو العطش على شفاه الموارد البعيدة والنداء الشاكي الباكي وقد نكأ جروح الوقت وصمت الأنفاس “ يا غايبن عني ترى للبطا لوم “ هي تلك التداعيات التي تطرق باب الوجدان والأحاسيس المترفة فتكون في “ كف الفرح “ أملاً “ عطني وعدك اليوم “ والحب الكبيـر والوجد المترسَم وجه المرايا ورفض السؤال بالسؤال لا تسأليني .. !
هي تلك المفارقات والتناقضات التي جعلتنا نستلهم هذا الخالد شاعراً وملحَناً وفنَاناً وكأنَنا نعيش هذا البعد الإنساني العميق وهروبه المستمر نحو مساحات البوح وسماوات الروح عبر البوماته الكثيرة والتي شكَلت مرحلة جديدة في المشهد الفني السعودي والخليجي والعربي.. رغم تأثَره بالفنانين الكبار بشير حمد شنَان وسلامة العبدالله وحمد الطيَار وسليمان الملا إلا أن خــالد عبد الرحمن سلك سبيلاً فنيَاً متمايزاً ومغايراً ومختلفاً عن سابقيه ومجايليه..
خالد المتمرد على مدرستي طلال مدَاح ومحمد عبده نحو مدرسة خالدية خاصة، لها دلالاتها وايحاءاتها وتأثيراتها النفسية والزمانية والمكانية .. مدرسة فنيَة ذات جماهيرية طاغية وابعاد فنية راقية ورسالات سامية تحمل السلام والحب والقيم الإنسانية العالية والجودة الفنية كلمة ومعنى .
ومضة :
يتجاوز الفنان خالد عبد الرحمن الصورة الذهنية التقليدية في علاقة الفنان بجمهوره إلى ماهو ابعد فهو مصدر إلهامهم هو “ دوبامين” النشوة والحب و” أدرينالين” الخوف والعشق هو سطوة الأغنية وحظوة القصيدة وصوت القلب النابض العابر لكل تلك السنوات والأجيال .