بقلم / سعيد بن علي سعيد القرني
تحتفل المملكة العربية السعودية باليوم الوطني لتوحيد المملكة في ٢٣ سبتمبر من كل عام، وهذا التاريخ يعود إلى المرسوم الملكي الذي أصدره الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود برقم ٢٧١٦، وتاريخ ١٧ جمادى الأولى عام ١٣٥١هـ، الذي قضى بتحويل اسم الدولة من مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها إلى المملكة العربية السعودية، وذلك ابتداءً من يوم الخميس ٢١ جمادى الأولى ١٣٥١ هـ الموافق فيه للأول من الميزان، والموافق يوم ٢٣ سبتمبر من عام ١٩٣٢م.
وفي هذا العام والذي يعتبر اليوم الوطني العاشر في عهد ، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وهو العهد الذي تحقق فيه للمملكة عددا من الإنجازات بفضل الله ثم بما رسمه سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في الرؤية العامة للدولة ٢٠٣٠، وأصبحت المملكة تنافس على المراكز الأولى في جميع المجالات ، من خلال عدد من البرامج التي أطلقت في الرؤية الطموحة، بداية من برنامج الاستدامة المالية، الذي أطلق بنهاية العام ٢٠١٦م باسم برنامج تحقيق التوازن المالي، آلية للتخطيط المالي متوسط المدى لاستدامة وضع المالية العامة وتحقيق ميزانية متوازنة، وقد ساهم البرنامج منذ إطلاقه في تأسيس منظومة وأدوات مالية قادرة على التأثير والتفاعل الإيجابي مع المتغيرات والتحولات على المستوى المالي والاقتصادي لتحقيق إصلاحات هيكلية تواكب متطلبات مرحلة التحول، كما ساهم البرنامج في تعزيز الضبط المالي وتطوير المالية العامة من خلال إنشاء عدة كيانات، مثل (هيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية، والمركز الوطني لإدارة الدين، ومركز تنمية الإيرادات غير النفطية). وقد حقق البرنامج العديد من الإنجازات فيما يتعلق بالأنظمة الوطنية المتعلقة بالمالية العامة، وساعد كذلك في السيطرة على نسب العجز من الناتج المحلي الإجمالي من ١٥.٨% في عام ٢٠١٥ إلى ٤.٥% في ٢٠١٩م، وقد أدى ذلك إلى تقوية الموقف المالي للمملكة، وتعزيز مركزها المالي للتعامل مع الصدمات الخارجية، وطبق العديد من الإصلاحات الهيكلية في عملية إعداد الميزانية العامة للدولة ورفع جودة تنفيذ الميزانية، حيث انخفض متوسط التباين السنوي للأداء الفعلي لإجمالي النفقات عن تقديراتها في الميزانية من متوسط ١٦% خلال الفترة من (٢٠١٤م – ٢٠١٦م) إلى متوسط ٤% خلال فترة تطبيق البرنامج من ٢٠١٧م إلى ٢٠١٩م. كما تم تعزيز الإيرادات غير النفطية والعمل على تهيئة المالية العامة للوصول لمرحلة مستدامة عبر البناء على ما تم تحقيقه ورفع جودة التخطيط المالي وتطوير توجهات البرنامج للانطلاق إلى مرحلة الاستدامة المالية.
وفي ضوء ذلك؛ تمت دراسة المتغيرات التي ينبغي مراعاتها في وضع أولويات وآليات التنفيذ للمرحلة القادمة. حيث سيتم التركيز على وضع السياسات العامة الداعمة لتحقيق رؤية المملكة ٢٠٣٠، والأخذ بالاعتبار تبني الكفاءة والفعالية والحرص على أن تلبي هذه السياسات العامة تحسين ميزان المدفوعات ونمو الناتج المحلي، وخلق فرص العمل للمواطنين والمواطنات.
ويسعى برنامج الاستدامة المالية لاستكمال الجهود الماضية في تحقيق الأهداف المنشودة من خلال استكمال العمل على مبادرات برنامج تحقيق التوازن المالي، بالإضافة إلى تبني سياسات مالية، وهي عبارة عن محددات رقمية على الميزانية يتم تطبيقها لتحقيق الأهداف متوسطة وطويلة الأجل للسياسة المالية.
ثم أطلق برنامج صندق الاستثمارات العامة في الربع الرابع من عام ٢٠١٧، بهدف تعزيز وضع الصندوق وجعله ذراعاً أساسية لتحقيق رؤية المملكة ٢٠٣٠، باعتباره محفزاً اقتصادياً رائداً للمملكة وعنصراً فعّالاً للاقتصاد المزدهر، حيث يسعى البرنامج إلى تعزيز الاستدامة الاقتصادية والاستثمارية للمملكة من خلال أربعة أهداف مباشرة يقوم من خلالها بتصميم وتطوير مبادراته وفق عدد من الركائز الاستثمارية، التي تتمثل في إطلاق القطاعات المحلية الواعدة، وتطوير المشاريع العقارية المحلية، وإطلاق ودعم المشاريع الكبرى، فضلاً عن زيادة أصول الصندوق العالمية وتنويعها.
وقد استطاع برنامج صندوق الاستثمارات العامة منذ إطلاقه تحقيق العديد من الإنجازات الكبيرة من بينها تعظيم أصول الصندوق وزيادة العائد الإجمالي للمساهمين والتوسع في إنشاء الشركات المحلية في مختلف المجالات، وإطلاق عدد من المشاريع الوطنية الكبرى، مما أسهم في استحداث مئات الآلاف من الوظائف المباشرة وغير المباشرة، إلى جانب زيادة مشاركة الصندوق في الناتج المحلي غير النفطي.
ويواصل البرنامج طموحاته بخطى ثابتة نحو مضاعفة أصول الصندوق تحت الإدارة إلى ٤ تريليونات ريال سعودي تراكمياً بنهاية عام ٢٠٢٥ ليكون أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم والشريك الاستثماري المفضل، بما يرسخ مكانته في رسم ملامح مستقبل الاقتصاد العالمي.
ويستمر البرنامج خلال المرحلة المقبلة في تعزيز دور الصندوق كأحد الركائز الرئيسة لرؤية المملكة ٢٠٣٠، وفق استراتيجية طموحة لتمكين القطاع الخاص وإطلاق القطاعات الواعدة، حيث يلتزم بضخ مالا يقل عن ١٥٠ ملياراً في الاقتصاد المحلي سنوياً في مشاريع جديدة محلياً حتى عام ٢٠٢٥، كما يستهدف رفع نسبة المحتوى المحلي في الصندوق والشركات التابعة له إلى ٦٠% واستحداث أكثر من ١.٨ مليون وظيفة تراكمياً بنهاية عام ٢٠٢٥. ويستهدف الصندوق وشركاته التابعة المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بقيمة ١.٢ تريليون ريال سعودي تراكمياً بنهاية عام ٢٠٢٥.
و أُطلق أيضا برنامج تطوير القطاع المالي في عام ٢٠١٧، بهدف تمكين المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص، وتطوير سوق مالية متقدمة، إضافة إلى تعزيز وتمكين التخطيط المالي، حيث حقق البرنامج نجاحًا كبيرًا خلال المرحلة السابقة، ومن ذلك انضمام السوق المالية السعودية “تداول” إلى المؤشرات العالمية “FTSE” و “MSCI” مما أسهم في إنجاح الطرح الأولي لاكتتاب أسهم شركة أرامكو السعودية في عام ٢٠١٩ ونمو السوق السعودي ليكون من أكبر ١٠ أسواق في العالم، كما عمل البرنامج على زيادة الدعم في مجال التكنولوجيا المالية للشركات الجديدة والناشئة وقاد العديد من الجهود ذات الأثر الملموس على المواطنين مثل التوجه نحو مجتمع غير نقدي، وإطلاق نظام المدفوعات الفورية والذي تجاوز أهدافه في أقل من ١٢ شهراً.
ويستمر عمل برنامج تطوير القطاع المالي خلال المرحلة المقبلة على تمكين المؤسسات المالية في دعم القطاع الخاص، وضمان نمو سوق رأس مالية متقدمة من خلال تعزيز خيارات التخطيط المالي، وزيادة حصة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة في البنوك. كما سيعمل البرنامج على تطوير قطاع تأمين مستدام ومزدهر في المملكة، وزيادة حصة المعاملات غير النقدية من ٣٦ % في عام ٢٠١٩ إلى ٧٠ % بحلول العام ٢٠٢٥. ولضمان الاستقرار المالي الشامل لقطاع الخدمات المالية يلتزم البرنامج بالمعايير الدولية ذات الصلة، بما في ذلك متطلبات بنك التسويات الدولية والمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية.
كما تم إطلاق برنامج جودة الحياة في عام ٢٠١٨م، لتحسين جودة حياة سكان وزوّار المملكة، وذلك عبر بناء وتطوير البيئة اللازمة لاستحداث خيارات أكثر حيوية تعزز من أنماط الحياة الإيجابية، وتزيد تفاعل المواطنين والمقيمين مع المجتمع.
وتمكن البرنامج من فتح آفاق جديدة لقطاعات جودة الحياة، والتي تمس المواطنين بشكل مباشر، مثل الرياضة والثقافة والتراث والفنون والترفيه والترويح ونحوها. إذ عمل البرنامج على تنويع الفرص الترفيهية، مثل إعادة إطلاق قطاع السينما، وتنظيم الفعاليات الترفيهية والرياضية والثقافية المحلية والعالمية، مثل استضافة رالي دكار الدولي، وافتتاح عدد من المتاحف والمعارض الثقافية والمهرجانات الموسيقية. كما استثمر البرنامج في تطوير الكوادر البشرية في قطاعات جودة الحياة المختلفة، وأطلق العديد من الأكاديميات والمعاهد والبرامج التي تُعنى بتطوير المواهب مثل برنامج تطوير صنّاع الأفلام، وأكاديمية مهد الرياضية، وتقديم المنح الدراسية للطلاب والطالبات للدراسة في المعاهد العالمية لدراسة فنون الطهي.
كما عُني البرنامج بتطوير القطاع السياحي في المملكة، والإسهام بتعزيز مكانة المملكة وجهةً سياحيةً عالميةً. إذ حقق إنجازات ملموسة على هذا الصعيد، منها إطلاق التأشيرة السياحية، وزيادة المواقع التراثية المدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وتوطين المهن القيادية في قطاع الإيواء. كما نجح البرنامج في تفعيل وتمكين دور القطاع الخاص من خلال أتمتة عملية التراخيص لتسهيل أعمال المستثمرين ودعمهم من خلال إنشاء صناديق تنموية مثل صندوق نمو الثقافي، وبرنامج كفالة لتمويل المشاريع السياحية.
وسيواصل برنامج جودة الحياة خلال المرحلة المقبلة جهوده في تمكين قطاعات الثقافة والتراث، والرياضة، والترفيه، والسياحة، إضافة إلى قطاع الهوايات. فعلى سبيل المثال، يعمل البرنامج على تمكين الهواة ومجموعات الهوايات، ودعمهم، وتسهيل إجراءات إصدار تراخيص أندية الهواة، وضمان استدامة هذا القطاع وازدهاره في المملكة. كما يعمل البرنامج على تطوير القطاع البلدي، شاملاً أنسنة المدن، وتحسين المشهد الحضري، والارتقاء بالخدمات المقدمة وذلك بهدف تأمين جودة حياة رفيعة لسكان وزوّار المملكة* (موقع رؤية ٢٠٣٠).
ولم تكن هذه البرامج وحيده بل هناك برامج أطلقت أو ستطلق خلال هذا العام ومنها ( برنامج تحول القطاع الصحي و برنامج الإسكان وبرنامج تطوير القدرات البشرية و برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية وبرنامج التحول الوطني وبرنامج خدمة ضيوف الرحمن وبرنامج التخصيص ) إضافة إلى عدد من المشاريع الكبرى والتي تسلط الضوء على جهود المملكة نحو التنويع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وتعد الجوهر المحوري لرؤية السعودية ٢٠٣٠، حيث ستؤدي كل من هذه المشاريع إلى فتح مجالات جديدة للنشاط الاقتصادي، وخلق فرص عمل، ودفع التنمية الاقتصادية بما يتماشى مع رؤية السعودية ٢٠٣٠ وهي ( محطة تحلية بنظام الامتصاص و تطوير العلا و أمالا و مصنع المواد المركبة لانتاج هياكل الطائرات و بوابة الدرعية والرياض الخضراء ومشروع مدينة الملك سلمان للطاقة و حديقة الملك سلمان ومفاعل الأبحاث منخفض الطاقة ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر ومشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية و نيوم و القدية ومشروع الرياض آرت ومشروع مسار الرياض الرياضي و روشن ومشروع السوده للتطوير ومشروع سكاكا للطاقة الشمسية ومشروع الجينوم السعودي ومبادرة السعودية الخضراء و صنع في السعودية ومصنع انتاج الألواح والخلايا الشمسية ومختبر الموثوقية ومشروع البحر الأحمر و مشروع تحلية المياة المالحة باستخدام الطاقة الشمسية ) ، وكل ذلك لتحقيق الركائز الثلاث الأساسية في رؤية ٢٠٣٠ ( مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح ) .
دمتي يا مملكتي بخير و بأمن وأمان تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وكل عام وهي لنا دار .