عندما نتحدث عن التطوير والقيادة وتقدم الدول و ازدهارها فإننا نتحدث بالأساس عن الانسان, وعلى العكس من ذلك , فعندمنا نتحدث عن التخلف والانحطاط والحروب والدمار والتطرف وغيرها فإننا نعني بذلك الانسان, فلا يوجد من شك أن «الإنسان» هو كلمة السر التي تميز بين الدول المحدودة الإنتاج والامم المتخلفة عن الركب والحضارة الإنسانية, وبين الدول المنتجة والامم المتقدمة في الحضارة الإنسانية.
أن صناعة الإنسان والتي نعني بها تنمية واكتساب المبادئ والقيم والإنسانية أصبحت اليوم حاجة ملحة في جميع دول العالم وفي ظل الأزمات والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسة التي نعيشها محلياً ودولياً, والتي أصبحت تشكل تهديداً لأمن وسلامة الدول المتقدمة والنامية من مختلف الجوانب. لذلك في وطننا العربي نحن بحاجة لصناعة الإنسان قبل إعداد كفاءات ومخرجات علمية بحته.
فاليوم لم توقن بعد بعض دولنا العربية بأن الإنسان هو سر التطوير والازدهار والتقدم، وبالتالي لم تسع بعضها إلى إصلاحه وتكوينه كما يجب أن يكون، ولم تسع تلك الدول للإستثمار في صناعته والذي يشكل الاستثمار الأول والأهم. وهذا ما يعكس حالة الخلل والتخبط والانحطاط الذي تعيشه بعض مجتمعاتنا وحالة الانفصام وقلة المردودية التي تطبع شبابنا وتدفع أجيال بكاملها ثمنه. الأمر الذي يؤكد أن هناك حاجة، اذا ما أردنا فعلا تغيير واقعنا العربي، إلى صناعة الإنسان فكرا وسلوكا وممارسة، وتحويل وجوده من مجرد شخص متلق واستهلاكي إلى شخص منتج ومبدع.
ومن هنا كانت صناعة الإنسان أحد أهم أولويات جميع الدول بما فيها المملكة العربية السعودية، والتي أولت صناعة الأنسان اهتماما كبيراً من خلال الاهتمام بالصحة، والتنشئة الاجتماعية وتطوير منظومة التعليم بمختلف مراحله ومواكبة التطور التقني وصقل المواهب، وتكثيف دورات التعليم والتدريب، والتشجيع على القراءة الذاتية، والاهتمام بالأبعاد النفسية والاجتماعية والأخلاقية للمواطن – الانسان.
ونحن في وطننا اليوم الحبيب، يعد التَّعليم أحد أهم الروافد الدّاعمة لرؤية المملكة 2030 م، في صناعة الانسان (مجتمع حيوي) وتحقيق جودة الحياة والرفاهية الإنسانية , ويعد المعلم الركيزة الأساسية في التعليم في صناعة الإنسان وتشكل شخصية المواطن في مختلف المؤسسات إلى جانب الأسرة؛ وذلك بحكم موقع المعلم واتصاله الدائم مع الطلبة فهو الأقدر على اكساب طلابه القيم والمعارف والعادات والسلوكيات للإنسان والمواطن المتحضر بقيمه الإنسانية
كذلك يقوم المعلم بدور في صناعة الإنسان في ضوء رؤية المملكة العربية السعودية 2030 من خلال مجالين، الأول: تنمية الأفكار والمعتقدات والقناعات لدى المتعلمين لصناعة الشخصية السعودية الإنسانية المعتدلة، والثاني: تنمية المهارات والعادات والسلوك المرغوب فيها لذلك المواطن – الإنسان، والثاني متوقف على الأول ومبني عليه, وفي البيئة المدرسية يقوم بتوفير بيئة حاضنة للإبداع والابتكار, والعمل على تنمية جميع جوانب شخصية الطالب بشكل متكامل (المعرفية ، السلوكية، المهارية، العضلية، العلمية والعملية.
والمعلم أحد أهم أقطاب العملية التعليمية في المملكة المساهم في صنع الانسان، وهو القدوة والمثل الأعلى لطلابه وصانع التغيير في الاخلاق والقيم الانسانية، وبقدر ما يملكه من فَهْمٍ سليمٍ لقواعد المهنة التعليمية، وأساليب ممارستها، وضرورة تطويرها، والتطور معها، والالتزام بأدائها على أحسن صورة، بقدر ما يكون قادرًا على النجاح في صناعة الانسان والمواطن المتحضر في سلوكه وأخلاقه وذلك في طلابه من خلال العملية التعليمية ؛ وهذا ما يحتّم على كل من يعمل في مهنة التعليم أن يتمثَّل المقومات العلمية والأخلاقية والفكرية للإنسان الراقي التي تجعل منه قوة دافعة نحو النهوض بالنشء وتعزيز فرص نجاحهم في المستقل باعتباره إنسان صالح.
بقلم . أ. غيثة بنت علي بن عبدالله القحطاني
شاهد أيضاً
الكاتبة ” سرَّاء آل رويجح ” في حوار خاص لـ” عسير ” : الجمر أيقونة ألم … والرقص أيقونة نجاح
صحيفة عسير – لقاء خاص : تمتلك الكاتبة سرَّاء عبدالوهاب فايز آل رويجح ، قدرات …