صحيفة عسير – سعيد العلكمي: كشفت أستاذ علم النفس المشارك بجامعة الملك خالد، الدكتورة بشرى إسماعيل أن إتباع بعض رؤساء ومديري العمل لأسلوب (التسلط) في تعاملهم مع مرؤوسيهم يقلل من كفاءة أداء العمل لدى المرؤوسين، ومن جودة حياتهم المهنية.
مشيرة إلى أن الدراسات أثبتت أن الجماعة ذات الإدارة الأوتوقراطية التسلطية يسود فيها قيماً خارجة عن العمل مثل رغبة كل موظف في جذب إنتباه المدير، مما ينتج عن ذلك جماعة قريبة من المدير، وأخرى بعيدة عنه ، حيث يشجع ذلك النمط على التخريب داخل الجماعة مما يولد في نفوس الموظفين مشاعر الإحباط، والعدوان و التوتر، كما يؤدي ذلك التسلط إلى إصابتهم ببعض الإضطرابات الجسمية، والتي يكون السبب فيها نفسي كالصداع، والقولون، وضغط الدم المرتفع .
وأعتبرت أن النمط الإستبدادي بالإدارة يعد معوقاً كبيراً للإتصال الجيد بين الرؤساء و المرؤوسين، حيث أن معظم إتصالات هذا النمط تكون من أعلى إلى أسفل أي من المدراء إلى الموظفين، وتأخذ شكل الأوامر، والتوجيهات، بينما الإتصال من أسفل إلى أعلى، أي من الموظفين إلى المدراء، يكون محدوداً لأن المدير المستبد لا يهمه التعرف على أفكار، وآراء، ومشكلات تابعيه، ولايأخذها في إعتباره عند إتخاذ القرارات الهامة مما يؤدي إلى عدم إحساسهم بالقيمة، والإنتماء للعمل كما أن ذلك يقلل من الإبداع المهني لديهم، ويقلل من حب الموظف لعمله، بالإضافة إلى تمارضه وكثره تغيبه، وتهربه من أداء أي أعمال توكل إلية ، كما يقلل ذلك من حماسه الوظيفي وتقدمه بالعمل .
ولفتت إلى أن هذا النوع من المدراء يشكل عائقاً في تحقيق أهداف المؤسسة ، وعرفت الدكتورة بشرى إسماعيل الإدارة بأنها مجموعة من السلوكيات التي يمارسها المدير في الجماعة التي يرأسها والتي تمثل محصلة التفاعل بين عدة عناصر أساسية في موقف الممارسة القيادية، وتستهدف حق الأفراد على تحقيق الأهداف المنوطة بالجماعة بأكبر قدر من الفاعلية ، والتي تعني كفاءة عالية في آداء الأفراد مع توافر درجة كبيرة من الرضاء وقدراً عالياً من تماسك الجماعة.
و بينت أن لجوء المدراء إلى إتباع أسلوب التسلط في تعاملهم مع الموظفين ، يعود لعوامل التنشئة الإجتماعية في مرحلة الطفولة، والتي تؤثر في سمات الشخصية، فمن تربى على القسوة والتسلط سيكون أسلوب حياته هكذا في تعامله مع المحيطين به بالمنزل أو العمل، كما أن إتباع المدير للتسلط قد يرجع لإعتقاده أن الشخص المتسلط يملك زمام الأمور، ويستطيع التأثير على مرؤوسيه، ويحدهم من التقصير بالعمل، ويشعرهم بالخوف منه، حيث يعتقد أن ذلك يحقق له النجاح، ولكن في الحقيقة أن ما يحدث هو العكس حيث يتسرب الموظفين من العمل، ويتسيبون، وتصبح إدارته ضعيفة يسودها الخلل، حيث أن إنخفاض الكفاءة الذاتية للمدير تقلل من الكفاءة المعنية و الوظيفية لمرؤوسيه .
وأرجعت الدكتورة بشرى اسماعيل لجوء المدراء للتسلط ، إلى نقص مهارات الذكاء الوجداني لديهم ، مشيرة إلى أنها أجرت دراسة على 180 مدير في إدارات مختلفة تعليمية وصحية وصناعية في عام 2008 أثبتت حينها النتائج إلى أن الذكاء الوجداني لدى المدير ينبئ بنمط الإدارة الذي يتبعه مع مرؤوسيه ، وأن المدراء ذوي الذكاء الوجداني المرتفع اتبعوا نمط الإدارة الديموقراطي، والتحويلي، والتبادلي، ومركزية المبادئ ، أما المديرين منخفضي الذكاء الوجداني تميز أسلوب إدارتهم بالنمط التسلطي والفوضوي ، فالقادة الذين يتميزون بالذكاء الوجداني قادرون على فهم حاجات مرؤوسيهم، وإمدادهم بتغذية راجعة بناءة .
و ذكرت أن هناك أساليب إدارية جيدة كالأسلوب الإداري الديموقراطي الذي يشبع حاجات كل من المدير، والموظفين، ولكن يعاب على هذا النمط البطء في إتخاذ القرارات كما أن تلك الإدارة قد تفشل إذا كانوا التابعين لها ليسوا على مستوى المسؤولية، والأسلوب الإداري التبادلي الذي يقوم على أساس عملية تبادل بين القائد و الأتباع ويتبع القائد فيه أسلوب الإدارة بالإستثناء أي التدخل عند الضرورة، و الأسلوب التحويلي حيث يكون المدير صاحب الرؤية والرسالة الواضحة وظيفته نقل الناس من حوله نقلة حضارية، وأسلوب الإدارة مركزية المبادئ حيث يعمل المدير فيه لتحقيق الكفاءة بعدل ورفق ، كما يجمع بين تحقيق أهداف المؤسسة وأهداف الأفراد .
وألمحت إلى أن هناك صفات للقائد الناجح الفعال، قام بتلخيصها كلاً من ” دانى كوكس ” Danny Cox ، و” جون هوفر” John Hoover في عشرة صفات هي: صقل المقاييس العليا للأخلاقيات الشخصية بحيث لا يستطيع المدير الفعال أن يعيش أخلاقيات مزدوجة إحداها في حياته العامة ( الشخصية ) والأخرى في العمل ، إضافة إلى النشاط العالي، والإنجاز، وإمتلاك الشجاعة، والعمل بدافع الإبداع، والعمل الجاد بتفان، والالتزام ، و العمل على تحديد الأهداف ، وإستمرار الحماس، وإمتلاك الحنكة، ومساعدة الآخرين على النمو .
و شددت على ضرورة إلتحاق الرؤساء و المدراء بدورات بهدف تنمية أساليب تعاملهم مع مرؤوسيهم ، معتبرة أن تلك الدورات في غاية الأهمية ، كما طالبت بإنشاء مركز لتنمية قدرات القادة والرؤساء في كل مؤسسة من أجل التنمية المهنية، وتحقيق أهداف المؤسسة، والمساهمة في تحقيق أهداف المجتمع .
وأوصت بإتباع بعض الأمور للتغلب على مشكلات الإدارة، حيث أوصت بالعمل على تصميم برامج نفسية وإرشادية للقادة الإداريين لتوضيح العلاقة بين ما يتميزون به من سمات، وخصائص وبين التوافق المهني، ومستوى آداء المرؤوسين و جودة الأداء المهني و مستوى الإنتاج ، بالإضافة إلى عقد دورات لتوضيح أنماط القيادة المختلفة و شرح مميزات، وعيوب كل نمط من هذه الأنماط ، وعقد دورات تدريبيه لتحسين الكفاءة القيادية أو زيادة سلوكيات القيادة الفعالة ، وتعليم القادة مهارات الذكاء الوجداني مع عقد دورات لزيادة قدرة القادة الإداريين على مواجهة الضغوط بالطرق الايجابية الفعالة (قيادة الأزمات).
كما أوصت بضرورة الاهتمام بدراسة المعوقات النفسية للتنمية الإدارية ، لما يترتب على ذلك من زيادة الإنتاج والتنمية الإدارية و البشرية ، و إدراج أبعاد الذكاء الوجداني في استمارة تقويم الأداء الوظيفي ، نظرا لأهميتها في النجاح في الحياة بشكل عام و النجاح المهني بشكل خاص، وجعل اجتياز دورات الذكاء الوجداني من شروط الترقية .
>