سحابة «الصبر السعودي» .. تمطر قصفاً!

 

IMG-20141217-WA0001

سحابة «الصبر السعودي» .. تمطر قصفاً!

أستعير عنواناً لافتاً في التغطية المستمرة لـ«الحياة» عن الأحداث الحالية، أعيده هنا عنواناً لمقالتي ليس لشح في العناوين «عتبات النص» إنما لكونه بالغ الحرفية والدقة، فمن لا يحسن تقدير صبر السعودية عليه أن يبلع مرارة ذلك ولو بَعْد حين، سعة صدر السعوديين تجاه من يحاول مشاكستهم أو استفزازهم سعة محاطة بكمية هائلة من الصبر القابل – بالطبع – للنفاد مع مرور الوقت، وبمعية ركن الحلول المطروحة، والمضي في طريق الحمق واللامبالاة، هذا الصبر المحدد بمقدار والمتحول فور النفاد لحال مختلفة أطلق عليها مع الساعات الأولى من صباح الخميس الماضي «عاصفة الحزم»، محاطة بعزم لا عودة فيه للمعالجة، وقص الأظافر الطويلة، والألسن المتجاوزة عن الحد المسموح به في الحديث، ومن ثم ابتكار طريقة أخرى للحوار، لا يشترط أن تكون على الطاولة للشرح العملي في ضرائب التدخل في الخصوصيات، والقذف بالتهديدات، والعبث بما ليس مناسباً العبث به لا زماناً ولا مكاناً.
«عاصفة الحزم» انطلقت بعد أن شرحت السعودية موقفها في الشأن اليمني، وفنّدت المحاذير والمخاطر وقالت ما يجب قوله، في ظل أن هناك من كان يرسم مشهداً إقليمياً جديداً برأيه. كانت السعودية وكعادتها تتحدث بثقل وهدوء معتاد، ومحسوب بالدقيقة والثانية، وفي المواعيد الذي ينتظرها العالم المتابع للأحداث، إنما يبدو أن الآذان المعنية بأسطر القول والموقف العام لم تكن راغبة في سماع ذلك، لأن عقلها وأيديها منشغلة بتلبية رغبات العملاء المستترين والظاهرين ومتفرغة لزراعة الفتن والبلابل وبنوايا لا علاقة لها بالنظافة مطلقاً، وإن كان أهمها طفْواً على السطح الرغبة في إحالة بلد عربي إلى مسرح دموي، ومنطقة ساخنة مهيأة لحرب أهلية وطائفية لن تبقي ولن تذر، ولن تتوقف تداعياتها عند انتهاك الحدود الحتمي، والمحاولات المعتوهة لتغيير الحسابات السياسية وأوراق المصالح.
لم تخطط السعودية لذلك بالطبع، ولكن حينما تصبح الحكاية تدور حول محاور من وزن «أن الحلم ضعف» و«الصمت جبن»، فلن تقبل بأن نظل أسارى لهذه المحاور السخيفة والتوقعات الغبية، عاصفة الحزم خطوة لم تجد عنها السعودية «بداً» لتجيب على أسئلة ليست مستعصية على الإجابة، ولكنها آثرت التأجيل لعل في التأجيل بصيص من تفاؤل على رغم استمرار الاستفزازات المتعددة والمارة على مراحل.
السعودية قررت جمع الإجابات ما تأخر وما تقدم في سلة واحدة، وفي خطوة أشبه بالنجدة لشعب ينهار بالتدريج، ويتعرض لخيانات بالجملة، ويذهب بعيداً عن السلام والأمان، بل هو على مشرحة التفتيت والقهر والفقر، والعبث بأفراده ومدخراته وحدوده، وإن لم تكن السعودية في الموعد، فهناك من يعد العدة لتكون ونكون في جدول عبثه وهمجيته، وضجيجه المنتهي بالطريقة التي لم تتمناها، لكنها وجدتها آخر الحلول الممكنة لاستئصال ورم. بعاصفة الحزم جعلت السعودية من الكلام السياسي معنى حين كان في كثير من أسطره الماضية محاولة للتهدئة، أو تسجيل حضور بالصوت فقط، وقالت ما يلي: «لصمتنا عواقب وخيمة، إن لم يحترم، وحدودنا لم ولن تكن للنزهة، أما تصريحاتنا فيجب أن تؤخذ دوماً على محمل الجد.. هذه القصة باختصار».>

شاهد أيضاً

أسرة ال دليم مدرسة في الحكمة والحنكة

  بقلم أ/ خالد بن حريش ال جربوع في ليلة جمعت بين الحكمة والحنكة وبين …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com