بقلم الدكتور / خالد بن عبد الله الهزاع
على مر العصور يعتبر لم الشتات وجمع الكلمة تحت راية واحدة؛ من الأمور الصعبة والتي كانت تحرص عليها الإمبراطوريات منذ العهد القديم قبل الميلاد والى العصر الحديث. غير ان الايمان والإصرار والعزيمة والحكمة والشجاعة التي تميز بها الملك عبد العزيز رحمه الله جعلت من المستحيل واقع ملموس يعيشه السعودي على مدى 93عام حتى أصبحت بلادنا المملكة العربية السعودية صاحبة أكبر قصة نجاح في القرن الحادي والعشرين ولله الحمد.
ورغم ما يشهده العالم من اضطرابات؛ تنعم المملكة بأمن واستقرار بفضل من الله ثم برؤية حكيمة تحلم وتستشرف المستقبل وتقرأ الواقع بمنطقية مع استحضار للتاريخ والاحداث وتوظيفها من اجل مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح.
وقد أكد سمو ولي العهد في لقائه على القناة الامريكية فوكس نيوز بالأرقام؛ بعيداً عن اللغة الانشائية، كيف ان الحلم أصبح حقيقة، ليس هذا فحسب، بل أكد سوف تكون هناك رؤية أخرى (رؤية 2040 )في إشارة منه حفظه الله ان رؤية المملكة الحالية آتت أُكلها.
في يوم المملكة الثالث والتسعين؛ اليوم الذي فيه توحدنا تحت راية واحدة وكلمة واحدة؛ نستحضر ما كان عليه الأجداد والآباء من شيم؛ والشيم هي صفات اشتهر بها العرب وحافظوا عليها وتوارثوها على مر العصور. ومن الشيم التي توارثناها الوفاء للوطن والاستعداد للتضحية في سبيله بالنفس والنفيس. ترجم بعض منها الأمير عبد الرحمن بن مساعد في قصيدته؛ هي دماء عروقنا هي غيثنا وبروقنا .. هي دعانا المستجاب وهي توافيق القبول .. نحمد المعطي وهبنا السعودية ذهبنا .. لا وربي ما كذبنا صادقين بما نقول.
الوطن ماله بديل ولا له مثيل. أخرج الأزرقي في كتابه أخبار مكة أنه قدم أصيل الغفاري من مكة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أصيل! كيف عهدت مكة؟ قال: والله عهدتها قد أخصب جنابها وابيضت بطحاؤها وأغدق أذخرها وأسلب ثمامها فقال: (حسبك يا أصيل لا تحزنا) وفي رواية انه قال : (ويها يا أصيل! دع القلوب تقر قرارها) أرأيت كيف عبر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عن حبه وهيامه وحنينه إلى وطنه بقوله: (يا أصيل دع القلوب تقر) فإن ذكر بلده الحبيب الذي ولد فيه ونشأ تحت سمائه وفوق أرضه وبلغ أشده وأكرم بالنبوة فيه اثار شجونه واذكى جمرة حنينه إلى مسقط رأسه، فحريٌ بنا ان نقتدي بقدوتنا.
وأخيراً؛ أود ان اشير الى ملمح هام ورد في استراتيجية تطويرمنطقة عسير( قمم وشيم) والتي أطلقها ولي العهد حفظه الله . وقد تم اختيار “قمم وشيم” عنواناً لاستراتيجية تطوير منطقة عسير؛ ومفردة “شيم” تشير إلى انسان المنطقة وأخلاقه وأصالته ومكنونه الثقافي ومكتسباته المعرفية التي يرتكز عليها، وتم ربط هذه المفردة بالاستراتيجية هو إيمان من القيادة بما يملكه الإنسان في منطقة عسير من تنوع ثقافي وعمق تاريخي وأصالة تمنحه القدرة على تحقيق تطلعاته وأمانيه في مستقبل يوصله حد القمم العالية عبر الشيم الأصيلة. وقد اثبت المواطن في هذه المنطقة الغالية من وطننا العزيز منذ توحيد البلاد على يد المؤسس رحمه الله؛ بأنه على قدر المسؤولية واهلٌ للثقة وحريص على اجتماع الكلمة على الخير والتقوى بين الراعي والرعية في هذه البلاد المباركة. فهنيئاً لنا بوطن طموح نحلم ويحقق حلمنا بإذن الله. حفظ الله بلادنا، ورد كيد أعدائنا في نحورهم.