بقلم/ محمد بن عبدالله آل شملان
حبّ العطاء كقيمة وكمنهج عمل لا يعرفه إلا من التزم به وذاق لذة ذلك الإحساس الذي يتملك صاحبه، بعد أن يكون قد أبهج غيره بخدمة يمنحها له أو مبلغ من المال يبهجه بها، حب لا يعرف حدّاً، ولا يمكن قياسه بسقف أو حدّ، فلربما كان أمراً قليلاً وضئيلاً في نظرة صاحبه، ولكنه كبير الأثر عند الطرف الآخر.
قمتُ بالوقوف مقابل تلك المعاني، بينما كنت أتابع تدوينة على منصة ” إكس ” أطلعتني إياها ابنتي ” نوران ” التي تدرس في الصف الثاني الثانوي، لأخت الرجال ” رسيس الحكير ” عن طلبها معرفة مكان ورقم ذلك الشخص، الذي انتشر مقطعه في وسائل التواصل الاجتماعي، الذي يظهر فيه شاباً يعاني من السمنة وهو من دون منزل.
نقل الفيديو الذي صوّره أحد عابري الطريق ” ساري العمراني “، الحالة البائسة لذلك الشاب الذي تعتوره حالة الهم والغم والانكسار والإعياء، الذي بقي بعيداً عن أنظار مؤسسات المجتمع، وسلَّم نفسه مجبراً لقسوة الحياة بالجلوس على الرصيف، وهو يحمل أنَّاته وآهاته بحثاً عن يد خير في وطن الخير، يشعر بها أنه باقٍ على قيد الحياة، وأنه ماضٍ ليعود كما سيرته الأولى.
ليأتي صوت أخت الرجال الشهمة الكريمة ” رسيس الحكير ” وهي في ” محافظة جدة ” بعيدة، لتقترب منه في ” محافظة حقل “؛ أختاً تواسيه في آلامه ومعاناته وحرمانه: ” له مني ومن أهل الخير التكفل بعلاجه وتوفير له مسكن فنحن ولله الحمد في بلد الخير والإنسانية في ظل مليكنا وولي عهده محمد بن سلمان ـ رعاهم الله ـ”، وسط الهتافات، وأكف التصفيق الحارّة، والدعوات المباركة في أوقات ماطرة.
ليأتي بعد ذلك الصوت ” لحظة التغيير ” التي اختفت عن الوجود والوجوه والبروز، وكأنَّ الزمن يتحرك بعقارب صامتة ومحزنة، فحرّكت ” رسيس ” تلك العقارب وجعلتها علانية وسعيدة، بتهافت الباحثين عن مكان ذلك الشاب وطريقة التواصل معه، ليأتي بعده مشهد الشاب وهو في أحد المستشفيات، عبر التنسيق مع فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بمنطقة تبوك، في انتظار نجاح الأطباء لإجراء اللازم بوضع نهاية سعيدة لمعاناة ذلك الشاب، الذي لن يبقى بعد اليوم بمشيئة الله تعالى مكبَّلاً على ذاك الرصيف، وسيعود إلى حياة أقرانه في المجتمع، ممن يلتحفون بخيرات الوطن، ويستبشرون خيراً بحاضره ومستقبله، وجزالة حضوره الاقتصادي والتنموي والإنساني، في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده ـ حفظهما الله ـ.
مبادرة ساطعة توالت مشاهدها تخطف العقول والأبصار، تروي رحلة 60 دقيقة من البذل والعطاء والفخر والإنسانية والإنجاز، استذكرتْ بها ” رسيس الحكير ” مآثر ملوك هذا الوطن ـ طيب الله ثراهم جميعاً ـ، وبصمات ” سلمان ” و ” محمد “، والفخر بأنها إنسانة من المملكة العربية السعودية، بقولها: ” لا أحد يشكرني فأنا سعودية، وهذا جزء بسيط التمسته من إخواني وأخواتي، كذلك ولاة أمرنا ملوكنا من إحسان وخيرات هنا وهناك، فوق الأضواء وتحتها “.
” رسيس الحكير ” هي النموذج الزاهي لأخت الرجال، تاج رؤوسنا في جميع الأيام، هي الصورة للمرأة السعودية التي ربّت ودرّست الأجيال معاني الانتماء والولاء، هي الأكثر التصاقاً بعقيدتها السمحة وقيمها وتقاليدها وعاداتها العربية الأصيلة، وهوية وخصائص وقواعد ” الشعب العظيم وقت الشدائد “، كما قالت ” رسيس الحكير ” بذلك، وصدَقت.
حفظ الله سعوديتنا.. شكراً ” رسيس الحكير “.. ودامت المبادرات الساطعة مثل مبادرة السادس عشر من نوفمبر.