الإنسان و معاني ممزوجة

بقلم / سميه محمد

كل إنسان يعرف معنى الصدق الصافي البعيد عن الكذب و التزيف ولكن ماذا يحصل إذا كذب إنسان من أجل أن ينقذ نفسه و يتفادى أي خطر يحيط به تكون نيته سليمة ولكنه أجبر على اختيار الكذب ، و ماذا يحصل لو كان يكذب من أجل الفوز بشيء محدد أو اقتناص فرصة ترفع من مستواه المادي ولا يهمه الصدق في شيء إن كان لن يجني من ورائه مصلحة ..

هل يستخدم الإنسان مشاعرة وسيلة من أجل الوصول إلى غاية في نفسه تكون بعيدة عن القيم والمبادىء و تخالف التعاليم و القوانين و الأعراف ؟!

هل صحيح أن مافي داخل الإنسان مجموعة مشاعر كاذبة مليئة بالنفاق و المجاملات ؟!

هل يتشكل الإنسان بحسب ظروفة و يتغير للأسوء دون أن يفكر بعواقب وخيمة قد تحرق كل من حوله دون أن يهتم إلا بنفسه و تأمين الحماية لحياته ..

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه

أو ينصرانه )

فإن كان كل إنسان يولد على الفطرة أي أن الأصل أنهم يولدون على الإسلام ..

قال تعالى :

(( فطرة الله التي فطر الناس عليها لاتبديل لخلق الله ))

الإنسان يولد كصفحة بيضاء ناصعة في كل مايتعلق به بما في ذلك المشاعر التي تكون بدايتها بريئة على سجيتها لا يعكر صفو مائها أي شوائب

عند ولادة الإنسان يكون طفلاً مشاعره مرتبطة بالأم التي يجد فيها الحنان و الأمان ثم يبدأ شيئاً فشيأً يشارك هذا الارتباط مع الأب لأنه يجد فيه القوة والحماية وكلما كبر زادت معرفته بمن حوله و مع هذا التطور الذي نعيشه الآن أصبح العالم قرية صغيرة نتفرج عليها من خلال شاشة إلكترونية عن طريق ضغطة زر ،

كذلك كل ماكبر الإنسان كبرت معه أشياء كثيرة أحلامه التي يريد أن يحققها ، و رغباته التي يبتغي منها المتعة ، و حياته الكاملة التي يسعى لتطويرها إلى الأفضل قد يتخلله الطمع و الحقد و الغيرة و الظلم بعدها تصبح الصفحة البيضاء عبارة عن دوائر سوداء مفرغة ماتلبث أن تمتلىء الفرغات بالسواد ثم نبحث عن اللون الأبيض فلا نجده ولكن يبقى هناك بصيص أمل في عودة الصفحة البيضاء الى ماكانت عليه برونق جديد ..

قد يظلم الإنسان في أصدار الأحكام دون معرفة الحقائق و البحث عن الأدلة و الأثبتات بسبب مشاعرة التي تميل إلى شخص دون آخر فخلال الحروب العالمية عومل البعض كالأبطال وكافئوهم بالجوائز و الأوسمة و أعطوا الألقاب المشرفةوفيما بعد تبين أن نفس الأبطال الذين كرموا مجرد خونة و على العكس هناك أشخاص فضلوا أن تساء إلى سمعتهم و يتهمون بالخيانة في حين كانوا يجمعون المعلومات و بتجسسون في عقر دار أعدائهم ليساهموا في مساعدة أوطانهم بكل معلومة سرية و لو كانت بسيطة ..

وقد لا تبدوا الأشياء كما هي أنما تختفي الحقيقة وراء أستار كثيرة لا يمكن معرفتها إلا في اوقات محددة و عن طريق أشخاص ملمة بكل تفاصيل الاحداث و المعلومات ..

قصة حدثت من قريب و قد يكون بعيد لكنها موجودة و تتكرر

يقال أن زوجان يعيشان مع بعضهما يجمعهما الثقة و الأهتمام كانت الزوجة تقوم بأعمال خير كتطوع بعد وظيفتها ، وكان الزوج أحياناً يقوم بأيصالها إلى الأماكن التي تريد الذهاب إليها ، أنما خرج من يغار و يحقد على الزوجة فأخذ ينشر الأشاعات الكاذبة حتى أنه قذف شرفها ،

مع الأسف صدقت الناس ذلك حتى المقربين من تلك الزوجة والتي يعرفونها أكثر من غيرهم ولكن يظهر في وقت الأزمات كل على حقيقته تسقط الأقنعة و من كنت تظنه صديق هو أول من يطعن ظهرك ثم يختفي بعد ان يسيء لسمعتك ،

وبسبب هذه الإشاعة أبتعد الناس عن الزوجة واحتقروها فأصبحت شبه منبوذة وقام زوجها بالانفصال عنها و عندما صفقوا له ولهم المرتبة الأولى في تدمير بيته وافتراقه عن زوجته ،

أخبرهم أنه متأكد من عفة زوجته وأنه واثق من شرفها ولكن قصتها أنتشرت بين الناس على أنها اتهمت في أغلى ماعندها لذلك أضطر لتطليقها فهو أول من تخلى عنها رغم معرفته ببرائتها ..

فالناس لم تكن تريد ان تعرف الحقيقة كما هي لأنهم أرادوا أن يستمعوا لحقيقة مزيفة جائت على حسب رغباتهم فالحقد يكون في بعض الأحيان متواري في القلب كأنه جذوة تحت الرماد لاتحتاج إلا لريح بسيطة حتى تتأجج من جديد و تشتعل وكانت الإشاعة الكاذبة هي الريح التي أشعلت الجذوة و جعلتها ناراً تحرق كل من يتعرض لها ، والزوج كان يعرف الحقيقة كما هي ولكنه فضل إلا يواجه الناس و يحمي زوجته خوفاً من ان تنتقل الإشاعة التي مست كرامة زوجته إليه فكان الحل لديه أن يبتعد قدر ما أستطاع مع أعترافه بكلمة حق في زوجته ، والزوجة كان لابد لها أن تحزن من هذه الإشاعة فقد فقدت سمعتها و زوجها و احترام الناس ولكن تيقنت ان ماتفعله خير و هي عفيفة و تسير في طريق الحق لذلك لن تهتم بأحد و ستكمل ماتعمله من تبرعات مادامت واثقة من نفسها ومهما تخلى عنها الجميع فالله معها لأنها على حق

و الله الحق العدل الكريم القوي القادر ..

الأزمات هي التي تكشف عن معدن الإنسان إن كان أصيل او مزيف والحياة تعلمك دروس و عبر كثيرة فقد تحب شخص و مستعد ان تضحي لأجله و تكره شخص و لا تطيق أن تراه ولكن عندما تقع يهرب الشخص الذي كنت تحبه بينما الشخص الذي تكرهه هو الذي سيمد لك يد العون بعدها ستدرك انك كنت مخطىء في حكمك و ان مشاعرك هي من خانتك ولكن بعد ماتمر بموقف سيء في حياتك تدرك خطأك و تحاول أن تصححه وتضع كل شخص في مكانته التي يستحق دون ان تسيء لنفسك أو لغيرك ..

الإنسان و معاني ممزوجة من مشاعره في داخله احياناً لا يفهمها و لا يستطيع أن يفسرها او حتى يعبر عنها ولكنه مع الوقت و المواقف يتبين الاشياء و يعرف الحقائق و يكتشف الأسرار و يوازن بين الأمور فهو إنسان يخطيء و يصيب ، يتعثر و يقع ثم يقف ، يجهل ثم يتعلم ، يحب ، يكره ، أنه إنسان ليس ملاك لكن الجميل فيه أنه عندما يخطىء و يعرف خطئه يقف حتى يصحح هذا الخطأ ولا يعود إليه من جديد ،

عندما يحب بصدق يعطي من غير حدود و من غير أختلاف و من غير تعصب و من غير غرور هذا هو الإنسان عندما يحب بصدق .

شاهد أيضاً

بدر بن عبدالمحسن ضمير الحب ” رحمه الله”

بقلم: خالد فردان نشأ ” فوق هام السحب” مردداً ” الله الأول وعزك يالوطن ثاني” …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com