تقاسيم (ربع مليون مواطن سعودي)

 

IMG-20141217-WA0001

 

تتحدث الأرقام عن استفادة ما يصل لربع مليون سعودي في العامين الأخيرين من برامج الحوار الوطني، وليت أني استبدل مفردة استفادة بشهادة حضور وشتان ما بينهما، فلا أزال مؤمناً أننا متأخرون جداً في مربع الحوار الوطني بالمقارنة والمقاربة مع عدد سنوات العمل وفق هذا المفهوم والحراك الاجتماعي اليومي، ومع هذا الإيمان أرفق بالغ الحب لمن يتحدث عن الأرقام المرتفعة عنه برفقة البرامج والورش والفعاليات، لأننا ننتظر في النهاية نتيجة تضعنا والحوار الوطني إزاء قناعة مطمئنة في أنه يذهب بنا نحو تحقيق الأهداف لا تسجيل الأرقام، لا سيما وأن مفهوماً كالحوار يمكن رصد تأثير خطة عمله بسهولة.
أضع موضوع الحوار الوطني بصفته محوراً دائماً ولازماً للنقاش، ونظل قادرين على تحريك وإزاحة كثير من الملفات قبله وبعده، لكنه ثابت وفقاً للحاجة المستمرة والاعتراف بأن الالتقاء الهادئ لشرائحنا على طاولة مشتركة لن ينجح سوى بحوار وطني صريح واضح وشفاف. أصعب اللحظات التي قد تحرج مركز الحوار الوطني حين يتواجه مع شاب سعودي متحمس بالسؤال الضخم في مشروعه الهائل: ماذا تعرف عن الحوار الوطني؟ فيفاجأ برؤيته أن الحوار الوطني مصطلح عصي على التناول، ولا يستخدمه إلا كبار القوم والمعنيون بالنقاشات والمشاركات والحضور المنبري والكتابي؟ هذا على فرضية أن الشاب السعودي لطيف ويريد أن تتمتع إجابته بالديبلوماسية الذكية المخرجة له من الحرج والمحفزة لصاحب السؤال بنبضات متقطعة من التفاؤل، ولكن على مركزنا المتحمس أن يضع في ذهنه أن الإجابة العامة لجيل لا يستهان به: الجهل به تماماً، وربما لو طلب من جيل «الشيلات» أن يضع بعناية علامة الكسرة والفتحة على حروف الحوار لدخل في ورطة ساخرة.
يدخل مركز الحوار الوطني عامه الـ12 ومع المرور العاجل على جزء من الأهداف التي رتب صفوفه وخططه وأفكاره وجهوده من أجله فإن عملاً شاقاً لا يزال أمامه، فما مضى من أرقام لم يضرب في عمق هذه الأهداف، بل هو يلامسها على حرج، ربما لأن التحديات والحجار الصلبة في الطريق لم تسمحا أو تأذنا بعد بالمضي نحو العمق وكون الأهداف الهائلة التي «رُصت» على بعضها ترصد حاجات خريطة وطنية بجراحها المسكوت عنها، لأنه لم يكن حينها من ينثر الملح بخبث على هذه الجراح.
أين مركز الحوار الوطني من تكريس الوحدة الوطنية والطرح الديني المعتدل ومعالجة القضايا الوطنية الشائكة كالتطرف والطائفية والعنصرية والقبلية؟ أين هو بالضبط من ترسيخ الحوار كأسلوب حياة وخطوة عليا للحل؟ أين هو من توسيع المشاركة لأفراد المجتمع، وماذا يعني بتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني؟ وهذه التساؤلات مأخوذة من أهداف قيل ذات يوم إن مركز الحوار الوطني وضعها في صميم العمل ودوائر الاهتمام! الإجابات والأحبار لن تكون متعذرة أو فقيرة لدى مركزنا الوطني، لكن الأرقام في هذه المساحات لا تقدم إلا مزيداً من الاستغراب إن لم تكن مصحوبة بمخرجات يمكن لمسها ورؤيتها مفعلة ولو بالتدريج، مركز الحوار الوطني مجتهد حد الممكن، إنما حصيلة أكثر من عقد لعمله وحركته والاستطلاع الدقيق لا السطحي للرأي العام الوطني عنه تبوح بأن حوارنا الوطني لا يزال في ارتباك وفوضى الأوراق المعدة على طاولاته مسبقاً ومنها وإليها يبدأ وينتهي مشروع «الحوار الوطني».>

شاهد أيضاً

إن خانتك قواك ما خانك ربك ولا خانك ظناك

بقلم: ابراهيم العسكري تعرضت قبل فترة لعارض صحي اعياني من الحركة وارقني من النوم واثقل …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com