حنين ذكريات عيد الأمس في قريتنا

 

بقلم ✍️لاحق عبدالله 

كانت الحياة تمضي على سجيتها. كان للعيد طعمٌ آخر، طعمٌ ممزوجٌ بفرحٍ صافٍ لا تشوبه تعقيدات الحياة الحديثة.

كنا ننتظر العيد بلهفة لا توصف، نترقب قدومه كما يترقب العطشى قطرة الماء.

لم تكن فرحتنا تبدأ صباح العيد. بل كانت تنمو معنا منذ أواخر رمضان حين تبدأ الاستعدادات البسيطة، ونعيش لحظات الحماس بانتظار ملابس العيد التي كنا نرتديها أحيانًا قبل يوم العيد من شدة فرحنا، أو نضعها بجوارنا، نلامسها قبل النوم وكأنها كنز ثمين. وأحيانًا، لا نعرف للنوم طعمًا، فالعيد بالنسبة لنا لم يكن مجرد يوم بل كان مهرجانًا من الفرح والسعادة.

حين تشرق شمس العيد، كنا نتسابق إلى ارتداء ملابسنا الجديدة، ثم ننطلق خلف والدنا نحو المصلى. يعلمنا كيف نتعامل مع الناس، كيف نُسلّم ونبارك، كيف نحترم الكبير ونفرح مع الصغير، كانت تلك الدروس أكثر قيمة من أي شيء آخر. وبعد الصلاة، تبدأ الرحلة الأجمل، نزور بيوت كبار السن وجميع بيوت القرية، بيتًا بيتًا، مشياً على الأقدام، نطرق الأبواب بابتسامة، وندخل لنجد وجوهًا مشرقة، ترحب بنا وكأننا نحمل لهم العيد بين أيدينا بمنتهى البراءة والنقاء.

كنا نجلس في بيوت القرية المتواضعة، نتناول الأكلات الشعبية التي لا نجدها إلا في هذه المناسبة، نحصل على الحلوى البسيطة أحياناً التي لم تكن تساوي شيئًا بثمنها

لكنها كانت لا تُقدر بثمن في قيمتها وفرحتها. كنا نشعر أن القرية كلها أسرة واحدة، لا يوجد بيت بعيد،

ولا يوجد شخص وحيد، فالعيد كان يجمعنا كما لم تفعل أي مناسبة أخرى.

لكن الزمن تغيّر وكبرت القرية، وامتدت طرقها، وبنيت فيها البيوت الحديثة، وتغيرت العادات.

لم نعد نسير على الأقدام كما كنا، بل أصبحت السيارات تختصر المسافات، وأصبح الناس يزورون بعضهم بسرعة وربما اغلبهم لم يعد كذلك، وكأنهم يؤدون واجبًا أكثر مما يستمتعون بلقاء الأحبة.

لم تعد الأكلات الشعبية جزءًا رئيسياً من العيد كما كانت، بل حلت محلها الحلويات واختفت بعض التفاصيل الصغيرة التي كانت تمنح العيد خصوصيته وبهجته .

اليوم، ورغم أن القرية تطورت وأصبحت تفوق أغلب الأماكن في عمرانها وخدماتها، إلا أن شيئًا من روح العيد القديم قد ضاع في زحام التغيير.

العيد لا يزال يأتي، لكنه لم يعد كما كان.

لم نعد ننام بملابس العيد، ولم نعد ننتظر الفجر بقلوبٍ تخفق شوقًا، ولم نعد نزور البيوت بنفس اللهفة. لكن رغم كل شيء، يبقى العيد ذكرى لا تُمحى، وصدى لضَحكاتٍ طفولية مازالت تعيش في داخلنا،

حتى وإن تغيرت كل المظاهر

من حولنافالذكريات لاتزال حاضرة

نراها في ملامح أطفال اليوم وأبتساماتهم وتعبيراتهم وإن اختلف الزمان وتغيرت الأحوال

رَحِمَ الله من كان للعيد معهم بالغ الاثر،وأطال الله بقاء من لازال يذكّرنا بذلك الزمن الجميل.

وكل عام وأنتم بخير.

✍️لاحق عبدالله قرية الشبارقة

شاهد أيضاً

نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام يتطوع ليكون مسؤول المالية

بقلم الكاتب/ عوض بن صليم القحطاني أشار القرآن الحكيم إلى نماذج من تطوع نبي الله …

تعليق واحد

  1. أبدعت أستاذلاحق.
    دام نبضك وقلمك

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com