وسائل التواصل الاجتماعي .. بين الفائدة والانحراف الأخلاقي

بقلم / علي سعد الفصيلي

لم يعد العالم كما كان قبل ظهور منصات التواصل الاجتماعي، فقد أحدثت هذه المنصات ثورة هائلة في مختلف مجالات الحياة، كنشر المعرفة والترفيه وتحقيق المكاسب التجارية وزيادة ترابط وتواصل المجتمع ومعرفة أحوالهم ، إلا أن الوجه القبيح لهذه الثورة الرقمية يحمل في طياته تهديدًا خطيراً للقيم الأخلاقية والمبادئ الاجتماعية، فقد تحولت هذه الوسائل إلى بيئة خصبة لانتشار السلوكيات المنحرفة التي تتعارض مع الأخلاق والدين، مما يهدد استقرار المجتمع وتماسكه، ومع تزايد هذا الانفتاح الرقمي لم يعد مستغربًا مشاهدة مظاهر صادمة من التفاعل بين الجنسين على هذه المنصات، وأصبحت بعض الفتيات تعرضن أنفسهن بطرق غير لائقة، إما بحثًا عن الشهرة أو للتفاعل والمتابعة، وفي المقابل هناك من يستغل هذه السلوكيات لتحقيق مكاسب خاصة، سواء من ضعاف النفوس الذين يتصيدون الضحايا أو من بعض الجهات الخارجية التي تروج لثقافة الانحلال تحت غطاء الحرية الشخصية والانفتاح المفرط.

ولا تقتصر أضرار هذه الممارسات على الأفراد فحسب، بل أصبحت تشكل أزمة أخلاقية تهدد المجتمع بأسره، إذ يؤدي انتشار هذه السلوكيات إلى ارتفاع معدلات الجرائم الأخلاقية، وتراجع القيم الأسرية، وانحراف الشباب عن سمو الأخلاق والمبادئ ، ومع غياب الأنظمة الرادعة والرقابة الأسرية والمجتمعية، يجد كثير من الشباب والفتيات أنفسهم عرضة لتأثيرات سلبية قد تطيح بأخلاقياتهم أمام تيارات الانحراف، وعلى الشباب الذين يشاركون في تأجيج هذه الظواهر سواء بالممارسة أو بالتشجيع، إدراك أن ما يقومون به قد يعود على محارمهم وقد يصبحن ضحايا لنفس التصرفات.

لم يعد بالإمكان تجاهل هذه الظواهر أو التعامل معها على أنها حالات فردية عابرة، فكل يوم يمر دون اتخاذ إجراءات حاسمة يزيد من ترسيخ هذه السلوكيات في المجتمع، مما يجعل التصدي لها أكثر صعوبة في المستقبل، وتفشي هذا الانحدار الأخلاقي يستدعي توجيهًا حازمًا من الدولة وفرض قوانين صارمة للحد من هذا الانفلات، وتشديد الرقابة على المحتوى غير الأخلاقي، وسن تشريعات تردع استغلال المنصات الرقمية في نشر هذا الفساد، كما أن وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية والدينية تتحمل مسؤولية كبيرة في نشر الوعي وتعزيز الثقافة الأخلاقية بين الأجيال الشابة، وفي الوقت ذاته لا يمكن إغفال الدور المحوري للأسرة في هذه المعركة، فمن من الواجب عليهم متابعة أبنائهم وتوجيههم نحو الاستخدام الصحيح لوسائل التواصل، وغرس القيم الأخلاقية في نفوسهم منذ الصغر لبناء جيل أكثر وعيًا بمسؤولياته الأخلاقية والاجتماعية، لضمان استقرار الأجيال القادمة وحمايتها من الوقوع في مستنقع الانحلال والانحراف.

شاهد أيضاً

نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام يتطوع ليكون مسؤول المالية

بقلم الكاتب/ عوض بن صليم القحطاني أشار القرآن الحكيم إلى نماذج من تطوع نبي الله …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com