
بقلم / علي سعد الفصيلي
يمثل قرار وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية برفع نسب التوطين في 269 مهنة موزعة على قطاعات متعددة، خطوة استراتيجية تعكس حرص المملكة على تحقيق التنمية المستدامة، وتنويع مصادر الدخل، وتمكين الكوادر الوطنية من الانخراط الفاعل في سوق العمل.
يسهم القرار في تعزيز مشاركة السعوديين في وظائف تخصصية وحيوية كطب الأسنان، الصيدلة، المحاسبة، والهندسة الفنية، مما يفتح المجال أمامهم لقيادة عجلة الاقتصاد وتطويره، وتقليص معدلات البطالة خصوصاً بين الخريجين المؤهلين بما ينسجم مع أهداف رؤية المملكة 2030 الرامية إلى رفع نسبة مشاركة المواطنين في سوق العمل وتحقيق الاعتماد على الموارد البشرية الوطنية.
ولا يقتصر أثر القرار على توفير فرص العمل، بل يمتد إلى تعزيز نقل المعرفة والتقنيات، إذ يُكسب المواطنون من خلال انخراطهم في هذه المهن خبرات ومهارات نوعية ترفع من كفاءتهم وتمنحهم القدرة على المنافسة على المستويين الإقليمي والدولي، كما يشكّل القرار دافعًا للقطاع الخاص لتطوير بيئة العمل وتبنّي برامج تدريب وتأهيل تضمن انتقالاً سلسًا وآمنًا للكوادر الوطنية إلى مواقع العمل المتخصصة.
ومع ذلك، فإن تنفيذ القرار يواجه بعض التحديات، من بينها نقص الخبرة العملية لدى عدد من الخريجين، والحاجة إلى رفع مستوى المهارات لمواكبة متطلبات سوق العمل، فضلاً عن تأثير القرار على بعض القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على العمالة الأجنبية. ويمكن مواجهة هذه التحديات عبر إطلاق برامج تدريب وتأهيل فعّالة بالتعاون بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص، وتقديم حوافز للمؤسسات التي تبادر بتوظيف المواطنين ودعمهم خلال مراحل التأقلم، إلى جانب تعزيز الاستثمار في التعليم الفني والتقني ليتواءم مع احتياجات السوق الفعلية.
ويكتسب القرار أهمية خاصة كونه يشمل مهن أساسية تمثل العمود الفقري للاقتصاد الوطني، مثل طب الأسنان والصيدلة والمحاسبة والهندسة الفنية، حيث يسهم توطين هذه التخصصات في رفع الاعتماد على الكفاءات المحلية في مجالات حيوية، ما يعزز الأمن المهني والاقتصادي على المدى الطويل.
(برق الختام)
إن رفع نسب التوطين لا يُعد مجرد قرار تنظيمي، بل يمثل تحولًا استراتيجيًا نحو تمكين المواطن السعودي ليكون شريكًا رئيسيًا في بناء مستقبل الوطن، ولتحقيق النجاح والاستمرارية، من الضروري ترسيخ شراكة فعالة بين القطاعين العام والخاص، تضمن تنفيذ القرار بكفاءة واستثمارًا أمثل في رأس المال البشري الوطني.
عسير صحيفة عسير الإلكترونية