ضعف الرقابة الإعلامية وتأثير المحتوى التلفزيوني الهابط .. إلى أين ؟

بقلم / علي سعد الفصيلي

في مقال سابق بعنوان “فاصل قليل أدب” انتقدت فيه الفاصل الإعلاني الشهير، وقلت حينها إنه فقد عقله وحياءه، وبدأ يقتحم الجلسة العائلية بمشاهد خاطفة تخدش الذوق وتجرح الحياء، دون تمييز بين برنامج ديني أو ثقافي وبين إعلان لأغنية راقصة أو مشهد خارج عن حدود اللياقة، لكنني اليوم أجد أن المشكلة تجاوزت الفاصل نفسه إلى المحتوى بأكمله، فالمسألة لم تعد مجرد لحظة عابرة تفاجئ الأسرة، بل ساعات طويلة من دراما تتجاهل القيم وتتلاعب بالوعي، وتُعاد وتُكرر حتى تصبح جزءًا من المشهد العام وكأنها أمر طبيعي.

وكنت قد أشدت في مقال سابق أيضًا بمصداقية الأخبار التي ينقلها التلفزيون المحلي وموثوقية المحتوى الإخباري الذي يُقدّمه عبر قنواته الرسمية، لما يتمتع به من التزام بالمعايير المهنية وخضوعه لرقابة واضحة، تُشعرك بأنك أمام شاشة تُدرك مسؤوليتها الإعلامية وتعي أثر الكلمة في وعي الناس، إلا أن الأمر لا يخلو من جانب آخر يستحق التوقف والتأمل، فالتلفزيون ذاته يقدّم في أوقات الذروة محتوى دراميًا يمكن وصفه في كثير من الأحيان بالهابط، حيث تُعرض مسلسلات مستوردة أو مستنسخة من مجتمعات ذات طبيعة منفتحة لا تنسجم مع خصوصية المجتمع السعودي، لا في ثقافته ولا في قيمه ولا حتى في لغته اليومية.

ومع التحوّل المتسارع نحو انفتاح إعلامي غير محسوب، تزداد الفجوة بين ما يُعرض على الشاشة وبين الواقع الاجتماعي الذي يعيشه الناس في بيوتهم، فبينما تُقدّم نشرات الأخبار بلغة رزينة ومسؤولة، نجد في المقابل مسلسلات ومشاهد درامية تتعامل مع المجتمع بسطحية وجرأة مفرطة، فليس من المقبول أن تحمل الشاشة رسالة إخبارية منضبطة ومحترفة في جانب، وفي الجانب الآخر تنقل رسالة درامية تجارية متحررة من أخلاقيات المجتمع. هذا التناقض يفقد الشاشة مصداقيتها أمام جمهورها.

خاتمة البروق

تظل الشاشة إحدى أقوى الوسائل المؤثرة في تشكيل الوعي المجتمعي والأسري، وعليه تقع على عاتق قنوات النقل المحلي مسؤولية واضحة لبناء الثقة وتعزيز الوعي، ولا مجال لأي خيارات تجارية تهدم أخلاقيات المجتمع أو تساهم في نشر رسائل سطحية، كما نحتاج إلى لجان رقابية تمتلك خلفية ثقافية وأخلاقية، لا وظيفية فقط داخل أروقة وزارة الإعلام تمرر وتجيز ما ينسجم مع ثقافة وأخلاقيات المجتمع السعودية المعتدل.

شاهد أيضاً

نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام يتطوع ليكون مسؤول المالية

بقلم الكاتب/ عوض بن صليم القحطاني أشار القرآن الحكيم إلى نماذج من تطوع نبي الله …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com