
بقلم ✍️الكاتب : لاحق بن عبدالله
لأن النسب والمصاهرة في مفهومهما أمرٌ مُقدس وميثاق غليظ لا يُستهان به…
فالعلاقة بين الزوجين ليست مجرد عقدٍ يُكتب على ورقة بل هي عهدٌ بين روحين وميثاقٌ أمام الله وأمام الناس.
تتشابك فيه القلوب وتتداخل فيه الأنساب ويصبح كل طرف ملاذًا وسكنًا للآخر كما قال الله تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة}
عندما ترتبط المرأة بزوجها فإنها تُقدم له قلبها قبل بيتها ومشاعرها قبل وقتها وتبذل كل ما بوسعها لتقيم أركان هذه العلاقة وهو بدوره يتخذها سندًا لا مجرد شريكة فهي المؤنسة في الوحدة والمواسية في الحزن والداعمة في الشدة.
فالعلاقة بين الزوجين علاقة تكامل وبناء لا هدم وصراع ونكران رحم الله أهل ذاك الزمان كان الطلاق فيه شيئًا يُكره، وإن وقع،وقع بأدبٍ وستر لا يعرف الناس عن أسبابه شيئًا لأنهم يؤمنون أن “البيوت أسرار” وأن النهايات لا تعني بالضرورة فتح أبواب التشهير والتجريح والإساءة.
كانت الأخلاق تحكم المواقف والحياء يزين الألسنة والناس تعرف أن للعيش حرمته وللخبز والملح مواثيق لا تُكسر.
أما اليوم فكأننا نعيش زمنًا تُعرض فيه تفاصيل الحياة الزوجية على الملأ وكأنها مسلسل “درامي “يفرح البعض بنهايته لا يراعون مشاعر الأبناء، ولا حرمة العِشرة فتُطلق الكلمات الجارحةويُحتفل بالطلاق وكأنه نصرٌ يُسجّل ، لا فشلٌ يُراجع أ و يُسٌتر.
{ولا تنسوا الفضل بينكم}
هذه ليست مجرد آية بل قاعدة أخلاقية عظيمة في التعامل خاصة بعد الانفصال فحتى لو لم يُكتب للحياة الزوجية الاستمرار يبقى الفضل قائمًا.
يبقى الخير الذي قدّمه كل طرف للآخر تبقى الليالي التي ضمّت دعاءً وقلقًا واهتمامًا تبقى الأوقات الجميلة التي جمعتهم ذات يوم.
إن هذا الفضل ليس فقط في القول بل في الفعل،وفي الصمت النبيل في حفظ الكرامة، في اجتناب الانتقام
في عدم التجريح أو نشر العيوب .
رحم الله من رحلوا عنا تركوا لنا دروسًا لا تُنسى ومواقف نبيلة تُروىٰ علمونا أن الشرف في الستر وأن الكرامة في الصمت وأن الرجولة لا تكون في التشهير
بل في الاحترام بعد الفراق كما كانت في العطاء أثناء العشرة.
فلنسترجع تلك القيم، ولنُحْيِ في أنفسنا الوفاء القديم فالحياة لا تُقاس بطول العلاقة بل بعمق الاحترام، وحفظ الجميل وبالصدق في الودّ حتى في الخلاف وإذا فُقدت المودة، فليظل بيننا شيء من الرحمة والتقدير والحياء.
فالنهايات ثقافة، وتربية ،وأخلاق
عسير صحيفة عسير الإلكترونية
أستاذنا الفاضل. ما أحوج مجتمعنا لمثل هذا المقال الجميل الذي يسلط الضوء على الزوايا المظلمة التي احدثت تفكك الروابط الحميدة و انهيار العلافات بين الأسر من ضعاف النفوس وما اقترفوه من خوارم للمروءة و انحطاط في نواميس الرجولة؛ ولا عجب من هذا لأن الموروث الأخلاقي اصبح في طي النسيان؛ زيف التمدن و ارتفاع سقف التمرد على العادات والتقليد المجتمعية (زاد الطين بلة) أستاذنا الكريم. تطرقت لسير ( الرجال) الأوائل في تعاملهم مع هذا العقد المقدس.
( ما يستطيع الرجل أن يكون رجلاً حتى يجد إلى جانبه زوجة تبعث في نفسه روح الشجاعة والهمَّة، وتغرس في قلبه كبرياء التبعة وعظمتها، وحسب المرء أن يعلم أنَّه سيد وأنَّ رعيَّةً كبيرة أو صغيرة تضع ثقتها فيه، وتستظل بظلّ حمايته ورعايته، وتعتمد في شؤون حياتها عليه، حتى يشعر بحاجته إلى استكمال جميع صفات السيد ومزاياه في نفسه، فلا يزال يعالج ذلك من نفسه ويأخذها به أخذاً حتى يتم له ما يريد، وما نصح الرجل بالجد في عمله والاستقامة في شؤون حياته، وسلوك الجادة في سيره، ولا هداه إلى التدبير ومزاياه، والاقتصاد وفوائده، والسعي وثمراته، ولا دفع به في طريق المغامرة والمخاطرة، والدأب والمثابرة، مثل دموع الزوجة المنهلة، ويدها الضارعة المبسوط) مصطفى لطفي المنفلوطي _رحمه الله تعالى واسكنه فسيح جناته.