المعلم.. بصمة لا تُقاس بالوجه أو الإصبع

بقلم الكاتب / علي الفيفي 

من المؤسف أن نتأمل كيف يُقدَّم خبر عودة المعلمين في بعض وسائل الإعلام وكأنه مادة عاجلة، لا يُعرف هل الغاية منها الاحتفاء أم الشماتة! وكأن المعلم موظف عادي يفتقد الانضباط، بينما الحقيقة أنه كان ولا يزال الأكثر التزامًا وانضباطًا بحكم رسالته قبل أي نظام أو تقنية.

 

اليوم يُساق الحديث عن البصمة بالوجه والصوت والإصبع وكأن المعلم شخصية يصعب السيطرة عليها، أو أنه بحاجة إلى منظومة معقدة من الرقابة، متجاهلين أن المعلم مارس طوال سنوات عمله أعلى درجات الرقابة الذاتية، لأنه ببساطة يقف أمام أجيال كاملة ويغرس فيهم القيم قبل المعلومة.

 

التقنية ليست المشكلة، فالعالم كله يتجه نحو التحول الرقمي، لكن طريقة تسويق الخبر هي ما تصيب بالإحباط وخيبة الأمل. فبدل أن يُطرح الأمر باعتباره تحديثًا إداريًا يواكب التطوير، يُقدَّم وكأنه عقوبة أو إجراء صارم تجاه فئة لا تُوثق إلا بالبصمة! وهذا ظلم كبير لصورة المعلم ومكانته.

 

المعلم الحقيقي ترك بصمته منذ أول يوم دخل فيه الفصل، بصمة لا تُقرأ بجهاز إلكتروني، بل تُقرأ في عقول أبنائنا وسلوكياتهم ونجاحاتهم. وهذه هي البصمة الأعمق والأبقى.

 

إننا نحتاج اليوم إلى خطاب إعلامي أكثر إنصافًا، يوازن بين إبراز أهمية الأنظمة التقنية في تعزيز الانضباط، وبين صون كرامة المعلم وتقدير مكانته. فالمعلم ليس مجرد موظف تحكمه دقائق الحضور والانصراف، بل هو رسالة متجذرة وأمانة عظيمة، وبدونه لا يمكن أن تبنى أمة أو تنهض حضارة.

 

وفي الختام.. هذه رسالة لكل من يُنصف الحقيقة: قد تختلف الوسائل، لكن يبقى أثر المعلم خالدًا في الأجيال، يزرع القيم قبل العلوم، ويترك بصمة لا يمحوها الزمن. وكما قال الشاعر:

 

إذا غرس المعلم في نفوس الناشئة غرسًا صالحًا

أثمرت به الأوطان عزًّا، وأزهرت به الحياة أملاً.

شاهد أيضاً

نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام يتطوع ليكون مسؤول المالية

بقلم الكاتب/ عوض بن صليم القحطاني أشار القرآن الحكيم إلى نماذج من تطوع نبي الله …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com