وقفة مع أبيات للشاعر عبدالله الغريبي..(ام غريبي)

الكاتب ✍️: لاحق بن عبدالله : الشبارقة

شاعر الحكمة وصوت الأصالة رجل من رجالات عسير وعلم من اعلامها البارزين وأحد شعرائها العمالقة

في ساحة الشعر الجنوبي الأصيل، يتردد اسم الشاعر “عبدالله ام غريبي ” كأحد الرموز الذين تركوا بصمة خالدة في ذاكرة الشعر الشعبي بمنطقة عسير .

شاعر جمع بين جزالة اللفظ وصدق المعنى، وبين التجربة والحكمة وسمو الذات ، فكان صوته مرآةً لقيم الرجولة والمروءة والكرم التي عُرفت بها قبائل عسير.

ومن بين القصائد التي تُروى له وتُتناقل بين محبي الشعر، هذا النص الجميل على لون الدمة الذي يبدأ فيه بمخاطبة القصر رمز العزة والمجد، فيقول:

سلام يا قصر “ن” وبيبانه ثمانيه

والمرّت والنّبوت في سطحٍ وبانيه

يوم القصور البيض قبلتها رجالها

————

قال إمغريبي ياقريني رد ثانيه

فالعُمر لو طوّل فعقب الروح فانيه

ولاحياةٍ قد تراجت منْ رجا لها

————-

في هذه الأبيات، يصور الشاعر القصر وكأنه حصنٌ منيع ورمز للمجد والبطولة.ثم يقول

«والمرّت والنّبوت في سطح وبانيه»،

وهنا يشير إلى أنواع من البنادق القديمةالتي كانت تُعرف في المنطقة مثل المرّت والنّبوت، وكان اقتناؤها علامةً على العزّة والشجاعة والاستعداد للدفاع عن الدار والكرامة.

فالقصر هنا ليس موطن ترف أو زينة، بل رمز للعز والرجال الأوفياء الذين يحرسونه بأسلحتهم وكرامتهم.

أما قوله

«يوم القصور البيض قبلتها رجالها»

فهو إشارة إلى هيبة ذلك المكان حين كان رجاله عنوانًا للفخر والبطولة.

 

ويأتي شِعرالشاعر عبدالله الغريبي، حاملاً عبق الحكمة وصدق التجربة، إذ قال:

قال امغريبي يا قريني ردّ ثانيه

فالعمر لو طول فعقب الروح فانيه

ولا حياة قد تراجت من رجا لها

 

فبعد التحية والمودة، ينتقل إلى جوهر الحقيقة:

أن العمر وإن طال، فهو زائل بعد فناء الروح، وأن الحياة لا تُستعاد بعد فقدها.

إنه صوت الحكمة الناضجة التي تتأمل الزمن والمصير، لا من باب التأسي والحزن، بل من باب الرضا والتسليم.

وهكذا يتجلّى في هذا النص لقاء بين الفخر والحكمة ففي الشطر الأول يصور مجد القصور ورجالها وسلاحها، وفي الشطر الثاني يردّ عليه بحكمة العقلاء وتجارب السنين فيُكمل أحدهما الآخر، ليشكل لوحة شعرية تمزج أصالة الماضي بعمق الإنسان وعراقته والنهاية الحتمية لكل شيء .

 

إن مثل هذه الأبيات لا تمثل مجرد نظمٌ شعري، بل هي مدرسة شعرية عريقة في عسير، حيث تلتقي الأصالة بالشعر، والعزة بالحكمة.

وفي كلمات الغريبي نجد مزيجًا من بلاغة الشعر ، وعمق التجربة، وصدق الإحساس الذي ميّز شعراء

ذلك الجيل أمثال— ابن عشقة وام ثوابي وغيرهم الكثير ممن لا يتسع المكان للحديث عنهم لكثرتهم وغزارة نتاجهم الشعري وصعوبة الإحاطة به في مقال موجز كهذا.

 

رحم الله الشاعر عبدالله الغريبي، فقد كان شاعرًا بحجم المكان الذي نشأ فيه وقد أشار اليه كثيراً في معظم قصائده ومشاركاته والمعروف(بآل ويمن)

ويبقى هذاالشاعر رمز من رموز القبيلة التي ينتسب إليها، بني مغيد عسير صوت خالد في ذاكرة الشعر الجنوبي الاصيل، ترك لنا إرثًا من الكلمات التي تجمع بين القوة والإنسانية، وبين العزة والزهد، في آنٍ واحد . ..يرحمه الله .

شاهد أيضاً

نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام يتطوع ليكون مسؤول المالية

بقلم الكاتب/ عوض بن صليم القحطاني أشار القرآن الحكيم إلى نماذج من تطوع نبي الله …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com