
بقلم الكاتب/ عيسى مفرح
كطفلٍ تلبستهُ الدهشة إلى حدها الأعلى، ثم رمت صرختها على قمم جبال سور الصين المنتصبة على شكل يشبه خطاً رفيعاً ومعرجاَ ،يُدهش الناظرين.
هكذا كانت حالتي وأنا أسيرعلى سور الصين ،كان شغف المعرفة بالثقافات المحلية والعالمية حاضرها وتاريخها المسؤول الوحيد عن حالتي هذه! مما جعلني أبُاركُه ،داعياً الله أن يتلبسني ماحييت.
انطلقت في رحلتي الداخلية من أبها بإتجاه نقطة المغادرة إلى بكين (مطار الملك فهد الدولي بالدمام) عبر ساحل عسير الساحر ،وصولاً إلى جدة ،فالمدينة،فالعلا،فتبوك،فحائل،فالقصيم،فالرياض،فالخبرثم مملكة البحرين الشقيقة ،ثم عائداً إلى بلادي بإتجاه القطيف ثم الدمام .
وبهذه الرحلة الطويلة تكتمل زيارتي لكل مناطق بلادي (المملكة العربية السعودية ). التي سوف أحدثكم عن أخبارها في قادم الأيام..
في ليلة الثاني من شهر أكتوبر للعام الجاري وصلت بكين،وما أن أخذت ساعات معدودة لراحة جسدي حتى ذهبت في الصباح الباكر إلى سور الصين العظيم ،صعدت مشياً على قدمي عبر (جبل جينشانلينغ)ويقع جهة شمال شرق بكين، وفي إحدى قمم السور التقيت بصديقي يانغ القادم من مقاطعة (هانغتشو)..
من ثقافتهم..
تصاحبنا معاً على طول رحلتنا على السور ،تشاركنا المأكل والمشرب،تبادلنا الأفكار والرؤى عن كل ما رأيناه على امتداد البصر ، كان كُلاً منا يتلطف بالآخر حتى لا ينزلق ويسقط في انحدارات السور الشديدة والمعقدة، ولكي نُحيي روح التحدي لبعضنا كان الجد والهزل رفقينا طوال الرحلة، وفي كل خطوة أرى ثقافة المجتمع الصيني أمامي ،من ملبس ومأكل ومشرب وسلوك..
فسٌور مزدحم بالسياح القادمين من كل مقاطعات الصين،ولم أرى غيرهم سوى القليل جداً من العرب والغرب،فما أن تتعثر حتى يهب القريب منك لمساعدتك،يبتسمون في وجهك كدلالة على الترحيب ،يطلبون منك بكل أدب أخذ صورة تذكارية ..يسألونك هل تريد أن تتذوق بط بكين المشوي أو زلابية غوتاي؟،
لا يملون من خدمتك عندما تحتاج السؤال..فلا حاجز للغة عندهم ! ولأن أكثرهم لا يتحدثون اللإنجليزية ولديهم عالمهم التكنلوجي الخاص فتجد مع كل مقدم خدمة سواءً في فندق أو مطعم أووسيلة نقل جهاز للترجمة من اللغة الصينية إلى لغتك الأم ،وعلى القدر الذي يعتزون بهويتهم وإبرازها معك بطرق مختلفة ،بنفس القدر يرغبون معرفة ثقافتك..
أنهم لطفاء كرماء.
من تاريخهم وحاضرهم؛
تُريد أن تقرأ عن عصور ماقبل السلالات الأمبراطورية ،عليك بالمكتبة الوطنية الصينية. تُريد أن تتعرف على الهندسة المعمارية التي تجمع التاريخ العريق والتصاميم الحديثه عليك بزيارة المدينة المحرمة ومبنى بكين الرقمي الذي يحاكي الدوائر الأكترونية ! تُريد الأجواء النابضه بالحياة وخيارات التسوق والطعام والمباني الحديثه المستوحاة من ثقافة الصين عليك بزيارة منطقة انغفوجينغ.
هذه بكين التي ترى منها كل الصين..
فالنسبة العظمى من سكانها هم من مختلف مقاطعاتها، والتي يبلغ عدد سكانها مايزيد عن 21 مليون نسمة حسب آخر إحصائية لعام 2025،غير الأعداد الهائلة التي تأتي إليها في المناسبات الوطنية كل عام ،
انتهى الجزء الأول من الرحلة..
عسير صحيفة عسير الإلكترونية