
بقلم الأستاذة / صالحة القحطاني
في زيارة تاريخية تعزز الشراكة الاستراتيجية: سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في قلب أمريكا
في خطوة تعكس التحولات الجيوسياسية العالمية، وصل سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، رئيس مجلس الوزراء، إلى العاصمة الأمريكية واشنطن في زيارة رسمية تُعد الأولى له منذ عام 2018، حيث أشعلت أمريكا أنوار الاستقبال الحافل لسموه، مُظهرةً استنفارًا غير مسبوق يعكس مكانة المملكة العربية السعودية في الشراكات الدولية
شهدت الزيارة، التي جاءت في ظل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، استعدادات مكثفة من الجانب الأمريكي، حيث أعلن البيت الأبيض عن برنامج يشمل لقاءات رفيعة المستوى، وصفقات استراتيجية، ومناسبات ثقافية تعبر عن الحفاوة الاستثنائية .
لم يقتصر الاستقبال على الرسوميات الدبلوماسية التقليدية، بل امتد إلى عرض جوي مذهل حيث حلّقت مقاتلات أمريكية في سماء واشنطن على وقع عزف الفرق الموسيقية، مع استعراض حرس الشرف وإطلاق الطلقات المدفعية في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض .
اصطفت الوفود السعودية والأمريكية على سجادة حمراء تهيئ لمشهد دبلوماسي رفيع، وتبادل سمو ولي العهد والرئيس ترامب التحية بحرارة، في مشهد يُذكر بقمم القادة العظمى. كان ترحيب الرئيس ترامب بسمو ولي العهد تعبيرًا صريحًا عن التقدير الأمريكي للقيادة السعودية. في كلمته أثناء حفل العشاء على شرف سموه في البيت الأبيض، وصف ترامب الأمير محمد بن سلمان بأنه “صديق عزيز وقائد حكيم”، مشيدًا بـ”رؤيته الجريئة التي غيرت وجه الشرق الأوسط”.
وفي هذا السياق، لعب الوفد الإعلامي السعودي دورًا حاسمًا في نقل صورة هذه الزيارة إلى العالم، من خلال تغطية شاملة للمناسبات، بما في ذلك جولات داخل البيت الأبيض وصفقات الاستثمار، مما ساهم في تعزيز الوعي العالمي بقوة المملكة ودورها الريادي.
وفي لقاء المكتب البيضاوي، أكد ترامب أن”السعودية شريك استراتيجي لا غنى عنه”، مشيرًا إلى رفع الاستثمارات السعودية في أمريكا إلى تريليون دولار، مقارنة بـ600 مليار دولار أُعلن عنها خلال زيارة ترامب السابقة إلى الرياض .
ما تخلل الزيارة كان مزيجًا من المحادثات الاقتصادية والأمنية؛ فقد تم التوقيع على صفقات تتجاوز عشرات المليارات في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة، بالإضافة إلى غداء عمل في غرفة الرئيس ومناقشات حول الاستقرار الإقليمي .
وبقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، أصبحت المملكة العربية السعودية في مصاف الدول العظمى، محتلَّة وزنًا وثقلًا عالميًا لا يُضاهى. فمع ثاني أكبر احتياطي نفطي في العالم وسادس احتياطي غاز، وكونها أكبر مصدر للنفط الخام، تشكل السعودية عمودًا فقريًا للاقتصاد العالمي، مع موقع جغرافي استراتيجي يجعلها مركزًا للطاقة والتجارة ومع ” رؤية السعودية 2030، التي يقودها سمو ولي العهد، حولت المملكة إلى قوة اقتصادية مزدهرة، تدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتستثمر في التعليم والابتكار، مما يوفر فرصًا للجميع.
وأصبحت السعودية العظمى تسير اليوم نحو خطى جريئة وقوية، محققة تقدمًا باهرًا في التنويع الاقتصادي والإصلاحات الاجتماعية، لتصبح حليفًا رئيسيًا خارج حلف الناتو، مما يمنحها مدخلًا إلى التكنولوجيا الدفاعية الأمريكية والبرامج العسكرية المتقدمة.
ومن أبرز ما تخلل الزيارة لفتة نبيلة من سمو ولي العهد تجاه الدولة الشقيقة السودان،حيث أعلن ترامب استجابته لطلب سموه بالتدخل لحل الأزمة السودانية، قائلًا: “ولي العهد يريد مني أن أقوم بعمل مؤثر للغاية يتعلق بالسودان”، وأضاف أنه “سيعمل على إنهاء الحرب هناك ووقف الفظائع المروعة”.
وقف سموه بجانب الشعب السوداني، ناصرًا إياهم في أزمتهم، وهو ما أثار إعجابًا واسعًا عبر الإنترنت، حيث وُصفت حركة يده التعبيرية عن الاهتمام بـ”مسعى حميد مبارك يدافع عن أهل السودان ويُجلّي الحقائق للعالم”.
هذه النصرة ليست مفاجئة، إذ أصدر سموه قرارًا بإنشاء مجلس سعودي-سوداني للتعاون الثنائي، يدعم المشروعات التنموية والاستراتيجية في السودان، مما يعزَّز الروابط الأخوية ويثلج صدر كل عربي حر أصيل.
يبرز ذكاء سمو ولي العهد ودهاؤه في التعاطي مع الأمور الدولية كعامل رئيسي في نجاح هذه الزيارة، حيث نجح في دمج المصالح الاقتصادية مع القضايا الإنسانية، كما في ملف السودان، مما يعكس حنكة دبلوماسية تجمع بين القوة والرحمة . وفي كل خطوة، يُظهر سموه افتخارًا واعتزازًا بالهوية السعودية، محافظًا على لغتنا الأم اللغة العربية كرمز للوحدة، وبتراثنا وموروثنا الغني كمدعاة للفخر والشموخ والعزة والإباء. ففي وسط المناسبات الدولية، يظل سموه صوتًا يُمجّد القيم السعودية الأصيلة، مما يلهم الشباب ويُعزز الثقة الوطنية..
ختامًا: شمس السعودية اليوم لا يمكن أن تحجب بغربال، ولِسان حال السعوديين بقيادة ولي العهد: المكان مكاني والزمان زماني. هذه السعودية الجديدة ليست مجرد دولة، بل قوة عالمية تُلهم وتُقود نحو مستقبل أفضل للجميع.
عسير صحيفة عسير الإلكترونية
جميل جداً