” لا ” الجَــافِيَة !!

تمنيت من وزير المالية أن يبتعد عن بعض التصاريح ليترك مهمة إطلاقها إلى آخر غير معني مباشرة بالتفاصيل ، حتى يؤخذ التصريح على غير محمل الجد ولا يتهم بالحسد وكره الخير للآخرين ، قد يأتي مسئول “ما ” بمعية تصريح عابر فيمسح كل الحضور المقنع له ،والسبب أنه اختار الجملة الخطأ في التوقيت الخطأ .

اسؤا ما يقابل المواطن دوما كلمة ” لا ” وقد يمكن الاستعاضة عنها بعبارات مطاطية ، وجمل ممغنطة ، حتى تمهد الطريق يوما قادما في ما لو اضطرت الظروف لأن تحضر ” لا ” بكامل حجمها ومرارة قولها ، هل بالفعل يملك وزيرنا المالي أحقية هذه الكلمة أم أن التصريح عاجِل مُسْتَعْجَل لوقف ما أمكن من الأسئلة المتناثرة ، والتساؤلات المتكررة الموضوعية ، والتي يراها تعيق عن أولويات الأعمال وأجندة العمل الجديدة القادمة .

يقول معالي الوزير / ” زيادة الحد الأدنى للرواتب ( لا) تشمل المتقاعدين ” وبودي أن أقف أنا وهو إنسانيا على قسوة ” لا ” في قوله الآنف الذكر ، إلا أن كان ينظر للأمور والقرارات بمعيار آخر وضوابط وأنظمة خاصة لا نعرفها ، فلعلي أطلب منه سريعا أن يبرر سريعا ، ويشرح التداعيات الضخمة الموجعة للحرفين المجتمعين اللام والألف ، ورغم أنها أتت في صيغة نفي صريح ، وجزم مبطن إلا أني بمعرفتي اللغوية العادية اسميها نوعا جديدا طارئا وهو ” لا ” الجافية !! .

لماذا قّتَل وزير المالية فرحة المتقاعدين مبكرا ؟ وهل الصيام عن الحديث دوما يستدعي إحضار جمل النفي والجزم وقطع الأمل ؟ لن تقف الزيادات أو الترتيبات المالية وإعادة صياغة الأنظمة واللوائح القديمة على سطر واحد لا يستلزم سوى حذف لا القاسية من جملته التي ستكون شهيرة على مدى طويل ومزعجة للحد الذي ربما يعتبر فيه أن الرجل وقف دون حق مستحق وحلم منتظر .

المتقاعد جزءا من المجتمع ، وفناء زهرة شبابه وطاقته خدمة وثباتا أمر مفروغ منه ، هم شريحة مستحقة فعلا ، تقديرنا لهم هو تقدير للزمن الماضي الجميل وما بنته سواعدهم ، تقدير للعرق المنهمر عن حب حياة وعشق وطن .

رسالتي لوزيرنا أن يتراجع عن جملته التحطيمية ، ويستبدلها بأخرى فيها من الانتظار ما يكفي ، لأن المتقاعد له زمن طويل وهو متعلق بقشة هذا الانتظار لعل أن يأتي له بجديد ، ليغير وزيرنا المحتوى ويقول :- ” هناك دراسة جادة لرفع الحد الأدنى لرواتب المتقاعدين خلال ستة أشهر ” ، سيصبر المتقاعدون وأعده بذلك فقد صبروا دهرا إلا يصبروا شهرا ! ، وحتى أمهد الطريق ولا أغضب المتقاعد في أني وقفت هذه المرة بصف الوزير لكني متأكد من أن من قال ” لا ” سريعا لن يقولها ” نعم ” بذات السرعة ، مسئولونا دوما لا يحبون أن نقول عنهم أخطأتم ، لا بد أن نوجه الشكر أولا ونشير في ملاحظات ثانيا وننتظر الفرج ثالثا ، ولذا على لسان كل متقاعد عاجز مُسْتحِق أقول للوزير ” شكرا على ” لا ” ، ونخبرك أنها أوجعتنا جدا ولم نتوقعها أبدا ، ويا رب عجل لنا بــــ ” نعم ” عاجلا غير آجل ” .

alialqassmi@hotmail.com>

شاهد أيضاً

سكر الأجاويد في نهار رمضان

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com