سورة الرجال ..!!

حكاية من أدب القرى التهامية . يُحكى أنّ امرأة كانت تعيش في قرية صغيرة. وأثناء خروج رجال القرية . إلى مزارعهم وخلف أذناب أبقارهم.. هجم لصان على القرية لسرقة الأغنام والحبوب وحُليَ النساء وألعاب الأطفال .. فما كان من هذه المرأة (النشمية ) إلا أن صدحت بزغرودة ملأت بها السهول والهضاب. زغرودة الفزعة مثل الهنود الحمر ثم ( دقت اللطمة/ اللثام ) بشماغ رجالي أحمر وعقال أسود قطيفي . وحزام بجنبية حادة ـ ليس حزاماً ناسفا ــ حتى توهم اللصين أنها فارس ملثم مغوار. ثم هجمت على اللصين بضراوة . وتصدت لحرامية القرية الأليفة برصاص ( الشوزن) المنهمر . حتى كانا اللصان يستسلمان لها في وداعة. فجعلت أحدهما يقيد الأول بحبل عصب شديد . ثم قيدت هي الثاني إلى جذع شجرة .. عاد الرجال للقرية عند حلول المساء ورأوا المشهد فتعجب بفخر أناس وتهكم وسخر أناس .. فما كان من الفريق ( المُتحجّـر) منهم إلا أن أطلقوا سراح اللصين. خوفاً من المساءلة لخرقهم قانون حقوق الإنسان! واتهموا المرأة (السنافية المِطلقة من الطلاقة) بالسقوط والخطأ العمد وحمّـلوها أخطاء وذنوب كثيرة. منها :الخروج بلا محرم .ومقاومة الرجال . والتشبه بالرجال والإسترجال. وحمل السلاح الناري والأبيض. وتقييد الرجلين ..! ومع لهيب الصراع انقسموا إلى معسكرين موافق ورافض لما قامت به المرأة. في تلك الحالة الخاصة . كونها حادثة استثنائية وضرورة مُلـِّحة . لكنهم انقسموا بعد ذلك إلى قسمين مع المرأة وضدها في أحوالها العامة . القسم المؤيد افتخر بما عملت ودعا إلى إثبات أهليّة وقدرت المرأة على تحمل الصعاب وبصم لها بالعشرة. مؤكداً إنها تساوي الرجل في الحقوق والواجبات بل قد تتفوق عليه رغم النصوص المختلف عليها . والقسم الثاني شحث معلوماته من ذكريات الكتاتيب بنصوص مضادة ليسلب بها حقوق المرأة في ذلك الموقف العصيب. تارة بالنص وتارة بالعرف والتقاليد. وتارة بالعسف . وزاد الاختلاف حتى أتسع إلى أبعد من الهُوة السحيقة في كيفية لطمة ولثام المرأة هل هو ساتر لكل جسد وكيان المرأة ؟ أم إنه كان على الجسد دون الوجه واليدين ؟ وهل يحق لها لبس ملابس الرجال في الأزمات الطارئة ؟! أحدهم قرأ لهم بفهم من (جامع الأصول ) حديث الرسول صلى الله عليه وسلم . مع أم حرام بنت ملحان . رضي الله عنها. فيما يخص اشتراك المرأة في الغزو مع الرجال في البر والبحر . وذكر للفريق المتعرض على خروج المرأة وتصديها للصوص ولطمتها التي أثارت استياءهم. ذكر أنّ هناك أحاديث كثيرة لم تسعفه ذاكرته في حينها لذكرها . فذكر لهم تغير الحال والواقع وأن المرأة قد تبوأت أعلى المناصب السياسية والإدارية وهي الآن تـُخضع رؤوسا دول لإملاءاتها وشروطها مثل ( كلنتون و كاثرين أشتون ) ثم اختلفوا كثيراً حول مواضيع هامشية وأخرى أساسية . ومنها الصبغة الشرعية لتغطية الوجه والكفين . فالمتشدد منهم وصف المرأة التي حمت الديار بالنار والأفكار أنها عورة إلا وجهها في الصلاة . ليس لها إلا القبو أو القبر . عملها ودورها الحياة الحرث والنسل ـ كالأرض المحروثة ليس لها دور أبداً غير إخراج بقلها وثومها وعدسها إذا أصابها وابل ـ وطهي الطعام والتكسير الحطب. وغسل الأطفال فيما دون السابعة .. وهو ما كان سبباً في تعالي الأصوات واتسعت رقعة الاختلاف . حتى وصلوا بمشكلتهم العويصة ذروة جبل في تلك القرية . كان مكاناً لعقد الاجتماعات الطارئة في زمن السلم والحرب . لكن (عاقلهم ) أعني الأكبر عقلا وحكمة ًوسناً . تدخـّل بحل منطقي ؛ بأن وضع اختباراً للمرأة المتهمة . ومقابلة شخصية لها جنباً إلى جنب مع رجل آخر . حتى يتبين من في عقله تشويش. ويُثبت للمعسكر الهاضم لحقوق المرأة مدى جهلهم بحق المرأة في الحياة . بدأت المقابلة مع المرأة . طائفة من الفريقين نساء ورجال وأطفال شهدوا تلك المناظرة بين آدم وحواء . حين سألها عاقل القرية الأليفة قال : أين عقلكِ يا امرأة ؟ قالت بكل ثقة : عقلي في الصواب والحكمة . بما أصُلح لا بما أفـُصح . ثم سأل عاقل القرية الرجل : أين عقلك يا رجل ؟ فقال بكل عنجهية : عقلي في رأسي ومشورتي من رأسي !! ثم اختلفوا على إطلاق حقوق المرأة بما إنها شقيقة للرجل في المنزل . وفي الميراث والعلم والعمل والمسؤولية . ثم سمعوا من الفريق المؤيد أن القوامة تكليف للرجل وليست حطـّاً من قـَدْر المرأة . لكن الفريق المعترض على حقوق المرأة رفضوا البتة . مؤكدين بكل شراسة أن المرأة ليس لها دور سوى التفريخ والتفقيس ! لا يجب أن ترى الشمس إلا من النوافذ المضللة . ولا تستنشق الهواء إلا عن طريق أسطوانة الأكسجين.. ولا يجب أن تقرأ إلا القرآن الكريم والحديث !! وأستمر الجدال بين الفريقين الذي هو ليس جدلا فقهياً بقدر ما هو نزاع نفسي قــَبَلي اجتماعي سياسي عرفي زمكاني … وتبقى المرأة آدمية من جسد وروح وقلب ومشاعر وعلم وعمل.. والرجل كذلك. فلماذا هذا الهضم بأضراس الظلم والعنصرية الممقوتة والمزايدات “العنصجنسي ” أحد الرجال من المعسكر المتشدد الرافض لوجود المرأة أصلاً رغم أنها أتت به . قال بجهل وتأول ( ليت آدم وحواء رقدا تلك الليلة !) .. ولا يزالون مختلفين !

* asa1430m@windowslive.com

>

شاهد أيضاً

حالة الطقس المتوقعة اليوم الثلاثاء

صحيفة عسير _ واس توقع المركز الوطني للأرصاد في تقريره عن حالة الطقس لهذا اليوم …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com