عيسى مشعوف
وراء كل هاشتاق معاناة تقصير مسؤول منطقة وتناسي شيخ قبـَلي أو إهمال وزير يقفون في منأى عن كل ما يصيب أخوهم المواطن من نصب ووصب ! في الغالب أي مطالبات تحمل معاناة تقع على أفراد أو جماعات وربما شعب تدعو لتعاطف الجماهير معه وكل من سمع بهَ ومن شاهدَ ومن قرأ.
هذه المرة هاشتاق # معاناة_أهالي_حسوة .. لمن لا يعرفه فهو وادي أخضر جميل ذو طبيعة جبلية وعرة لكن “الحلو ما يكملش” على قول المثل ، وضعوا أبناؤها وسماً في تويتر بعد اليأس من رحمة المسؤولين لحثهم على التكرم بنزولهم من عالي الأبراج والمرتفعات إلى حيث يولد الطفل في المنزلة وليس في المستشفى من سوء الطريق واندثاره بسبب سيول العرم ! في حسوة يموت المريض ولا أحد يغمض عينيه وتتغيب الفتاة عن مدرستها بسبب بُعد المسافات وانقطاع الحيل وعدم جود صيدلية لداء السكر والضغط وغياب وسيلة النقل التي تقلها لمدرستها، والوحدة القاتلة كابوس اليقظة، في حسوة كل السلبيات موجودة، وكل الحيل متاحة حتى أنهم يقومون بترقيع الطريق بأيديهم وأيدي المؤمنين بعدالة قضيتهم والتي تكون فوق طاقتهم ، طبيعة ساحرة لم تستغل جيداً فكأنها بلا فائدة مثل ” الشاطرة الجخرة”
مأساة أهالي حسوة مختلفة كونها تقع ضمن نطاق منطقة نعمت بالطرق المسفلتة والكهرباء والماء والاتصال والصيدليات والأسواق وكوفي شوب..
لكنها أضحت : كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ .. والماء فوق ظهورها محمول!
في القرن الواحد والعشرين تزيد الحسرات في مآقي الإنسان المحروم من التطور والنشوء والمدنية والإسفلت ، في رجال ألمع قرى وبراري تئن مواجع شتى وإنسانها معزول من مقومات العيش الرغد ومنها الطرق المسفلتة خاصة البعيدة عن مجرى السيول مع هطول الأمطار بغزارة مثل ما حصل قبل أيام ولا يزال يهطل المطر ولا راد لحكم الله ، وادي حسوة في رجال ألمع الذي يبلغ طولة ثمانين كيلو عنواناً للعزلة والمواجع من زمان لم يلتفت لهم أحد، ولن يكلف الدولة الكثير من المال في ظل التباطىء الشديد في (النفق الحلم أربعة كيلو ) النفق العبثي الذي بدأ العمل في الطريق المؤدي إليه قبل ثمان سنوات ولا يوجد أمل في حفر الجبل حتى الآن، هذا النفق كالعين المُبصرة لأهالي حسوة وما حولها كونه يريط حسوة وقيس وبني جونه برجال ألمع ، أهالي حسوة مقطوعين من شجرة التطور والمشاريع والكباري والعَبّارات ، لا طلاب وطالبات يذهبون لمدارسهم ولا معلمين ولا معلمات يستطيعون مواصلة المسيرة التربوية ولا سكان يذهبون لشؤونهم الحياتية ولا مرضى يستطيعون ضربا في الأرض الوعرة، عدد سكان وادي حسوة بالآلاف منهم من هاجر إلى الشمال والغرب والشرق في كل المواسم ومنهم من ينتظر بسبب انعدام الخدمات، أبسط مقومات الحياة محرومين منها إذا هطلت الأمطار وسالت الأودية بقَدَر ، سكان وادي حسوة يريدون أن ينشدون أغنية المطر للسياب بلا خوف:
كنشوة الطفل إِذا خاف من القمر !
كأن أقواس السحاب تشرب الغيومْ
وقطرةً فقطرةً تذوب في المطر …
وكركر الأطفالُ في عرائش الكروم ،
ودغدغت صمت العصافير على الشجر
أنشودةُ المطر ..
يريدون حلولا جذرية وليست مؤقتة ، يريدون الحياة ومن حقهم العيش بسلام في ظل الوطن ، أهالي حسوة يحبون المطر والسيل والطرق والخدمات والبقاء في منازلهم منبع طفولتهم حتى لا تزيد الهجرة وتكثر المواجع..
أخيراً : شكراً جابرييل ماركيز على العنوان .
>