الله … تفردًا ، وتأدبًا

IMG_٢٠١٦٠٦١٦_٠٥٥٤٥٠

مع الله في سُبحات الفكر
مع الله في لمحات البصر
ما أجمل الكلام ، وما أحلى الحديث حين يكون عن ( الله ) عز وجل !
( الله ) الذي طالما تكلم العلماء عنه ، فأطنبوا فكان للحديث حلاوة ، وأفاضوا فجاء الكلام باهرًا بديعًا جميلًا .
وما هذه السطور إلا كشف لبعض خصائص هذا الاسم العظيم ، وبيان لبعض الآداب معه ، وتقرب إلى ( الله ) المنعم المتفضل وحده .
فلفظ الجلالة ( الله ) هو الأصل في أسماء الله الحسنى ، فالرحمن الرحيم الملك من أسماء ( الله ) الحسنى .
واسم ( الله ) هو أكثر ما يدعى به سبحانه ، وبه اقترنت عامة الأذكار المشروعة في التسبيح ، والتحميد ، والتكبير ، وبه تُفتتح الصلاة ، ويُرفع النداء للصلاة .
وقد ورد ذِكر لفظ الجلالة ( الله ) في القرآن الكريم ( 1762 ) مرة موزعة على أكثر سوره ، كما جاء في ( المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ) ، وافتتح ( الله ) جل وعلا به ( 33 ) آية .
وقد ذُكِر في أول آية من القرآن الكريم ، وهي ” بسم الله الرحمن الرحيم ” على قول بعض العلماء ، أو قوله – تعالى – : ” الحمد لله ربِّ العالمين ” على قول الآخَرين ، كأول اسم مذكور في كتابه تعالى .
وحروف اسم ( الله ) كلها مهملة ليس فيها نقط ، ولثوية ، فيستطيع الإنسان أن يذكر ( الله ) دون أن يحرك شفتيه ، وهو اسم لا يُثنى ، ولا يجمع .
وعند اللغويين أن الاسم المبدوء بـ ( ال ) لا ينادى بياء النداء مباشرة ، فيقال : يا المسلم ! إلا في لفظ الجلالة ( الله ) فإن النداء فيه يختلف عن نداء غيره ؛ ولهذا قُطعت همزته في النداء ، فيقال : يا ألله ، وقد ذكر الجوهري سببًا لذلك ، وهو أنه يُنوى بالوقوف على حرف النداء تفخيمًا للاسم الأعظم .
وأما الآداب ، فإليكم بعضها :
– حين تكون في حديث مع ( الله ) ، ومناجاة ، وذكر ، فاستشعر عظمته ، وتذكر مدى ضعفك ، وحاجتك إليه ، فلا تذكره وأنت مشغول الفكر ، ولا تناجه وأنت في هيأة لا تدل على أدبٍ معه .. أظهر له ضعفك ، وحاجتك ، وخنوعك له بنيتك الصادقة ، وهيأتك الخاضعة .
– إذا كتبت اسم ( الله ) فلا تجعله متساويًا مع كلمات السطر ، بل ارفعه قليلًا ، وتذكر موقف نبي الله عليه الصلاة والسلام حين التمس خاتمًا ، أين وضع اسم ( الله ) سبحانه ؟
– إذا وجدتَّ اسم ( الله ) مكتوبًا في ورقة ، فلا تتركه ملقًى على الأرض ، بل ارفعه ، وأكرمه ، وعطره ، وبالغ في إكرامه ، وحفظه في صندوق نظيف ، أو زجاجة جميلة ، فلو كانت هدية ثمينة ، أو ذكرى غالية ؛ لبالغتَ في صونها ، والمحافظة عليها .
ذكر القرطبي في تفسيره أن رجلًا نظر إلى قرطاس فيه ” بسم الله الرحمن الرحيم ” ، فقَبَّله ، ووضعه على عينيه ، فغفر له .
– لا تمزق اسم ( الله ) ، وإن كان هناك من أفتى بجوازه ؛ لحفظه من الامتهان ، لكنني لا أجرؤ على ذلك ، ولقد مزق كسرى رسالة رسول الله ﷺ المبدوءة بالبسملة ، فدعا عليه النبي ﷺ بأن يمزق الله ملكه .
، وفي الصحيفة الجائرة التي كتبتها قريش ، وحاصرت بها نبي الله ﷺ ، وأصحابه في الشعب ، وبعد أن شعر بعض عقلاء قريش بقسوة الصحيفة ، وهَمُّوا بتمزيقها ، وقام إليها المطعم بن عدي ؛ ليشقها ، وجد أن الأرضة قد أكلتها إلا ( باسمك اللهم ) ، وما كان فيها من اسم ( الله ) ، فإنها لم تأكله ؛ لأنها لم تتجرأ على الاقتراب منه ! أفلا تتفكر أيها الإنسان ؟
– خصص لصلاتك في المنزل ثوبًا نظيفًا ، ولا تصلِّ بملابس البيت المبتذلة ، فالله يفرح بإقبال عبده عليه ، فأظهر له من أمرك كل فعل حسن .
– حين تكون في بيت من بيوت ( الله ) ، فاجعل لتواجدك في هذا البيت خصوصية ، عظِّم ( الله ) ، وتجرد من الدنيا وملذاتها ، وأشعِرْ نفسك بضيافتها على ( الله ) ، ومدى افتقارها إليه .
هذه بعض خصائص لفظ الجلالة ( الله ) ، وبعض الآداب معه .. لم نأتِ عليها كلها ؛ لأننا لن نحيط بها مهما اجتهدنا ، وبحثنا ، وكتبنا ؛ وكما قال ابن القيم -رحمه الله- في بيان قصور البشر عن الإحاطة بما يخص لفظ الجلالة ( الله ) عز وجل : ” فقد قال أعلم الخلق عليه الصلاة والسلام [ لا أحصي ثناءً عليك ، أنتَ كما أثنيتَ على نفسك ] ” .

ماجد محمد الوبيران

>

شاهد أيضاً

كم كنت عظيماً يا ابي

بقلم : د. علي بن سعيد آل غائب بمناسبة الذكرى الخامسة على رحيل والدي رحمه …

17 تعليقات

  1. ياسر بن مشهور

    مع الله في سبحات الفكر ….. مع الله في لمحات البصر

    مع الله في مطمئن الكرى ….. مع الله عند امتداد السهر

    مع الله والقلب في نشوة ….. مع الله والنفس تشكو الضجر

    مع الله في أمسنا المنقضي ….. مع الله في غدنا المنتظر

    مع الله في عنفوان الصبا ….. مع الله في الضعف عند الكبر

    مع الله في الجد من أمرنا ….. مع الله في جلسات السمر

    مع الله في حب أهل التقى …… مع الله في كره من قد فجر

    جزاك الله خير الجزاء أبا محمد … مقالة تسمو بالروح وتقربنا من خالقنا سبحانه

  2. محمد آل مفلح

    سبحانك الله ما أعظمك ..
    جزاك الله خير أبا محمد

  3. إذا كتبت اسم الله فلا تجعله متساوياََ مع السطر… لا فض فوك
    عندما بدأ سيبويه بتأليف كتابه في النحو فلما وصل عند باب المعرفه فقال الله هو اعرف المعارف وتلى قوله تعالى ( هل تعلم له سميا ) وقيل ان احد الصوفيه اتى اليه وقال من هو اعرف المعارف ولم يكن احد يعرف في ذلك الزمان فهي جديدة على علم النحو ولم يكتبها احد من قبل فقال سيبويه هو لفظ الجلاله (( الله )) فما هو جزاء سيبويه بقوله ذلك
    قال لقد رأيت في المنام اني اتقلب في انهار الجنه وقيل انه قال رأى ان الله تعالى غفر له ذنبه وادخله الجنه بكلمة واحد وهي ( اعرف المعارف الله ).
    جزيت خيراََ

  4. أحمد آل عبدالمتعالي

    أرق القلوب قلب يخشى الله ، وأعذب الكلام ذكر الله ، وأطهر حب الحب في الله .

    مقال رائع جدا جدا .مع شكري وتقديري لأخي العزيزوالصديق الصادق الصدوق والمربي الفاضل :الأستاذ ماجد.

    وكل عام والجميع بخير وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال والأقوال.

  5. الله أجمل لفظ في الوجود ، تحلو به الأوقات ، وتأنس به النفوس …
    ويجوز عند حذف حرف النداء (يا) أن تعوّض بميم مشددة فنقول اللهم .
    مقال جميل أخي ماجد ، بوركت دومًا .

  6. حسن الجابري

    لافض فوك دائمآ مبدع أبا محمد….مقال أكثر من رائع….

  7. عبدالله ال جراد

    مقال رائع
    سبحان الله والحمد لله والله اكبر

  8. المهندس/علي فرحان ابو ثامر

    بسم الله الرحمن الرحيم
    موضوع غايه في الجمال ومناسب لروحانية هذا الشهر الفضيل …. نعم يجب ان نقف مع ابداع هذا المقال الذي تفرد بوضع النقاط على الحروف للتنبيه فيما يقع فيه البعض منا لجهل اوغير قصد من تمزيق بعض الاوراق التي يوجد فيها لفض الجلاله والافضل كما اورد كاتبنا بان يخصص لها افضل واجمل الامكان والاحتفاظ بها دون الغلو او الابتداع حفظ الله ابا محمد على هذه التنبيهات القيمه وحفظكم الله
    وكل عام وانتم بخير….

  9. فهد القحطاني

    بارك الله فيك وكلام جميل ومفيد

  10. الله يفتح عليك ..

  11. عبدالله آل نملان

    جزاك الله كل خير
    موضوع جميل جدا
    و مناسب لروحانية الشهر الفضيل
    كل عام وانت بخير أستاذ ماجد

  12. سامي الغامدي

    بارك الله فيك

    مقال رائع كروعة الاختيار

    الله لفظ الجلاله لفظ عظيم يدل على عظمته

    حتى وان فصل لفظ الجلاله

    اللهُ’

    وإذا ما حذفنا الحرف الأول يصبح اسمه

    ‘ لله ‘

    كما تقول الآية

    (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها)

    وإذا ما حذفنا الألف واللام الأولى بقيت

    ‘ له’

    ولا يزال مدلولها الإلهي كما يقول سبحانه وتعالى

    ( له ما في السموات والأرض)

    وإن حذفت الألف واللام الأولى والثانية بقيت الهاء بالضمة

    ‘ هـُ ‘

    ورغم ذلك تبقى الإشارة إليه سبحانه وتعالى كما قال في كتابه

    (هو الذي لا اله إلا هو)

    وإذا ما حذفت اللام الأولى بقيت

    ‘ إله ‘

    كما قال تعالي في الآية

    ( اللهُ لا إله إلا هو)

  13. مقال ممتاز اثراه الكاتب بالنصح وطرق استشعار عظمة لفظ الجلالة، جزاه الله خير الجزاء اذ تزامن مقاله مع مناسبة رمضان المبارك

  14. عبدالعزيز القحطاني

    أسعد الله اوقاتكم بكل خير
    جزاك الله خير احسن مايكتب فيه هو الله سبحانه

  15. أبومحمد الأسمري

    إن الإنسان إن تحدث عن مخلوق لربما لم يوفه حقه، وربما زاد عن حقه؛ لكنه عندما يتحدث عن خالقه جل وعلا فإنه مهما تحدث ووصف، وأثنى ومجّد ومدح، فإنه في الأخير لَيقول: سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك.وإن المتأمل في عظم ملكه وقدرته، وأسمائه وصفاته؛ ليزداد بذلك إيماناً يرتفع به إلى مستوى عالٍ من الطاعة والانقياد والاستسلام لمولاه جل وعلا.
    بارك الله فيك أبامحمد وفي علمك ،،،،،،،،،،

  16. عبدالمجيد معوض

    لا اله الا الله‏ اللهم لا يبلغ مدحك قول قائل ولا يجزي بآلائك أحد ، وجهك أكرم الوجوه ، واسمك أعظم الأسماء، وعطيتك أعظم العطايا…
    مقال رائع وجميل يعجز عنه الوصف الله يعطيك العافية تقبل مروري

  17. عبدالله فهد

    سبحانه جل في علاه ..
    وفي كل شيء له آية:: تدل على أنه واحد
    أسأل الله يكتب لك أجر هذا المقال القيم ،ماأحوجنا إلى التأدب مع الله في حركاتنا وسكناتنا ، وغرس هذه القيمة في نفوس أبنائنا ،كم أتمنى أن تتبنى وزارة التعليم من خلال برامج النشاط الطلابي “تعظيم الله “

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com