صحيفة عسير : فايع عسيري
” 2 ”
الأمير محمد بن عامر أبو نُقطة المتحمي الرفيدي
أمير بلدان عسير كافةً من سنة 1215 إلى
سنة 1217 هـ الموافق 1800 – 1802 م
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير محمد بن عامر أبو نقطة –
6- ——————————————————————–
بلا شك أن من يستعرض تاريخ عسير سيرى الكثير من التحولات السياسية قبل وبعد
إمارة المتاحمة ( 1 ) وكذلك إبان إمارة المتاحمة , ولكنّهُ سيتم التركيز في هذا البحث
على منطقة عسير وأُمراءها وبعض مشايخها في عهد الدولة السعودية الأولى أكثر,
وقد سبق وأن تكلّمنا عن بلاد عسير, ولا زلنا نرى أنها قد احتلّت المكانة الأولى
وحازت على الركيزة الأساسية في قبول مبادئ الدعوة السلفية منذُ بداياتها , ومن
ثَمَّ أزداد أهالي عسير إبان ذلك القبول وبعده من مزايا الكرامةِ والشرفِ والسوددِ ,
وبقاء تلك السمات مع استمرار نشر تلك الدعوة الإصلاحية في كُلِّ بلدانِ عسير وفي
أطراف المخلاف السليماني , إذ تفيد مُعظم المصادر والمراجع أن الأمير محمد بن عامر
أبو نقطة قد ارتحل إلى الدرعية سنة 1213هـ 1798م , وحكم بلاد عسير من سنة
1215 إلى سنة 1217هـ ( 2 ) وتشيرُ بعض المصادر الأُخرى إلى أن رحلة محمد بن
عامر إلى الدرعية كانت عام 1177هـ أي قبل عام 1213هـ بحوالي 36 عام , وقبل عام
1215هـ بحوالي 38 سنة , ولكن لم يكن لهُ إمارة في عسير قبل تاريخ 1215هـ كذلك
تُؤكد بعض المراجع أنهُ كان يُرافقُ الأمير محمد بن عامر أخاهُ عبد الوهاب بن عامر
ومعهما عدداً من رِجالهما من مختلف بلدان عسير( 3 ) ومن ألمع خاصةً صُحبة بعض
عُلماء آل الحفظي للوفد إلى الدرعية , وأيضاً تُفيد المصادر أن محمد بن عامر ورِفاقهِ
قد أقاموا بِالدرعية عاماً كاملاً يُداومون فيهِ على حضورِ مجالسِ العلمِ والمعرفة وينهلون
من مقاصد الدعوة الإصلاحية ويتعرّفون عليها عن كثب وعلى مدى مطابقتها لِشَرع
الله القويم ولسنة رسولهِ صلى الله عليه وسلّم , وقد تشبّعَ المتحمي وَرِفاقهِ بالإحياء
الروحاني والمدد الربّاني ( 4 ) للدعوة من لدن الشيخ ,,
—————————————————————— ( 1 ) من المعروف أن الأمير محمد بن أحمد اليزيدي قد قادَ بلاد عسير مما يُقاربُ عام 1170 إلى سنة 1215هـ ولكن البحث لم يتطرّق لزمنه مثل من أتى بعده لكونه كان حاكما لبلاد عسير قبل انضواءها تحت لواء الدولة السعودية الأولى وقبل وصول الدعوة السلفية إليها , انظر صفحة 39 دور آل المتحمي في مد نفوذ الدولة السعودية إلى عسير , ( 2 )
دراسات من تاريخ عسير الحديث للدكتور محمد بن عبد الله آل زلفة صفحة 10 , وللمزيد انظر صفحة 5 من كتاب ارتباط عسير بالدعوة الإصلاحية للدكتور عبد المنعم بن إبراهيم الجميعي , وللمزيد راجع كتاب الأمراء اليزيدون من صفحة 99 إلى صفحة 230 , حتى أن بعض الحكام والقادة كانوا يتحدّثون عن عمق العلاقة والقواسم المشتركة بين أهالي عسير وبين الدولة السعودية .. ( 3 )
دور آل المتحمي السابق من صفحة 110 إلى صفحة 113, مصادر سابقة , ( 4 )
كل الأجساد التي تسري فيها الروح تتأثر وتؤثر بعضها على بعض , ويكفي أن المدد الرباني قد ورد في القرآن الكريم .. ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير محمد بن عامر أبو نقطة – 7-
المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله جميعاً وجزاهم عنّا خير الجزاء , وبذلك
نالت منطقة عسير مكانتها التاريخية ومن ثَمَّ تبوأت منزلتها المتميزة بين البلدان
ولَزِمتْ قاعدتها المثلى وارتدت حُلَلِها حتى أضحى إقليم عسير يُعدّ عَضُداً هاماً
وقاعدةً صلبة لنفوذ لدولة السعودية الأولى , ولنشر الدعوة السلفية على حدٍ سواء
كما قد كانت بلاد عسير تُصَرِّفُ شؤونها السياسية والاقتصادية والفكرية محلّياً أكثر
من سواها من المقاطعات وكان ذلك التصريف بأيدي حُكّامها ومشايخها وأعيانها قبل
ارتباطها بالدرعية وقبل تطبيق مبادئ الدعوة السلفية ( 1 ) التي انتشرت بين جبال
السراة وسفوحها وما جاورها من تهامة , خاصةً المخلاف السليماني الذي وصلته
الدعوة الإصلاحيّة عن طريق بعض الدعاة مثل الشريف أحمد بن حسين الفلقي الذي
ربما أنه خاض بعض الحروب ( 2 ) مع بعض أُمراء المخلاف , وكانت بلاد عسير
وقبائلها مضرباً للأمثال البطولية على المستويين الإقليمي والدولي ولعل من بين تلك الأمثال قول محمد علي باشا :
” لا عسير بعد الاستيلاء على عسير” وقد كان عهد الأمير محمد بن عامر أبو نقطة
عهداً مُشرقاً في تاريخ بلاد عسير عامةً حيث انتشرت الدعوة إلى كل المراكز
التابعة لمقاطعة عسير وعاصمتها الإدارية حينذاك بلدة طبب ( 3 )
التي اتخذها الأمير
محمد بن عامر مقراً لإمارته , وقد استجاب لقبول الدعوة عدداً كبيراً من القبائل
والأمراء والمشايخ في بلاد عسير مثل بلاد شهران كانت تحت مشيخة مشيط بن
سالم وبلاد قحطان بزعامة كلاً من غشام بن عامر الرفيدي ومحمد بن حرملة
المعمري وهادي بن غانم بن قرملة الجحدري في ضواحي نجد , وهناك مشايخ وقادة
في قبائل قحطان قد نورد منهم في هذا البحث ما نستطيعه , وقد انتشرت الدعوة ,,
( 1 ) كتاب دور آل المتحمي من صفحة 39 إلى صفحة 123 ومن صفحة 125 إلى 161, وللمزيد راجع كتاب الأمراء اليزيديون من ص 65 إلى ص 444 ,
( 2 ) ج3 تاريخ عسير في الماضي والحاضر صفحة 131 الطبعة القديمة – 135 طبعة المئوية , لهاشم بن سعيد النعمي , وللمزيد طالع كتاب المخلاف السليماني عامةً ,
( 3 ) دور آل المتحمي ص 145 – 146, وللمزيد أنظر كتاب الأمراء اليزيديون أعلاه , مصادر سابقة ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير محمد بن عامر أبو نقطة – 8-
إلى بلاد رجال ألمع في تهامة بقيادة الشيخ عبد الوهاب بن عبد المتعالي القيسي ,
وإلى بلاد رجال الحجر بقيادة الأمير محمد بن دهمان الشهري , وفي بلاد بارق
بزعامة الشيخ أحمد بن زاهر البارقي , وفي قضى محايل وتوابعه تحت إمارة
معدي بن شار آل مخالد , وبجانبه الشيخ منصور ( 1 ) في بلدة الريش , كذلك الأمر
في درب بني شعبة بقيادة الشيخ عرار بن شار بن شلّة الذي قد تقبّل الدعوة
السلفية مُبَكِّراً , كما تفيد المراجع أنه قد توجه إلى بيشة فيما يُقارب سنة 1213هـ
ليعلن قبوله للدعوة الإصلاحية وانضمامه تحت لواء الدولة السعودية الأولى ( 2 )
وبعد ذلك كان إلى جانب داعية بلدة صبيا الشيخ أحمد بن حسين الفلقي في
مضمار نشر الدعوة وفي الحروب التي كانت بين الفلقي وبين حمود أبو مسمار
في المخلاف السليماني , وكذلك كان عرار إلى جانب القائد حزام بن عامر العجماني
عند قدومه إلى تهامة ( 3 ) للوقوف مع الفلقي ومساندته على نشر مبادئ الدعوة
السلفية إلى المخلاف السليماني , فحدود عسير تمتد شمالاً إلى غامد وزهران وغرباً
إلى حدود القنفذة وحلي بن يعقوب – وجنوباً إلى بلاد المخلاف السليماني وإلى
ظهران الجنوب – وتمتد شرقاً إلى حدود وادي الدواسر , وكان ذلك من قبل إمارة
المتاحمة ومن بعدها ( 4 ) فكانوا آل شكبان في بيشة يتبعون إمارة المتاحمة
كذلك الأمر في بلاد شمران والفزع بقيادة شعلان بن صالح وفي بلاد عليان بقيادة
محمد بن حابش بن حبشان وهو شيخ قبائل عليان حينذاك ,, —————————————————————————-
( 1 ) ورد اسم شيخ الريش ” منصور ” دون زيادة أو نقص في كتاب دور آل المتحمي راجع الصفاحت 44 – 45 – 130- 144, فلم نعرف عنه أكثر من مسمى منصور , ( 2 ) المصدر السابق تابع الصفحات 39 – 40 – 41 – 45 – 46 – ومن صفحة 118 إلى صفحة 123, ثم صفحة 143, وللمزيد راجع مادة كتاب المخلاف السليماني , ( 3 ) راجع المصدر السابق صفحة 119 خاصة , وللمزيد راجع نفح العود في سيرة دولة الشريف حمود صفحة 155, ومُعظم ما جاء في كتاب المخلاف السليماني ,
( 4 ) أغلب التحديدات الجغرافية والإقليمية تجعل عسير كما هي في الجنوب الغربي للمملكة العربية السعودية , أو في الجنوب الغربي للجزيرة العربية وهكذا جغرافياً .. وإقليمياً يُعَبّر عنها أنها تقع بين الحجاز واليمن أو بين مكة واليمن وتمتد حدودها الإقليمية ناحية الشمال الغربي إلى بلاد الليث وتارة إلى بلاد غامد وزهران – وجنوباً يقال إنها تمتد إلى المخلاف السليماني , خصوصاً بلدتي صبيا وبيش كما سبق من وصفهما حين تبعيتهما لبعض أُمراء عسير ومنهم محمد بن أحمد اليزيدي من أُمراء آل يزيد وطامي بن شعيب المتحمي في حين جعل عليهما أبن عمه محمد بن أحمد المتحمي الملقب ” الجزار ” – وأحياناً تُختصر بلاد عسير عند بعض الباحثين من حدود درب بني شعبة جنوباً ولكن الواقع الحقيقي يفيد بالمد والجزر لتلك الحدود … ولكنها نمند حدود عسير غرباً إذ نرى شبه إجماع على اتصال عسير إدارياً وإقليمياً بالبحر الأحمر كما هو الحال في بلدان الحريضة والقحمة والبرك وسعيدة الصوالحة وعمق وما جاور تلك البلدان , كذلك الأمر في جهة الجنوب الشرقي الذي ينتهي بنهاية حدود منطقة نجران مع بلاد وادعة في ظهران الجنوب ونهاية الأمواه والعين جنوب شرق – ومن الشرق نهاية حدود تثليث شرقاً وكذلك نهاية حدود بيشة شمال شرقاً , طالع مادة كتاب هاشم النعمي من أول ألكتاب إلى صفحة 132 , – وكذلك كتاب دور آل المتحمي من أول الكتاب إلى نهاية صفحة 332 , أيضاً طالع معظم مادة كتاب السجل العلمي للقاء الجمعية التاريخية السعودية الثاني عشر المنعقد في عسير من 17 – 19 / 5 / 1430 هـ ” تاريخ عسير وحضارتها عبر العصور , وانظر عسير والتاريخ وانحراف المسار لمنصور بن أحمد منصور , مصادر سابقة ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير محمد بن عامر أبو نقطة – 9-
كما جاء في عنوان المجد وفي كتاب دور آل المتحمي ( 1 ) وفي بلاد غامد وزهران
بقيادة بخروش بن علاّس , وبعض مشايخ غامد من قضاة أسرة آل هبّاد وغيرهم
وكذلك الأمر في بلدان رنية سبيع بقيادة مصلط بن قطنان السبيعي , وإلى حدود تُربة
البقوم الذين قد تكون قيادتهم آنذاك في هندي بن محيي السناني الموركي – أو في
شقيقه حمد بن محيي ( 2 ) هكذا كانت توابع عسير في مُعظم المصادر التاريخية
والحوادث الجارية خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجريين , كما قد
تواترت الأخبار عن تلك التّبعيّة في الكثير من المراجع ( 3 ) إلاّ إنني لا ادّعي تبعيّة
كل تلك الأماكن لمقاطعة عسير في أثناء إمارة محمد بن عامر أبو نقطة ولكن أغلبها
كانت تتبع إقليم عسير ( 4 ) قبل وبعد إمارة محمد بن عامر أبو نقطة , ولكون أبو نقطة
قد بعث في تلك الأرجاء من معالم الدعوة السلفية , والتجديد والتمسك بمبادئ الدين
والرشاد وقد جاهد في الله حق الجهاد وحارب أهل الزيغ والفساد وقاوم سرائب
العناد وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر, كما جاء عن العلامة محمد بن أحمد الحفظي
وهو أحد معاصري أبو نقطة , ويشير الحفظي إلى أن الأمير محمد بن عامر كان
يلقي مُعظم الدروس في العقيدة ويتولى بعض الخطب بنفسه , فزادت تلك الأعمال
الجليلة من توطيد إمارة آل أبي نقطة في طبب وامتدت ظلالها على ربوع عسير
وأُسندت إلى تلك الإمارة حماية الدعوة فلم يتردد الأمير محمد بن عامر عن حمل
راية الجهاد ودعم الدعوة الإصلاحية فحلّت قواعد الشريعة السمحة في الأوطان ,,
( 1 ) في كتاب عنوان المجد في تاريخ نجد ص 341 , لم يزيد عن مسمى بن حابش – , وفي كتاب دور آل المتحمي ذكر معظم المشايخ والقبائل ومنهم عليان ص 358, ( 2 ) راجع مادة كتاب غالية البقمية وركّز على صفحتي 38 – 39 , ومادة كتاب أجزاع تربة وديار البقوم للمؤلف / محمد بن ماجد بن غنّام البقمي ,
( 3 ) راجع مادة كتاب الرحلة اليمانية لشرف بن عبد المحسن البركاتي , كذلك مادة كتاب تاريخ عسير في الماضي والحاضر لهاشهم بن سعيد النعمي , وللمزيد طالع كتاب دور آل المتحمي الصفحات من 19 – 27 ومن 99 – 136 ومن 137- 145 , للدكتور أحمد آل فائع , وكتاب الأُمراء اليزيديون من صفحة 11 – 42 لعلي عوض آل قطب , ( 4 ) طالع كتاب سهيل صابان الطبعة الثانية الصفحة 353 , وللمزيد راجع الصفحات من 11 إلى 20 – كتاب أهل تهامة المخلاف السليماني وحلي بن يعقوب في القرون الإسلامية الوسطية من سنة 400 – 1200 هـ / 1009 – 1785 م للأستاذ الدكتور عبد الله بن محمد حسين أبو داهش ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير محمد بن عامر أبو نقطة – 10-
من جديد وتغلّبتْ أمور الرشد على الكثير من أمور النزاعات والأحقاد والضغائن
وَحَمِدَ القوم العاقبة ونَعِمت بلاد عسير بالانضواء تحت لواء الدولة السعودية الأولى
والدخول تحت ظلال الدعوة الإصلاحيّة وكان للأمير محمد بن عامر الكثير من الأعمال
الجليلة , فلم يكن من الذّين يطالبون بالإمارة وقد ترددَ في قبولها حين عُرِضت
عليه ( 1 ) وكان من همومه دعوة الناس من حوله بالتي هي أحسن فكان لتلك
السّمة عمقها الكبير وواقعها البالغ في نفوس المجتمع وأثرها التاريخي , رغم
أن إمارة محمد بن عامر لم تَدُم طويلاً إلاّ أن تأسيس تلك الإمارة قد أرسى العديد
من القواعد والوشائج الراسخة بين نجد وعسير, وذلك مما جعل من عسير وأُمرائها
وقبائلها منطلقاً دعوياً في مُعظم الأوقات , أو جهادياً في أوقاتٍ أخرى حين تتطلّبه
المصالح العُليا لمبادئ الدعوة وبسط نفوذ الدولة القائمة على حماية دعوة السلف
الصالح , وقد تبلورَ ذلك المنطلق من بلاد عسير أكثر من غيرها إلى مقاطعات الحجاز
- وإلى مقاطعات المخلاف السليماني – وإلى مقاطعات نجران وإلى غير تلك
المقاطعات وذلك بجهود أُمراء بلاد عسير وقادتها ودور مشايخها وقبائلها في
نشر الدعوة ( 2 ) وتوطيد حكم الدولة السعودية الأولى إلى أرجاء الجزيرة
وانطلاق بعض الفتوحات من عسير أو المشاركة معظم الفتوحات الأخرى وكان من
جُل أعمال الأمير محمد بن عامر القيام من مركز إمارته بلدة “طبب” متوجهاً إلى
مراكز القبائل لغرض اللقاء بهم وبأُمرائهم ومشايخهم وأعيانهم أخذاً من أمر
الشورى مؤشراً لمعظمِ أعماله , كما كان من توجهه إلى محايل واللقاء بأميرها
معدي بن شار آل مخالد وقبائله المنتشرة في قضاء محايل وربما تم اللقاء بشيخ
بارق أحمد بن زاهر وشيخ الريش منصور لغرض التشاور وأخذ التدابير اللازمة
لصد هجمات أشراف الحجاز على تلك المواضع وقبائها بواسطة ,,
( 1 ) راجع دور آل المتحمي صفحة 149 , مصدر سابق , ( 2 ) كانت الحملات تتوجه من مقاطعات عسير إلى الحجاز أحياناً لمساندة أمور الحج في عهد أئمة الدرعية – عبد العزيز بن محمد بن سعود – وسعود بن عبد العزيز بن محمد – وعبد الله بن سعود بن عبد العزيز , إذ كانت تقوم معظم الحملات من عسير بقيادة الأمير عبد الوهاب بن عامر أبو نقطة أو خلفه الأمير طامي بن شعيب المتحمي ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير محمد بن عامر أبو نقطة – 11-
حاكم القنفذة أبي بكر بن عثمان , ومندوب الشريف غالب بن مساعد / السيد منديل
بن أبي طالب الذينِ قد تزعما قيادة جيوش الأشراف إلى مواضع حلي وبارق
ومحايل والريش وما في حواز تلك المواضع , إذ هي في علم الأمير محمد بن عامر
من أهم مقاطعات بلاد عسير التهامية والساحلية , وتقع ضمن خارطة إقليم عسير من
قبل تكوين إمارته , فأولى تلك النواحي جُلّ اهتمامه كما قد أولى كافة مقاطعات عسير
من ذلك الاهتمام , إلاّ أن بلدان عسير تلك وسواحلها الشمالية قد تعرّضت لهجوم
حملات الأشراف كما أسلفنا , فكان توجه الأمير محمد بن عامر من طبب إلى أهم
مراكزه في تهامة وهو ” محايل ” واللقاء بالأُمراء والمشايخ والأهالي والأعيان
يُعتبر مما يُشدُّ من أزرهم ويقوّي شوكاتهم ويزيد من عزائمهم ضد حملات الأشراف
كذلك الأمر في توطيد إمارته إبان بواكير مراحلها الانتقالية , وكما هو الأمر في توجهه
إلى بلاد رجال ألمع بنفسه ليقترب من الأهالي ويثبّت من قواعد إمارته في أقرب
الأمكنة من مركزه , وفي أبعدها حتى يستطيع الحفاظ على ما يمكنهُ من توابعِ
إمارة عسير السابقة , وقد كان من أعمال الأمير محمد بن عامر ما كان من مساندته
لقوات حزام بن عامر العجماني والشيخ أحمد حسين الفلقي وشيخ بني شبعة عرار
بن شار في نشر الدعوة إلى المخلاف السليماني , وتم قبول مبادئ الدعوة السلفية
والانضواء تحت لواء الدولة السعودية الأولى,هذا وقد استنتجت من خلال متابعتي
للأحداث والتغيرات في عسير , وامتداد تلك التغيرات إلى داخل المخلاف السليماني
حين ذاك , انه قد ظهر من التنافر الذي كان يغلب عليه طابع التقارب ( 1 ) بين
أُمراء عسير وبين بعض القبائل وأعيانها وكذلك نرى نفس المعيار بين أُمراء ,,
———————————————————————————– ( 1 ) أحاول التدليل على ما استنتجت من التنافر والتقارب عند الشدائد فيما يلي ” ” أ ” أستنتج من تدخل الأمير سعيد بن مسلّط اليزيدي المغيدي ومشايخ عسير في المصالحة بين الأمير محمد بن عامر وبين قبائل رجال ألمع سنة 1216هـ مؤشراً فريداً في حب تغليب وترجيح مصالح المجتمع العليا على الضغائن والمصالح الشخصية , وأستنتج نفس الشيء في الحفاظ على خارطة إقليم عسير بين أُمراء آل يزيد وأُمراء المتاحمة , ” ب ” تحالف الكثير من أُمراء عسير ومنهم سعيد بن مسلّط وعلي بن مجثّل ويحيى بن مرعي إلى جانب الأمير محمد بن أحمد المتحمي ورفاقه من ربيعة ورفيدة مثل – محمد بن عائض بن جبران – و محمد بن أحمد حواّن – وأبو مانع – ومحمد بن زامر ” جثمة ” إضافة إلى معدي بن مهمل من بني مالك – ومشيط بن سالم من شهران – وبن حرملة ومداوي بن شفلوت من قحطان – ومحمد بن دهمان ويحيى بن ناشع من بني شهر من قبائل رجال الحجر , وقد نجم عن ذلك التحالف إخراج قوات حسن باشا المتواجدة في بلدة طبب في منتصف سنة 1232هـ , طالع كتاب دور آل المتحمي من صفحة 147 – 159 , ” ج ” تحالف معظم الأُمراء والقادة السابقين أيضاً مع أُمراء المخلاف السليماني ضد حملات محمد علي باشا على عسير , وعلى أثر ذلك التحالف كان حسن بن خالد الحازمي وحمود أبو مسمار على رأس قوات المخلاف السليماني في سراة عسير وما ذلك إلاّ مناصرةً منهما ومؤازرةً لإخوانهم في الدين والعقيدة والانتماء , ويقيناً منهما أن ما حل ببلاد عسير سيحل بأراضي المخلاف السليماني يوماً ما !, راجع كتاب الأُمراء اليزيديون من صفحة 231 – 254 ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير محمد بن عامر أبو نقطة – 12-
عسير من آل أبي نقطة وبين بعض أمراء المخلاف ومنهم حمود أبو مسمار وحسن
بن خالد الذين قضيا نحبهما فيما بعد وهما يُقاتلان فلول الغُزاةِ الأتراك في ربوع
سراة عسير, ونرى من تحالفَ معظم أُمراء عسير وأُمراء المخلاف السليماني
وقبائلهم عند الصعاب وخطب الملمّات وخطر الشدائد , مِثالاً نادراً لو تتبعنا ما قد
سبق ذلك التحالف من الأحداث بين بعض أُمراء عسير وبعض أُمراء المخلاف
السليماني وما نتج عن ذلك من الخسائر والتبعات التي قد أودت بحياة الكثير من
القادة والأعيان والجند , ولكنهم قد تجاوزوا تلك السوابق وتبعاتها تاركين القوميات
والأحقاد والعصبيات والتنافرِ وراءَ ظهرهم جاعلين من أمر الغزاة الأتراك على الجزيرة
العربية والمنطقتين هماً مُشتركاً وتحالفاً مُظَفّراً وحزماً وصموداً موفقاً مما يبقي
لذلك التحاف أثره البالغ في تاريخ الجزيرة , وتاريخ المنطقتين على مدى التاريخ ,
هذا وبالعودة إلى نهاية إمارة محمد بن عامر الذي قد ذهبَ إلى الدرعية مع بعض
مشايخ ووجها عسير لتتويج المصالحة التي قد جرت بعد الخلاف بينه وبين بعض
المشايخ والقبائل في حين تدخل سعيد بن مسلّط في ذلك الصلح الذي لم يعقبه إلاّ
إطلاع إمام الدرعية عبد العزيز بن محمد بن سعود على ما جرى بين أمير عسير
وبعض قبائله وأعيانهم وربما الموافقة على ما تم الاتفاق عليه من ذي قبل ( 1 )
ومن ثم إعطاء بعض التعليمات للأمير وبعض المشايخ بشأن الأوضاع في المنطقة
ومدى تبعيّة بلدان أولئك المشايخ لإمارة أبي نقطة , وفي أثناء العودة من الدرعية
ربما نحى الأمير والوفد في توجههم طريق الشمال الغربي أكثر من الاتجاه للجنوب
الغربي , ولا بد من أن يكون في ذلك التوجه فوائد وحكم.. وقد يكون منها قصد تتبع
موارد المياه وآمان الطريق أكثر , أو إصلاح بعض الأمور على الطريق , أو لدرئِ
أمورٍ أخرى , إذ أُصيب الأمير محمد بن عامر بالمرض قرب بلدة رنية وتمرّض من
الجدري بها وتوفي هناك رحمه الله سنة 1217هـ ,, ———————————————- ( 1 ) دور آل المتحمي من صفحة 147 إلى صفحة 161 , وللمزيد راجع كتاب الأُمراء اليزيديين من صفحة 168 إلى صفحة 189 , مصدرين سابقين>