صحيفة عسيـر :
رؤية في العصر الجاهلي ..
بقلم : علي العبدلي
عُرف العصر الجاهلي بأنه الفترة التي كانت قبل بعثة سيدنا محمدﷺ
لم يُسمَ هذا العصر بهذا الإسم بسبب الجَهل الذي هو ضد العلم، وإنما بسبب جهلهم بعقيدة إبراهيم عليه السلام كما أورده الدكتور :
” عبدالحميد شمس الدين”
حينما أتى الإسلام أبقى على الخصال الحميدة التي كان عليها العرب في هذا العصر كالشجاعة وصلة الرحم وغيرها من الخصال.
لن أتوسع في حال المرأة في هذا العصر وساكتفي بقول أنها كانت مسلوبة الحقوق..
حينما نذكر العصر الجاهلي لا يتوانى عن الذهن الشعر الذي أمتاز بالصور الفنية والبلاغية والوصف التي نالت الاستحسان كوصف امرؤ القيس في قوله:
ولَـيْـلٍ كَـمَـوْجِ الـبَـحْـرِ أَرْخَـى سُـدُوْلَــهُ
عَــلَـيَّ بِـأَنْـوَاعِ الـهُــمُــوْمِ لِــيَــبْــتَــلِـي
وقوله في وصف خيله :
وَقَدْ أَغْتَدِي وَالطَّيْرُ فِي وُكَنَاتِهَا
بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأوَابِدِ هَيْكَلِ
طرفة بن العبد صوّر الناقة في مُعلقته في أكثر من بيت كقوله:
أَمُونٍ كَأَلْوَاحِ الإرَانِ نَصأْتُهَا
عَلَى لاَحِبٍ كَأَنَّهُ ظَهْرُ بُرْجُدِ
جَمَالِيَّةٌوَجْنَاءُ تَرْدِي كَأَنَّهَا
سَفَنَّجَةٌ تَبْرِي لِأَزْعَرَ أَرْبَدِ
أمتازت قصائد الشعر الجاهلي بالبكاء على الأطلال فهي مرتكزات أساسية في فلسفة الشعر في هذا العصر كقول امرؤ القيس في مقدمة معلقته :
قِـفَـا نَـبْـكِ مِـنْ ذِكْـرَى حَبِـيبٍ ومَنْزِلِ
بِسِقْطِ اللِّـوَى بَيــْنَ الدَّخُـول فَحَـوْمَلِ
وقول زهير بن أبي سلمى :
لِمَنِ الدِّيارُ بِقُنَّةِ الحُجْرِ
أقويْنَ مِنْ حُجَجٍ ومِنْ دَهْرِ
تناول شعراء الشعر الجاهلي من أغراض الشعر:
” الفخر- الحماسة – الهجاء – الرثاء ”
قالت الخنساء ترثي أخاها صخراً:
يا عين مالكِ لا تبكينَ تسكابا؟
إذ رابَ دهرٌ، وكان الدهرُ ريّابا
فابكي أخاكِ لأيتامٍ وأرملةٍ
وابكي أخاكِ، إذا جاورتِ أجنابا
وقول طرفة بن العبد في الفخر :
إِذَا القَوْمُ قَالُوا مَنْ فَتَىً خِلْتُ أنَّنِـي
عُنِيْـتُ فَلَمْ أَكْسَـلْ وَلَمْ أَتَبَلَّـدِ
أَحَـلْتُ عَلَيْهَا بِالقَطِيْعِ فَأَجْذَمَـتْ
وَقَـدْ خَبَّ آلُ الأمْعَـزِ المُتَوَقِّــدِ
كان الشعراء يلقون أجمل قصائدهم في سوق عكاظ المشهور في ذلك الوقت لما يحمل من أهمية بالغة إذ هو أحد أكبر الأسواق الذي تأتيه العرب لبيع بضائعهم وإلقاء القصائد..
قد تربع الغزل وتمكن من الشعر الجاهلي فلا يكاد يخلو شعر الشعراء في هذا العصر من الغزل سواءً كان هو الغرض الأساسي لقصيدته أو لم يكن..
ومن أمثلة الغزل في الشعر الجاهلي:
قول امرؤ القيس:
كأنَّ على أسنانـها بعدَ هـَجـعةٍ
سفرجلَ أو تفاحَ في القندِ والعسلْ
وقول النابغة الذبياني:
صَفراءُ كالسِّيرَاءِ، أكْمِلَ خَلقُها
كالغُصن في غُلَوائِهِ المتأوِّدِ
وقول الأعشى:
كَأنّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جارَتِهَا
مَرُّ السّحَابَةِ، لا رَيْثٌ وَلا عَجَلُ
وقد أبدع في هذا الغرض كثير من الشعراء لا يسعني ذكر الإبداع جُله..
اللغة العربية كانت تشغل بالهم في العصر الجاهلي،،تفاخروا بها وتغنوا بها وأهتموا بها .>