دائماً ما نشتكي من صعوبة مواقف الحياة وتغيراتها، ولكن سرعان ما تزول الشكوى حتى وإن استمرت تلك المواقف.
فتجد نفسك عند بداية أعوامك الدراسية تتأفف من النهوض مبكرا لمتابعة دراستك، ولكن مع مرور شهر وآخر يصبح الاستيقاظ مبكرا أقل مشاكلك، بل ولم يعد مشكلة بالأساس.
كذلك أول أيام إلتحاقك بالعمل وبداية حياتك المهنية؛ يصيبك الخوف من الفشل مصحوبا بإحساس التوهان فلا تعرف من أين أو كيف تبدأ، تتشتت بين أداء مهام العمل وإرضاء المحيطين وإلتزام بمواعيد تسليم الشغل، وكيف تكون جاد وفي نفس الوقت ودود لكسب حب زملائك ومديرك.
عند انفصالك عن صديقك تجد صعوبة في التأقلم على الحياة بدونه وكأنك ولدت معه وفجأة اختفى،
لا تتذكر تفاصيل حياتك قبله ولا تتخيل سير الحياة من بعده، تعتقد أن قلبك سيتوقف عن الحياة ببُعده عنك
ولكن مع الوقت تجد أن حياتك تستقيم بدونه ولن يترك لك سوى خبرة جديدة تضمه لدفاتر خبراتك الحياتية القديمة.
تنتفض لانقطاع الكهرباء صيفا شتاءً ولكنك بعد فترة تعتادها بل وتقوم بتكييف عاداتك اليومية على موعد انقطاع الكهرباء اليومي؛ فتقوم بشحن تليفونك المحمول وإحضار الشمع أو شحن الكشاف الضوئي وتحضير بعض المأكولات الخفيفة وراديو يعمل بالحجارة أو تستمع لمحاضرة تفضلها على تليفونك.
التعايش هي كلمة السر في الحياة، الحياة بتعلمك إن أنت بس اللي بتبدأ صغير وتكبر وما دونك دورته بطريقة عكسية، الحزن والفرح والمشاكل والمصاعب كلها تبدأ كبيرة ومع مرور الوقت تأخذ مسارها للصغر، وهذا من نعم الدنيا؛ فتخيل لو كانت تلك الأشياء تأخذ نفس مسارك للحياة وتكبر بمرور الوقت فأظن أنك كنت ستسعى للإنتحار من أقل مشكلة في فترة تعاظمها.
التعايش نعمة من نعم الله علينا حتى وإن لم ندركها حينها، ولكننا نمر بأوقات نتذكر فيها مصاعب ومشاكل الماضي ونسخر من أنفسنا كم كنا مبالغين في ردود أفعالنا حينها، ومع ذلك نبالغ من جديد في مواقف جديدة ولكن بصور مختلفة عن ذي قبل.
تختلف التجارب والمصاعب وتختلف معها ردود أفعالنا وبتخف حدتها بسبب التعايش…أدامه الله لنا.
عبدالمحسن عسيري>
يعطيك العافية